تشكيلة العين الإماراتي ضد يوفنتوس الإيطالي    الخارجية الإيرانية.. قادرون على مواجهة العدوان الإسرائيلي المدعوم أميركيا    بعد تعرضها للهجوم .. نجوم الفن المصري يدعمون هند صبري بأزمة "قافلة الصمود"    ترامب.. لم أتخذ بعد قرارا نهائيا بشأن إيران    مصر.. الشرطة تحبط مخططا واسعا لتهريب أسلحة نارية إلى البلاد    لجنة الاشراف على الجلسات العامة والمنخرطين بالنادي الافريقي - قبول القائمة الوحيدة المترشحة برئاسة محسن الطرابلسي    بدء الموجة 13 من عمليات "الوعد الصادق 3".. إطلاق صواريخ ثقيلة    تونس – مصر : نحو شراكة معززة في قطاع الصحة    نابل...وفاة طفلة غرقا    وزارة التعليم العالي تفتح مناظرة لانتداب 225 عاملا..التفاصيل..    اليوم انطلاق مناظرة ''النوفيام''    صندوق الضمان الاجتماعي ينفي    التعادل الإيجابي يحسم مواجهة الهلال السعودي و ريال مدريد    فرْصَةٌ ثَانِيَةٌ    الإعلاء    سأغفو قليلا...    محمد بوحوش يكتب: عزلة الكاتب/ كتابة العزلة    الإعلان عن المتوجين بالجائزة العربية مصطفى عزوز لأدب الطفل    معهد باستور: تراجع مبيعات لقاح السل وتوقف بيع الأمصال ضد لسعات العقارب ولدغات الأفاعي وداء الكلب    البطل ياسين الغربي يتألق ويهدي تونس ذهبية 400 متر في صنف T54    شركة "إيني" الإيطالية تعزز استثماراتها في قطاع المحروقات بتونس    لقاء بوزارة الصناعة حول تعزيز التكامل الصناعي التونسي العماني    بطولة العالم لكرة اليد تحت 21 عاما - المنتخب التونسي ينهزم امام نظيره السويسري 31-41    من جوان وحتّى سبتمبر 2025: الشركة التونسيّة للملاحة تبرمج 149 رحلة بحرية    الليلة: أمطار متفرقة محليا غزيرة بالشمال الشرقي والحرارة تتراوح بين 20 و29 درجة    مدير عام الامتحانات: استكمال إصلاح اختبارات البكالوريا    وزارة الفلاحة تدعو كافّة شركات تجميع الحبوب إلى أخذ كلّ الإحتياطات اللاّزمة والإستعداد الأمثل للتّعامل مع التقلبات الجوية المرتقبة    بنزرت: العثور على جثة طفل ملقاة على الطريق    مشاركة اكثر من 500 عارض في النسخة الاولى لمهرجان تونس للرياضة    نابل: مخاوف من تفشي مرض الجلد العقدي ببوعرقوب وإدارة الإنتاج الحيواني تؤكد تلقيح كافة القطيع مع الاستجابة المستمرة للتدخل في حالات الاشتباه    وزارة الداخلية: تنفيذ 98 قرارا في مجال تراتيب البناء ببلدية تونس    عاجل/ تهديد جديد من المرشد الأعلى الإيراني..    الموسيقى لغة العالم ، شعار الاحتفال بعيد الموسيقى    18 اعتداء ضد الصحفيين خلال شهر ماي..    الكاف: اليوم انطلاق توزيع مادتي القمح الصلب والقمح اللين المجمّعة على المطاحن (المدير الجهوي لديوان الحبوب)    عاجل/ تطورات جديدة في قضية مقتل المحامية منجية المناعي..    عجز ميزان الطاقة الاولية لتونس يرتفع بنسبة 10 بالمائة مع موفى أفريل 2025    عرفها التونسيون في قناة نسمة: كوثر بودرّاجة حيّة تُرزق    عاجل - يهم التونسيين المقبلين على الزواج : وزارة الصحة تصدر بلاغا هاما    هام/ هذه أسعار السيارات الشعبية في تونس لسنة 2025..    بطولة برلين للتنس: "أنس جابر" تواجه اليوم المصنفة الخامسة عالميا    المنستير تتقدم: زيادة في الإقبال السياحي وتطوير مستمر للخدمات    تونس تُصدر زيت الزيتون إلى أكثر من 60 دولة    الحماية المدنية تتدخل لإخماد 198 حريقاً خلال 24 ساعة فقط    بعد تعرضها للهجوم .. نجوم الفن المصري يدعمون هند صبري بأزمة "قافلة الصمود"    علاء بن عمارة يصل إلى تونس    عاجل/ آخر مستجدات أخبار قافلة الصمود..    