إن إبداء الرّأي بكلّ تجرّد والإصداع بالحقائق الثابتة بدون مجاملة والتشخيص الصحيح للأخطاء وما ينجر عنها من إخلالات وعلل والكشف عن الثغرات القانونية التي تحيد بالرياضة عن مسارها القويم وتطارح الأفكار بدون حسابات مسبقة لإيجاد الحلول الكفيلة بمعالجة النقائص والهنات إنما هو نقد بناء يستقطب اهتمام الرأي العام الرياضي الذي سئم الانتظار وأضناه الفشل... لكن النقد حتى وإن كان وجيها لا يروق مع الأسف للمسؤولين والمسيرين الرياضيين الذين يعتبرونه نقدا هدّاما لاعتقادهم خطأ أنه موجّه ضدّهم ويتعمّد الإساءة إليهم والإضرار بهم. نعم إنهم ينظرون للنقد كأنه هراء وادّعاء باطل لا يمت للحقيقة بصلة(!!) وفي الحقيقة فنحن متشبّثون بميثاق صاحبة الجلالة ومتشبعون بالمبادئ الحميدة والقيم السمحة التي تفرض علينا التحلّي بالمصداقية والنّزاهة والطهارة لأداء واجبنا الاعلامي على أكمل وجه إرضاء للضّمير.تصوّروا يوم الجمعة الفارط جمعني المكتوب بأحد رموز الرياضة التونسية الذي نكن له الاحترام والإجلال والإكرام إنه سي يونس الشتالي الذي (والحقيقة تقال) حاول مراوغتي بزعمه عدم مشاهدتي لكنّني أصررت على مناداته بكلّ لطف: «يا سي يونس لا تريد مصافحتي من أجل فحوى مقالي الذي يعيب على جامعتك عدم إنجاب قمودي جديد أو زمال أو حتى روين جديد فأجابني: «إينعم أنا مستاء منك ومن نقدك!!! فأنت لا دراية ولا علم لك بأنّ إنجاب بطل عالمي في مستوى محمد القمودي يستوجب عشرة أعوام من العمل الدؤوب بالكمال والتّمام!!! ثم إنّني على رأس جامعة ألعاب القوى منذ عام 2000، لذا فالقمودي المنتظر مازال في أحشاء أمّه وسيولد في إبّانه وكان من المفروض أن تتّصل بي للاستشارة والإنارة حتى تتجنّب الإساءة والإثارة!!! أدهشني ردّ مخاطبي وأذهلتني مقاصده وهي (حسب فهمي المتواضع) أنه يجب على الدولة أن تصرف أموالا طائلة لتوفير تجهيزات عصرية باهظة الثمن وتشييد بنية تحتية بالملايين من الدينارات لتبقى جامعة ألعاب القوى في حالة مخاض طيلة عشرة أعوام لتنجب لنا بطلا من طينة القمودي!! ما رأيكم؟ هل هذا معقول؟! هنا لا بدّ من طرح سؤال بسيط على صديقنا المحترم يونس الشتالي: «ولكن ماذا فعل المغرب الشقيق لإنجاب مجموعة هائلة من الأبطال والبطلات لفترات متعاقبة ومتتالية لم يجنوا من خلالها إلاّ الألقاب مع تحطيم الأرقام القياسية القارية والعالمية ونفس السؤال يتناغم وما قدمته البلدان الإفريقية الفاقدة للبنية التحتية والتجهيزات الضرورية التي نملكها لصنع الأبطال ونعني بذلك على سبيل الذكر لا الحصر أثيوبيا وغانا وكينيا التي تحسدنا على ثروتنا البشرية الخلاقة. إن خلاصة هذا الجدل الودي والمفيد هو الاستبشار بميلاد بطل عالمي من طراز القمودي في سنة 2010 حسب تكهنات السيد يونس الشتالي ووعد الحرّ دين!!!؟ في الختام وتماشيا وواقعنا الرياضي وتسايرا والمصلحة العليا وللارتقاء برياضتنا نحو الأفضل، أقترح على من يهمه الأمر ومن يشاطرني الفكرة بأن نساهم جميعا في إقامة حفل توديع جماعي في آخر هذا الموسم نكرم من خلاله كلّ المشرفين والمسؤولين والمسيرين الرياضيين الذين قدّموا جليل الأعمال للرياضة التونسية ولكن وجب إعفائهم من مهامهم واستبدالهم بذوي الخبرة والحنكة والعلم والمعرفة في فن تسيير دواليب الرياضة وإدارة شؤوننا والتاريخ سيحفظ لهم ذلك وسيشهد لهم بشجاعتهم وجرءتهم... لكن ما أترجّاه من الصّميم هو أن يكون هذا المولود «سبوعي أو ثموني» حتى يأتينا قبل موعده، طالما أنّ اشتياقنا إليه فاق كلّ الحدود!