في مجلس وزاري مضيّق ... إجراءات لتحسين النقل والخدمات للتونسيين بالخارج    دعوة الى إنصاف عاملات الفلاحة    في ظل غياب الموقف الرسمي الليبي...ليبيا تستقبل آلاف المجرمين المرحّلين من أمريكا ؟    مع الشروق : الإرادة اليمنية تكتب فصول العزّة    روايات الأمين السعيدي في الصالون الدولي للكتاب بسوسة    الشرع: نخوض مفاوضات غير مباشرة مع إسرائيل عبر وسطاء لتهدئة الأوضاع    كندار.. وفاة شخص وإصابة 5 اخرين في اصطدام حافلة نقل عملة بشاحنة    ماكرون: سأسعى لرفع العقوبات الأوروبية عن سوريا تدريجيا    مصر.. رفض دعاوى إعلامية شهيرة زعمت زواجها من الفنان محمود عبد العزيز    ولاية أريانة تستعد لانطلاق فعاليات الدورة 29 لعيد الورد من 9 إلى 25 ماي 2025    كاس امم افريقيا لاقل من 20 سنة: المنتخب التونسي ينهزم امام نظيره المغربي    يصل إلى مطار تونس قرطاج 10 مساءً: بطل الحساب الذّهني إلياس معلّى الثاني عالميا من بين 30 دولة    الليلة: أمطار مؤقتا رعدية مع تساقط محلي للبرد    وزير السياحة يتباحث مع نظيره الكونغولي سبل تطوير التعاون ودعم الربط الجوي    رئيس المنظمة الفلاحية: أضاحي العيد متوفرة وأسعارها ستكون في حدود أسعار الموسم الماضي أو أقل    كرة اليد: نضال العمري يعزز صفوف الترجي في بطولة إفريقيا    تحويل جزئي للمرور على مستوى مدخل المروج وفوشانة بداية من مساء الأربعاء    المحامي غازي المرابط: "مراد الزغيدي مسجون بسبب تحليلاته النقدية.. والقضية المثارة ضده لا تحمل أدلة مادية"    بطولة الرابطة الثانية: موعد المباريات    بشبهة مسك وحيازة مخدرات: الإبقاء على لاعب دولي في كرة اليد بحالة سراح    مطار قرطاج: ضبط كمية من الذهب وايقاف مسافرتين    عاجل/ نسبة إمتلاء السدود الى حدود اليوم الأربعاء    مؤشرات إيجابية للنشاط التجاري للخطوط التونسية للفترة المتراوحة من أكتوبر 2024 إلى مارس 2025    أنس جابر تعود لملاعب روما في هذا الموعد    الدوري الأوروبي: أتليتيك بيلباو يعلن غياب الشقيقان وليامز عن مواجهة مانشستر يونايتد    أمينة الصرارفي تبحث واقع مراكز الفنون الدرامية وتدعو لترشيد النفقات    اجتماع تنسيقي بين وزارة الشؤون الثقافية واتحاد إذاعات الدول العربية تحضيرا لمهرجان الإذاعة والتلفزيون    نفوق 7 أبقار بالمهدية.. الاتحاد الجهوي للفلاحة يوضح    سيدي بوزيد: اللجنة المحلية لمجابهة الكوارث بسيدي بوزيد الغربية تنظر في الاستعدادات لموسم الحصاد وفي سبل التصدي للحشرة القرمزية    حي التضامن: القبض على 03 من مروّجي المخدرات وحجز كميات من الكوكايين والإكستازي    الديوانة التونسية تحبط عمليات تهريب قياسية: محجوزات بالمليارات    تحذير هام من الإستخدام العشوائي للمكمّلات الغذائية.. #خبر_عاجل    كيف تتصرف إذا ''لسعتك عقرب والا عضّتك أفعى''    عاجل/ البحر يلفظ جثة بهذه الولاية    كل ما تريد معرفته عن الازدواج الضريبي للتونسيين بالخارج    هذه أسعار أضاحي العيد بهذه الولاية..    اليوم في المسرح البلدي بالعاصمة: فيصل الحضيري يقدم "كاستينغ" امام شبابيك مغلقة    حماس تدعو إلى ملاحقة قادة الكيان الصهيوني أمام المحاكم الدولية كمجربي حرب..#خبر_عاجل    مصر وقطر في بيان مشترك: جهودنا في وساطة غزة مستمرة ومنسقة    منظمة إرشاد المستهلك تعبّر عن انشغالها بشأن عدم تطبيق بعض البنوك للفصل 412 جديد من المجلّة التجاريّة    عاجل/ نفوق عدد من الأبقار ببنزرت..