خامنئي يعلن بداية المعركة.. ويدعو للرد بقوة على إسرائيل    كأس العالم للأندية 2025 : صن داونز الجنوب أفريقي يهزم أولسان هيونداي الكوري 1-صفر    تونس تتسلم دفعة تضم 111 حافلة جديدة مصنعة في الصين    3'' حاجات'' لا تخرج من المنزل بدونها فى الطقس الحار    عاجل/ اضراب بيوم في "الستاغ"..    انخفاض في درجات الحرارة... وهذه المناطق مهددة بالأمطار    كأس العالم للأندية 2025 : فوز ريفر بلايت الأرجنتيني على أوراوا ريدز الياباني 3-1    واشنطن قد تدخل الحرب وطهران تتوعد    نسبة امتلاء السدود بلغت حاليا 55 بالمائة    عاجل : عطلة رأس السنة الهجرية 2025 رسميًا للتونسيين (الموعد والتفاصيل)    طواف الوداع: وداعٌ مهيب للحجيج في ختام مناسك الحج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فتاوى دينية لتمرير السياسات
في حكومات بورقيبة، بن علي و"الترويكا"
نشر في الصباح يوم 24 - 12 - 2012

لا يوجد عاقلان في وجود خيط رفيع يربط رجال الافتاء من ائمة وعلماء دين ورجال السياسة على مر التاريخ حيث تحدث المؤرخون عن التلازم بين الرجلين وبالتالي بين الدين والسياسة.ولطالما اجتهد ما اسماهم البعض ب"مفتي البلاط او السلاطين" الى شرعنة ما يقوم به الحكام الذين طوعوا رجال الدين
مستغلين كل السبل اما بالاكراه او الاغراء بمنصب هام في الدولة او امتيازات خيالية.
وتعد ظاهرة هذا النوع من الافتاء قديمة تجدد مع كل نظام حكم يتولى مقاليد الدول بما فيها تونس التي ميزت بعض الفتاوى نظامي بورقيبة وبن علي وحتى الحكومة الحالية.
"الصباح الاسبوعي" القت الضوء على "الفتاوى الدينية ذات البعد السياسي واثرها عبر التاريخ في مقارنة بين الامس واليوم ودور المفتي في هذا الشان.
..غير ملزمة
يؤكد الدكتور وخطيب الجمعة كمال عمران ان الفتاوى بكل انماطها غير ملزمة لانها اجتهادات لعلماء، وقد اصبح لها اهمية في تاريخ الثقافة الاسلامية عندما نزع الناس الى الاخذ عن الرجال من فتاوى- دون العودة الى الكتاب والسنة.ويضيف قائلا:"لا ارى وجها للفتاوى السياسية رغم ان المخيال العربي الاسلامي يقول ' اذا رايتم العالم بباب السلطان فاتهموه' ، فما القول اذا والسياسة جائرة لكن لو كان الفرد عالما بدينه لا يمكن له اتباع عدد من الفتاوى فمرضاة الله سبحانه وتعالى قبل كل شيء والذي يفتي سياسيا فهو مخطئ وفتواه لا تلزم الا شخصه،عموما نحن في حاجة الى التفقه جيدا في الدين لفهم امور كثيرة والتمييز بينها".
3 نقاط
بدوره يشدد المحلل السياسي صلاح الدين الجورشي على ان الحديث عن هذا الموضوع يقود اساسا الى ثلاث نقاط سريعة، حيث يقول:"اولا تبدو العلاقة بين الفتوى والسياسة مستمرة في الزمان والمكان ويعود ذلك الى ثلاثة اسباب تتمثل في المنظومة التشريعية الاسلامية التي لا تضع حدودا فاصلة بين الديني والسياسي وتاريخنا الذي يتحدث عن احتياج الانظمة والسلاطين للشرعية الدينية التي يستمدونها من مصادر متعددة من اهمها وقوف المفتي لصالح السلطان.اما ثالث الاسباب فهو حول وجود نزوع لدى بعض الفقهاء للاقتراب من السلطان لتحقيق اهداف خاصة وهو ما يطلق عليهم ب'فقهاء السلطان'".
تلازم ..
ويتابع محدثنا:"ثاني النقاط تتمثل في دور الفقهاء ورجال الافتاء الذي اعتقد انه مهم وضروري لاضفاء البعد القيمي على الحياة العامة وهم يلعبون دورا ايجابيا في مساعدة المواطنين على تحقيق التوازن وحل المشكلات التي تعترضهم لكن الفقيه كالقاضي يجب ان ينتبه الى حدوده لانه في لحظة من اللحظات قد يفقد دوره ويتقمص دور رجل السياسة.
