الخطوط التونسية دون مضيفين ومضيفات..!    تونس تتلقى دعوة للمشاركة في قمة "استثمر في باوتشي"    هذه أسعار أضاحي العيد بهذه الولاية..    مصر وقطر في بيان مشترك: جهودنا في وساطة غزة مستمرة ومنسقة    مزاد على قميص صلاح... قيمته تتجاوزال 50 مليون    بداية من بعد ظهر اليوم: أمطار غزيرة ورياح قوية    بعد ظهر اليوم:سحب رعدية وأمطار غزيرة    الدورة الثانية للتظاهرة الثقافية 'عودة الفينيقيين' يوم 11 ماي بولاية بنزرت    الدورة الخامسة لتظاهرة اليوم البيئي يوم الاحد المقبل بمدينة حمام سوسة تحت شعار 'بيئتنا مسؤوليتنا'    اليوم في المسرح البلدي بالعاصمة: فيصل الحضيري يقدم "كاستينغ" امام شبابيك مغلقة    أطعمة تساهم في خفض ضغط الدم دون الحاجة لتقليل الملح    عاجل/ نفوق عدد من الأبقار ببنزرت..وممثّل نقابة الفلاحين بالجهة يكشف ويُوضّح..    وليد بن صالح رئيسا للجامعة الافريقية للخبراء المحاسبين    رفض الإفراج عن الخطيب الإدريسي وتأجيل محاكمته إلى جوان المقبل    خبير بنكي: استعمال ''الكمبيالة'' يزداد وإقبال كبير من الشركات    في تونس: 5 سنوات سجنا لمن يمتنع عن إنقاذ شخص    وزير التشغيل والتكوين المهني يدعو الى ترويج تجربة تونس في مجال التكوين المستمر دوليا    هام/ موعد اختتام السنة الدراسية..وتفاصيل روزنامة الامتحانات..    يقطع الكهرباء ويجدول الديون.. القبض على شخص ينتحل صفة عون ستاغ..    يهم أولياء تلاميذ المدارس الابتدائية: تعرفوا على روزنامة الامتحانات المتبقية    قفصة: أفاعي سامة تهدد التونسيين في الصيف    تونس: أسعار ''علّوش'' العيد بين 800 و مليون و200 دينار    باريس سان جيرمان وأرسنال..موعد المباراة والقنوات الناقلة    ترامب يدعو إلى التهدئة بين الهند وباكستان    سامي المقدم: معرض تونس للكتاب 39... متاهة تنظيمية حقيقية    مهم للحجيج التونسيين: الضحية ب 192 دولارًا والسعودية تُحدّد الجهات الرسمية    واشنطن تُسرّع خططها لضم غرينلاند.. تقارير تكشف تعليمات سرية للمخابرات الأمريكية    نفوق الأبقار: فلاحو بنزرت يستغثون    تفعيل خدمات النفاذ المجاني للأنترنات بمطارات صفاقس وتوزر وقفصة وطبرقة وقابس    وزارة الصحة: احمي سَمعِك قبل ما تندم... الصوت العالي ما يرحمش    المهدية: تحيّل باسم ''الستاغ'' وسلب أموال المواطنين    الإصابة تنهي موسم المهاجم الدولي إلياس سعد    عاجل : وزارة التجهيز تعلن عن موعد انتهاء أشغال تهيئة المدخل الجنوبي للعاصمة    هدف فراتيسي يحسم تأهل إنتر لنهائي رابطة الأبطال بفوز مثير على برشلونة    بطولة الكويت - طه ياسين الخنيسي هداف مع نادي الكويت امام العربي    الصين: روبوت يخرج عن السيطرة و'يهاجم' مبرمجيه!    قتلى وجرحى في قصف متبادل بين الهند و باكستان    واشنطن تعلن تهريب خمسة معارضين فنزويليين من داخل كاراكاس    كوريا الشمالية.. الزعيم يرفع إنتاج الذخائر لمستوى قياسي ويعلن الجاهزية القصوى    ر م ع ديوان الحبوب: جاهزون للموسم الفلاحي    تنصيب الأعضاء بمباركة الوزارة...