هل يمكن أن نأمل أن تكون السّنة الإداريّة القادمة طالع خير على التونسيّين؟ في الحقيقة من الصّعب أن نجزم بشيء فقد كانت سنة 2012 التي لم يبق منها بحساب الزمن إلا أياما قليلة صعبة جدا كما أن المؤشّرات في أغلب المستويات لا تترك لنا فسحة كبيرة من الأمل بخصوص عام 2013. فالتجاذبات السياسية تأخذ نسقا تصاعديا منذ أشهر وقد بلغت أوجهها في الأيام الأخيرة في إهدار واضح للطاقات وتحوّل جليّ عن اهتمامات المواطن وانتظاراته. العنف بمختلف أشكاله عرف طريقه إلى التونسييّن وتسلل إلى مختلف المنابر وعلى رأسها المنابر الإعلامية. الإصلاحات الإقتصادية والإجتماعية التي تحتاجها البلاد معطّلة في وقت كان من المفروض أننا بلغنا مرحلة مهمة في هذه الإصلاحات التي بدونها لا يمكن بناء المستقبل وفق ما تتوق إليه الأجيال القادمة ووفق ما بشرت به الثورة. الوضع الأمني لم يتحسن كثيرا بل أننا نودع هذا العام وسط مخاوف متزايدة من توسع رقعة نشاط المجموعات التي تهدّد أمن البلاد. المؤشّرات في أغلبها غير ايجابية ولا تطمئن لكن لعلّ الأمور التي تدفع أكثر من غيرها على الإستغراب ولعلّنا نستغلّ المناسبة لدعوة المختصين من علماء الإجتماع وعلماء النفس والأخصائييّن في العلاج النفساني لدراسة المسألة بجديّة ما برهنت عليه فئة من التونسيّين من رغبة في إيذاء الآخر وما أثبتته من قدرة على ذلك. لا قيم ولا تقاليد ولا آداب التعامل التي تربينا عليها أجيالا بعد أجيال أصبحت تعني شيئا في قاموس التعامل اليوم بين الناس لاسيما بين الفرقاء السياسيين. لا شيء يردع ولا شيء يثني عن إيذاء الآخر. ولعل المضحكات المبكيات فعلا تلك الإطلالات المتواترة لرجالات الدولة وللنخب السياسية على الجماهير بالتلفزيونات في جلود الكواسر المستعدة في كل لحظة للإنقضاض على الخصم لتنهشه منتشية بصورتها المفزعة وغير آبهة بردة فعل المواطن الذي يبقى في أغلب الأحيان في حالة دهشة تزيد في يأسه من النخب السياسية بالبلاد. يحدث كل ذلك في لحظة كان من المفروض أننا انتهينا من صياغة دستور البلاد الجديد وأعلنا بعد عن روزنامة سياسيّة دقيقة تحدد تاريخ الإنتخابات التشريعيّة والرئاسيّة القادمة التي نخرج على أساسها من المرحلة الإنتقاليّة. فهل يحق لنا أن نطمع في عام إداري جديد يكون طالع خير علينا؟. من يدري لعل القدر يشفع لهذا الشعب الذي تعب من الأحلام المجهضة والوعود المؤجلة.