وبما ان عالم السياسة قام على النسبية ويدور حول المصالح فعلى الفقيه او الامام او الخطيب ان يدركوا بانه سيكون من الخطر ان يتحولوا الى سياسيين من فوق المنابر لانهم يحاولون فرض مواقفهم حول احداث سياسية بحجة انها واجبات دينية. كما ان الواعظ مطالب ابان الصراعات بان يكون عامل توفيق وتهدئة وتقريب لوجهات النظر لا داعيا الى الفرقة والتحريض وهو ما يمكن ان يوقع رواد المساجد في الفتنة ".
اما النقطة الثالثة فقد تحدث الجورشي بخصوصها حول ثقافة المجتهد التي يجب ان تكون واسعة وتنطلق من الواقع المعيش وتمكن صاحبها من بعد النظر وبذلك يقع تنزيل الحكم الشرعي في سياق اللحظة التاريخية التي تسمى حكم المناط (حكم المناط هي حسن تنزيل الحكم على الواقعة) وهو شرط من شروط نجاح الفتوى وفعاليتها والا اصبحت اعادة لانتاج الماضي في سياق تاريخي مختلف وبلا من ان تكون الفتوى اجابة وحلا تصبح جزءا من المشكلة على حد تعبيره.
سياسة "العصا والحلوى"
من جهته يعتبر الدكتور سالم لبيض المختص في علم الاجتماع السياسي ان "علماء السلطان"تاريخيا كانت تمارس معهم سياسة "العصا والحلوى" فاذا قبلوا تبرير سياساتها والترويج لها لدى العامة فهي تكافؤهم وان هم رفضوا تدفعهم الى ذلك بالتهديد والوعيد على حد تعبيره، ويضيف في هذا الشان:"نجد هذا النوع من المفتيين والمشرعنين دينيا لسياسة الحاكم في كل التجارب السياسية ، ولعل اقصى ما عرفته التجربة التونسية هو تبرير افطار رمضان ابان حكم الحبيب بورقيبة وتبرير غلق المساجد زمن بن علي.
عادة ما يستخدم الحكام الائمة للتاثير في الناس لكن ما تختلف به التجربة الحديثة لبلادنا عن التجارب السابقة هو كون السلطة السابقة كانت ذات طبيعة علمانية - مثل بن علي وبورقيبة ليسا رجالي دين- اما تجربة ما بعد الثورة ابان الحكومة المنتخبة ديمقراطيا فان امتلاك الحاكم بالمعنى السياسي للمرجعية الاسلامية او محاولة تقديم نفسه من خلالها كسلطة سياسية وفي الان نفسه امتلاك المؤسسة المسجدية وخطة الامامة بالذات في غالبها وليس كلها- لترويج سياساته وتقديمها لعامة الناس على انها القول الفصل دينيا يشكل نوعا من الخطورة خاصة لما بات بعض الائمة يتكلمون في قضايا لم يرتق الاجتهاد الديني الى ايجاد مواقف تجاهها بوصفها قضايا حديثة لم يخض فيها القدامى مثل قضية الاضراب والنقابيين ..".
إعادة نظر
ويواصل الدكتور سالم لبيض حديثه:"وان كان الدين له راي في الشان اليومي والعام للناس فان الالتقاء بين رجل السياسة والدين بجعل الاول بمنأى عن المحاسبة بوصفه تمثيل لكلمة الله في الارض ، كما ان الثاني سيكون محمي من قبل رجل السياسة حتى وان اخطأ في مواطن صعبة رغم ان كل بني ادام خطاء.
ومن هذا المنظور وجب اعادة النظر في العلاقة بين الرجلين لانها اعطت في التاريخ دكتاتورية دينية بادوات يبايبة ذلك ان التجارب التي عاشتها الشعوب اسست الى رجل دين لحاكم حقيقي وواجهة شكلية لرجل السياسة لان السلطة كلها تتمركز عند رجال الدين وليس السياسة".
أين المفتي؟
في ظل هذا التماهي بين رجلي الدين والسياسة تساءل كثيرون عن دور المفتي في هذه المرحلة وفي غيرها من الحقبات التاريخية حيث جمع بين المنصبين السياسي والديني ، وقد ظهر ذلك جليا ابان عهدي بورقيبة وبن علي اذ غاب الفصل في قضايا خلافية هامة وشائكة.
فمفتي الجمهورية (كما يبينه الأمر 107 لسنة 1962) مستشار الدولة في شؤون الشريعة وأصول الدين والمراسم الإسلامية، ويضطلع بكل ما يسند إليه من مهمات دينية أخرى، مطالب الان اكثر من اي وقت مضى لممارسة مهمته الذي اختير لها خاصة في هذا الظرف الذي كثر فيه الفكر الجهادي التكفيري واختلط فيه الحابل بالنابل والسياسي بالديني.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.