علمت "الصباح" من مصادر حقوقية مطلعة أن حاكم التحقيق الأول بالمحكمة الابتدائية بصفاقس ختم قبل أيام البحث في ما عرف بقضية شركة "فريقو كونفور" بالعامرة والتي شملت الأبحاث فيها كلا من رجل الأعمال شفيق الجراية (وكيل الشركة) ورضا بطيخ (كاتب عام بمركز ولاية صفاقس سابقا) وعبد الجليل الجطلاوي (مدير جهوي للتجهيز والإسكان بصفاقس سابقا) ومحمد بن سالم (والي صفاقس سابقا) وقرر حفظ تهمتي استغلال موظف عمومي مكلف بمقتضى وظيفه بحفظ مكاسب صفته لإلحاق الضرر بالإدارة والاعتداء على عقار مسجل واللتين وجهتا للمشتكى بهم الثاني والثالث والرابع وحفظ تهمتي المشاركة في ذلك اللتين وجهتا للمشتكى به الأول لعدم توفر الأركان إضافة إلى رفع تحجير السفر الصادر في حق شفيق الجراية منذ تاريخ 16 نوفمبر 2011. وكانت الأبحاث في هذه القضية قد انطلقت بناء على التقرير الصادر عن اللجنة الوطنية لتقصي الحقائق حول الرشوة والفساد بتاريخ 12 أكتوبر 2011 والموجه إلى النيابة العمومية والذي مفاده أن شركة "فريقو كونفور" اقتنت قطعة أرض مساحتها ستة هكتارات بجهة العامرة بمقتضى كتب مؤرخ في 23 مارس 2001، ولكن تبين أن العقار موضوع البيع مشمول بالرسم العقاري عدد 280011 صفاقس الذي هو باسم الدولة التونسية بصفتها مالكة والذي تحول إلى الرسم العقاري عدد 53359 صفاقس، وقد رفضت المحكمة العقارية منذ عام 1995 مطلب التسجيل المقدم في شأنه. وجاء في الشكاية أن رجل الأعمال شفيق الجراية ورغم علمه بملكية الدولة للعقار فقد تقدم بصفته وكيل شركة "فريقو كونفور" للتصدير بمطلب للحصول على رخصة لإقامة بناية لتكييف التمور بالعقار المذكور وذلك بتاريخ 26 فيفري 2007 وعرض المطلب على اللجنة الفنية لرخص البناء ضمن جلستها بتاريخ 20 أكتوبر 2007 فأسند والي صفاقس في تلك الفترة محمد بن سالم رخصة البناء بتاريخ 29 أكتوبر 2007 رغم علمه أن الأرض على ملك الدولة قبل أن تتسلم الشركة قروضا بنكية مقابل رهن العقار والمعدات. تمسك بالبراءة باستنطاق المشتكى به رضا بطيخ كاتب عام بمركز ولاية صفاقس في تلك الفترة أنكر كل ما نسب إليه وتمسك ببراءته وأكد أن شركة "فريقو كونفور" تقدمت بمطلب رخصة بناء (قسط ثان) فعرض على إدارة التجهيز التي قدمت بعض الاحترازات الفنية مع التأكيد على إمكانية تسويتها من طرف طالب الرخصة لذلك تم عرضها على والي صفاقس محمد بن سالم فأدخل تغييرات على القرار والذي أصبح من قبيل الرخصة المشروطة. أما المشتكى به عبد الجليل الجطلاوي فأنكر بدوره كل ما نسب إليه وأكد أنه أصدر قرار التصفيف عدد 69 بتاريخ 29 مارس 2001 طبق القانون والإجراءات المعمول بها، مؤكدا أن القرار لا يقوم مقام رخصة البناء كما أنه لا يمس من حقوق الغير مضيفا أن التثبت في الملكية لم يكن من مهام إدارة التجهيز. ماذا قال والي صفاقس السابق؟ بدوره أنكر المشتكى به محمد بن سالم والي صفاقس سابقا ما نسب إليه وأشار إلى أنه باشر عمله بالولاية في شهر سبتمبر 2007 وقد كان خالي الذهن من تفاصيل موضوع رخصة البناء المسندة لشركة "فريقو كونفور" خلال شهر أكتوبر 2007، مؤكدا أن من أولوياته حينها هي التعرف على الجهة والإدارات الجهوية وغيرها من المشاغل دون التعرض للتفاصيل من قبيل رخص البناء أو غيرها، وهي المهام الموكولة لكاتب عام الولاية باعتباره المستشار القانوني للوالي. شفيق الجراية يبرر أما رجل الأعمال شفيق الجراية فقد أنكر ما نسب إليه وتمسك ببراءته، مؤكدا أن الأرض التي هي على ملكه منذ سنة 2001 قد تمّ إبرام عقدها بالحجة العادلة باسم رجل الأعمال منصف خماخم بوصفه ممثلا له لا غير، مضيفا أن ثمن شراء الأرض الماسحة ستة هكتارات بلغ ربع مليار من المليمات وهو ثمن باهظ حسب قوله اعتبارا لقيمة الأرض في تلك الفترة، مضيفا أنه كان خالي الذهن من أن الأرض موضوع رسم عقاري على ملك الدولة، مشيرا أن عدّة منشآت صناعية وسكنية شيدت على الأرض موضوع الرسم (مساحتها 686 هكتارا) دون أن تتدخل الدولة. وأكد الجراية لدى استنطاقه أنه علم 2008 كانت الأرض على ملك الدولة فسعى إلى تسوية وضعيتها بصفة قانونية وذلك بتقديم مطلب سنة 2009 لتغيير صبغتها الفلاحية اعتبارا لضخامة المشروع المحدث فوقها غير أن مطلبه رفض من الرئيس السابق، وبخصوص رخصة البناء لاحظ ان القرار المؤرخ بتاريخ 29 أكتوبر 2007 سبقه قرار أول منذ سنة 2001 حين إقامة المصنع التابع له. وإثر هذه الاستنطاقات اقتنع حاكم التحقيق ببراءة المشتكى بهم وقرر حفظ التهم في حقهم ورفع تحجير السفر عن رجل الأعمال شفيق الجراية، غير أنه يمكن للنيابة العمومية استئناف القرار.