وممثّل نقابة الفلاحين بالجهة يكشف ويُوضّح..    أطعمة تساهم في خفض ضغط الدم دون الحاجة لتقليل الملح    وليد بن صالح رئيسا للجامعة الافريقية للخبراء المحاسبين    هام/ موعد اختتام السنة الدراسية..وتفاصيل روزنامة الامتحانات..    وزير التشغيل والتكوين المهني يدعو الى ترويج تجربة تونس في مجال التكوين المستمر دوليا    سامي المقدم: معرض تونس للكتاب 39... متاهة تنظيمية حقيقية    وزارة الصحة: احمي سَمعِك قبل ما تندم... الصوت العالي ما يرحمش    تفعيل خدمات النفاذ المجاني للأنترنات بمطارات صفاقس وتوزر وقفصة وطبرقة وقابس    عاجل : وزارة التجهيز تعلن عن موعد انتهاء أشغال تهيئة المدخل الجنوبي للعاصمة    الصين: روبوت يخرج عن السيطرة و'يهاجم' مبرمجيه!    هدف فراتيسي يحسم تأهل إنتر لنهائي رابطة الأبطال بفوز مثير على برشلونة    بطولة الكويت - طه ياسين الخنيسي هداف مع نادي الكويت امام العربي    كوريا الشمالية.. الزعيم يرفع إنتاج الذخائر لمستوى قياسي ويعلن الجاهزية القصوى    قبل أن تحج: تعرف على أخطر المحرمات التي قد تُفسد مناسك حجك بالكامل!    دليلك الكامل لمناسك الحج خطوة بخطوة: من الإحرام إلى طواف الوداع    كل ما تريد معرفته عن حفلة ''Met Gala 2025''    ملف الأسبوع.. تَجَنُّبوا الأسماءِ المَكروهةِ معانِيها .. اتّقوا الله في ذرّياتكم    أولا وأخيرا: أم القضايا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عندما تكون سيّد نفسك تكون حرّا
الشاعر صابر العبسي:
نشر في الشعب يوم 30 - 04 - 2011

❊ تبحث النخبة التونسية عن ثقافة بديلة أو بديل ثقافيّ في ظل ركود سيطر عليها سنوات طويلة، كيف ترى هذا البديل مستقبلا؟
عن أية نخبة نتحدث لا سيما أن نبض الشارع تجاوزها!؟ عن أية نخبة نتحدث وهي في الحقيقة أَوْهَن من بيت العنكبوت، أَوْهَن من الوهن في حدّ ذاته، لأنها ابتليت بالتملق والمحسوبية والادعاء، فباتت هذه الصفات المشينة علامات عالمية مسجلة تدل عليهم واحدا واحدا...
عن أية نخبة نتحدث؟ هل هي تلك التي ناشدت وبايعت واستحوذت وما زالت على كل المنابر الاعلامية والهياكل الثقافية والمهرجانات والندوات والامسيات باسم الشعر، يسألونك عن الشعر التونسي: قل قليل قلة ماء الوجه هذه الايام!
شعبنا الأبيّ خاض معركة مصيره أعزل من طليعته ومن نخبه فهل يحق لهذه النخبة اليوم ان تنادي بثقافة مغايرة!؟ وهل يحق لها ان تطل فجأة كالفطر فارضة نفسها ملهمة ومرشدة لآلام الجماهير وآمالها!؟
في خضم هذا كله أؤكد ان الثقافة مشجب للثورة والثورة هي الثقافة بعينها وما على المثقف العضويّ الا ان يذهب بعيدا في ممارسة دوره التنويري والتثويري لا كإلاه أو نبيّ وإنما كإنسان يٌنشد إنسانيّته في الآخرين تضحيةً. وما الحديث عن ثقافة بديلة أو عن بديل ثقافي الا حديث عن مشروع ثقافي وطني متكامل.ومن متطلبات ان تكون الثقافة وطنية نابعة من رحم هذه الأرض التونسية ان يكون القرار السياسي للبلاد وطنيا فأنت عندما تكون سيد نفسك تكون حرا وان تكون حرا معناه ان تكون انسانا له حق الاختلاف في شكل الاقامة على هذه الارض. فالسياسي والثقافي يتعاضدان ويتكاملان. ان بيان حزب مّا هو في الحقيقة لا يتعارض وقصيدة مّا، لكن في تونس الاحزاب تعمل بجد دائما على ترويض المثقف وتدجينه، وبالتالي هذه الأحزاب تحمل مشاريع مبتورة لا يمكنها ان تذهب في لجّة العملية السياسية بعيدا. إن هي ظلت تعتبر المثقف (الشاعر والكاتب والمفكر) تابعا وبوقًا لها!