تعاونية الرياضيين مكسب كبير    المهدية: اختتام مهرجان الوثائقي الجوّال في نسخته الرابعة: الفيلم المصري «راقودة» يفوز بالجائزة الأولى    في تعاون ثقافي قطري تونسي ... ماسح الأحذية» في المسابقة الرسمية للمهرجان الدولي للمونودراما    أقر اجراءات استثنائية.. مجلس وزاري مضيق حول تحسين جودة قطاع النقل    ديناميكية التحويلات: مساهمة حيوية للمغتربين في دعم الاقتصاد التونسي    زغوان: امتلاء سدود وبحيرات الجهة بنسبة تتجاوز 43 بالمائة    افتتاح مقر جديد بتونس للشركة السويسرية "روش فارما" بتونس وليبيا    قبل أن تحج: تعرف على أخطر المحرمات التي قد تُفسد مناسك حجك بالكامل!    ثورة في عالم الموضة: أول حقيبة يد مصنوعة من ''جلد ديناصور''    تظاهرة ثقافية في باجة احتفالا بشهر التراث    دليلك الكامل لمناسك الحج خطوة بخطوة: من الإحرام إلى طواف الوداع    منزل بوزلفة: الاحتفاظ بتلميذ من أجل إضرام النار بمؤسسة تربوية    هام/ تطوّرات الوضع الجوي خلال الأيام القادمة..    المنتخب التونسي في ثلاث مواجهات ودية استعداداً لتصفيات مونديال 2026    كل ما تريد معرفته عن حفلة ''Met Gala 2025''    بطولة روما للتنس :انس جابر تستهل مشوارها بملاقاة التشيكية كفيتوفا والرومانية بيغو    ملف الأسبوع.. تَجَنُّبوا الأسماءِ المَكروهةِ معانِيها .. اتّقوا الله في ذرّياتكم    أولا وأخيرا: أم القضايا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حتى لا نبني ديمقراطية كاريكاتورية تهريجية
كلمتي
نشر في الصباح يوم 28 - 12 - 2012

بينت جملة من الأحداث والحوادث التي عشناها منذ انتخاب المجلس التأسيسي أن حداثة عهدنا بالتجربة الديمقراطية، أي تجربة الفرز والاختيار، إضافة إلى حالة التصحر الشامل التي كرّسها نظام بن علي على امتداد أكثر من عقدين من الزمن،
بصحافته الصفراء وبمرتزقته في السياسة والأدب والفن وبآلة الإرهاب والترويع مثلتا معبرا مكّن بعض التافهين والانتهازيين ومن لفّ لفّهم من الفوز بثقة الناخبين، وهي ثقة ما لبثوا أن تنكروا لها بمجرد وصولهم إلى مدارج المجلس ولن أذهب بعيدا للبحث عن دليلي على ذلك فيكفي استعراض جملة الاتهامات التي وجهها بعض النواب إلى بعضهم الآخر تحت قبة المجلس أو عبر وسائل الإعلام لإقامة الحجة على ما أزعم.
فهذه اتهامات بالفساد والمحسوبية وهذه اتهامات بالجري وراء المال السياسي وبيع الذمة وهذه انشقاقات لا تنتهي وقفز من حزب إلى آخر رغم تباعد الأطروحات والرؤى وإذا أضفنا إلى كل ذلك المشهد المزري المذكر بعهد طوته الثورة وخلنا أنه ولّى وانقضى للتكالب على الامتيازات في فترة صعبة جدا على شعبنا وعلى اقتصادنا كانت تفترض تقديم التضحيات قبل البحث عن المكافآت، فإن الصورة السلبية تكتمل.
فالترفيع في مرتبات النواب، الذي أقروه لأنفسهم بأنفسهم «تحت ظلمة الليل» ثم المطالبة ب....منحة لكتابة الدستور !! ثم السعي للفوز بجراية تقاعد عمرية... كل ذلك يدفع لا محالة إلى التساؤل حقا عن مدى وعي قسم من نوابنا بالمسؤولية المناطة بعهدتهم ومدى أهليتهم بتمثيل الشعب في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخه أو في غيرها من المراحل... العادية.
إنه ولئن لم يكن في مصلحة أي طرف غيُور على وطنه «تشليك» المجلس أكثر فإنه لا بد أيضا من وضع نوابنا أمام مسؤولياتهم وتقديم مرآة لهم ليطلعوا على الصورة التي عكسوها للرأي العام، كما أنه لا بد من استخلاص بعض الدروس التي قد تساعد الناخب على اختيار أفضل وأكثر عقلانية في الانتخابات القادمة.