❊ تَسْعَوْنَ منذ مدة إلى تأسيس حركة شعرية جديدة ضد السائد والمألوف، ما هي آفاق هذه الحركة في ظل تهميش الأحزاب للعمل الثقافي؟
أمس عندما أفضى بي قطار الانفاق الى الجامعة كما لو أنني كسْر عروضيّ طارئ طال جمجمة المدينة كنت اعتقد وما أزال انا وجيلي جيلُ الألفية الثالثة جيل الغربة والتشرد، جيل الثورة، أننا نقطع نهائيا مع بؤس المشهد، مع سكونيته الحادة كشفرة حلاقة صدئة، مع فراغه المتلف للبصر والبصيرة لنؤسس مرحلة ابداعية جديدة خصبة تستمد من الحداثة أنوارها .وَعْينا ان القصيدة أمضى من سلاح .وَعْينا الانفلات من عقال المطلقات الثابتة. وَعْينا في أن القصيدة تخلق قوانينها لحظة انكتابها.
تبين لي تجربةً وممارسةً ان المشهد الشعري التونسي يرزح منذ عقود تحت وطأة الموت والموتى، يشكو عطالة طالت دورته الدموية فتبدّى منكفئا مٌقْعدًا لا يكِفّ عن كونه طلسما باعثا للرّيْبة ومُقرفا، مقفرا باعتباره مرتَعا مروعًا للرّذائل والبذاءات في أبهى أبّهة، مما يفرض علينا وصفه بالمدجنة او لنقل انه بركة آسنة متعفّنة راكدة ركود الميّتين في مقابرهم...
أرى أن الحرس القديم موبوء بالعقم فتراهم ولن تراهم الا غرقى لعابهم المسموم يتحفّزون للاقتتال سلاحهم عوراتهم اي قصائدهم أعني نفاياتهم التي لا تعدو ان تكون إلاَّ سعالا وشعوذات وطلاسم لا تجمعهم الا حياكة الدسائس والشائعات والأباطيل لا يتورعون عن إسقاط كل عصفور قروي لا يقلّد نعيقهم ولا ينحٌو عاداتِهم!
كل ذلك يحدث تحت وقع المحاباة تصفيقًا وتهليلا من جهة ومن جهة أخرى يندرج ضمن »لعبة إغماض العينين« إضحاكًا وتَسليةً. باختصار شديد ما من شيء يسر أحدا ولا نملك، نحن الجيل الجديد، الا ان نعْمد الى رشق تلك البركة بالحجارة والبيض واعقاب السجائر ولن نتردد أو نتكاسل في اقتلاع تلك الطفيليات والطحالب الهشّة.
فهي مأهولة بالنكوص تحمل داخلها مشروع اندحارها بلا رجعة وما علينا انسانيا الا مساعدتها على ان تمضي قٌدٌمًا نحو أفولها المفرح حتما!
ما يلزمنا فعله بالضبط بوصف أولئك عميانا في حضرة النور ان نكسر عكاكيزهم ونشعل النار في تلابيبهم ونرشدهم الى مقابرهم كرما منّا. نعدهم بتماثيل ومدائح، نعدهم بأوسمة وأشرطة ملوّنة تزركش توابيتهم نعدهم بجنازات باذخة لن نَمْشِي فيها الا مصفّرين مقهقهين راقصين رقص الدّبكة.ان تأسيس حركة شعرية فكرية معناه انبعاث جديد لثقافة وطنية سوف يعمُ خيرٌها العالمَ!
❊ يرى البعض أن الإعلام كان حلقة الفراغ التي عمّقت قتامة المشهد الثقافي، ما هي شروط نهوضه؟
ان الاعلام التونسي بعد الثورة واندلاعها أخطر من النظام البائد في حد ذاته، لئن تعددت الصحف والوسائل والوسائط في نقل الوقائع ومحايثة الشأن الوطني الا أنها مَشٌوبة باللّبس من حيث التعامل والتناول بمعنى ان الاعلام الثقافي ظل رهين الرقابة والتعتيم وعاش رهين طغمة تابعة وموالية لأجندة أجنبية!؟
فكيف نطالبها ببثّ ثقافة وطنية وهي المجتهدة بكل حزم في حجب الحقيقة، كيف نطالب الجلاد ان يكون وردة او عصفورا؟
شخصيا أقرأ الصحف اليومية لكني لا ألمس تحوّلا جذريا في متابعتها لواقع الجماهير الثائرة لا ألمس الا تسطيحا وتهميشا.
ان الاعلام الحر والوطني من شأنه ان يعيد للعقل مكانته وللانسان التونسي مواطنته وانسانيّته!
وبالتالي يعدّ الاعلامٌ السلطةَ الأولى في تغيير نظرة المجتمع للعالم والاشياء والقيم والممارسة فمن لا يملك اعلاما وطنيا حرا لا يمكنه ان يؤسس لثقافة جماهيرية وطنيّة تعانق الانسانية!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.