وإن نسبة الغيابات عند عقد الجلسات العامة كافية لوحدها لتبين درجة اللامسؤولية لقسم لا يستهان به من «ممثلي الشعب» فقد أصبح إلغاء الجلسات لعدم اكتمال النصاب وآخره أول أمس أمرا شبه عادي...
وما دامت الحال هذه فلا غرو أن تستغرق كتابة الدستور كل هذا الوقت بينما أكد عديد المختصين في المجال من الأجانب الذين زاروا بلادنا أو الذين يتابعون عن كثب مسيرة بناء المؤسسات الديمقراطية فيها أن الفترة العادية لكتابة دستور تتراوح بين ثلاثة وستة أشهر لا غير.
إن هواجس قسم من نوابنا تبدو غير تلك التي انتخبهم الشعب من أجلها.
فها إن بعضهم يرعد ويزبد لأن قنوات التليفزيون لا تستدعيهم للمشاركة في الحوارات والملفات التلفزية بل هناك منهم من يتأهب لرفع قضية عدلية ضد التلفزة الوطنية من أجل ذلك... وقد علمت أن بعضهم يتوسل في الخفاء لبعض مقدمي البرامج للظهور في التليفزيون... لكي يشاهدهم دون شك أبناؤهم وزوجاتهم ويتفاخرون بهم لدى الأصدقاء والجارات وحتى «يخدموا» أنفسهم استعدادا للانتخابات القادمة.
إنني أكرر مرة أخرى أنه لا مصلحة لأي طرف في «تشليك» مؤسسات الجمهورية ومن بينها المجلس التأسيسي السلطة الأولى في البلاد ولكن ما باليد حيلة فقسم من النواب هم للأسف من بادروا بذلك وإن من أولى الأولويات حاليا، حسب تقديري، مراجعة قانون الأحزاب والجمعيات أيضا لغربلة أكثر ما يمكن من الأحزاب «الحوانيت» وللحيلولة دون «تسميمها» للحياة السياسية كما هو الحال حاليا وحتى تتضح الرؤية للناخب في المواعيد القادمة إذ لا يقعل أن يكون لنا قرابة المائتي حزب وأن تضيع أصوات قسم كبير من الناخبين هباء، وأن نجد قسما كبيرا من الحمقى حتى المجانين بالمعنى الحقيقي لا المجازي رؤساء أحزاب وعلى رأس جمعيات فضفاضة الإسم، إن حالة الفوضى الحالية تهدد ديمقراطيتنا الناشئة بأن تصبح كاريكاتورية فولكودية تضيع فيها مصالح البلاد والعباد.
فلا بد من إقرار ضوابط وشروط معينة كجمع عدد أدنى من نوايا الانخراط مثل وجود مقر وفروع وميزانية للحصول على تأشيرة حزب مع ربط التمويل العمومي بكل هذه الشروط إضافة إلى شرط الحصول على حد أدنى من أصوات الناخبين على أن يكون التمويل لاحقا للحملة الانتخابية لا سابقا لها.
كما لا بد من ماض نضالي، أو من شهادة جامعية أو غير ذلك من الشروط لتكوين جمعية فقد وضعتني الصدف مؤخرا مع شخص أعرفه معرفة وثيقة منذ مطلع الثمانينات كان تاجر جملة وأفلس ودخل السجن من أجل صكوك بدون رصيد وانفجرت عائلته مما مثل صدمة بالنسبة له ذهبت بعقله وجعلته يتردد على مستشفى الرازي بانتظام وقد فوجئت به يومها يسلمني «بطاقة شخصية» تفيد أنه رئيس جمعية ذات إسم «كبير» فضفاض ويدعوني للانخراط فيها واعدا إياي بمنصب كبير في هيأتها !!
إن توفير الأسس السليمة لممارسة حياة ديمقراطية تستحق هذا الاسم يتطلب حدا أدنى من التنظيم ونحن نوجد حاليا في وضع استعجالي يفرض ذلك ويجعل منه ضرورة قصوى تأهبا للمواعيد الانتخابية الوشيكة التي ستحدد مصير البلاد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.