يتواصل الصراع في الميدان الإعلامي بعد الثورة بين مناهضي الحرية والاستقلالية والمدافعين عنها وتتكرر بين فترة وأخرى استقالة بعض المسوؤلين أو إقالتهم على غرار مدير إذاعة صفاقس ومدير إذاعة المنستير ومؤخرا الباحث الإعلامي ومدير إذاعة تونس الثقافية جمال زرن، الذي استقال من منصبه حتى لا يتحول لشرطي إعلام حسب ما ذكره في الندوة الصحفية التي عقدها أول أمس بمقر النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين. وفي تصريحه "للصباح" أكد جمال زرن أنه رفض أن يمارس الوصاية الإعلامية والرقابة على صحفيي الإذاعة والمثقفين المؤثثين لبرامجها على غرار ركن "الآن وهنا " للأستاذ الجامعي مختار الخلفاوي والإعلامي سفيان العرفاوي، الذي يقدم برنامج يواكب الأحداث الآنية وتطرق في إحدى حلقاته إلى الفساد الإداري في المؤسسات العمومية ومنها الإذاعة التونسية. واعتبر جمال زرن تداخل الأدوار وعدم فصل الإدارة عن التحرير ضمن المؤسسات الإعلامية العمومية ينذر بخطر على حرية التعبير التي دونها لن يتحقق الانتقال الديمقراطي وأضاف محدثنا نطمح اليوم لمقاربة إعلامية مهنية وحرفية تضمن حرية التعبير ومصداقية المعلومة وشدد على أنه طالب بالإدلاء بشهادته أمام لجنة الاستماع بالمجلس الوطني التأسيسي من منطلق إيمانه بأن نواب الشعب هم العين التي عليها مراقبة ما يحدث في المؤسسات العمومية ومنها الإعلامية خاصة وأن 80 بالمائة من القطاع الإعلامي هو عمومي. وذكر الأكاديمي جمال زرن أن إذاعة تونس الثقافية ثرية بالكفاءات القادرة على الإضافة للمشهد الإعلامي والثقافي في البلاد غير أن القيود الرقابية والإدارية تعرقل برامجهم على غرار العراقيل، التي وضعت أمام المشاريع المقترحة من قبله في فترة تسيره للإذاعة ومنها تغطية مباشرة لاحتفالات الثورة بسيدي بوزيد في17 ديسمبر الحالي كما تعرض للانتقاد الإداري لمضامين تغطية الإذاعة للتظاهرات الفنية الكبرى ومنها معرض تونس الدولي للكتاب وأيام قرطاج السينمائية. من جهته، أثار الإعلامي سفيان العرفاوي في تصريحه "للصباح" مسألة تخلي جمال زرن عن منصبه في إدارة إذاعة تونس الثقافية معتبرا إقالته محاولة لإهانته لكنه قرر أن يقدم استقالته من منطلق أخلاقي حتى لا يتحول من أستاذ وأكاديمي وصاحب عدد من المؤلفات المختصة في المجال الإعلام إلى بوليس يكتب التقارير ويمتهن الوشاية وأضاف محدثنا أنه يستشعر خطر على مؤسسة الإذاعة ينبئ بعودة الوصاية واصفا الفصل بين التحرير والإدارة بالوهم الكبير. وعن علاقته بالضغوط المفروضة على المدير السابق لإذاعة تونس الثقافية، كشف سفيان العرفاوي أن ذكره لوجود فساد إداري في مؤسسة الإذاعة التونسية وترحيبه بالخبراء والمسؤولين لمتابعة هذه المسألة على المباشر في إحدى حصص برنامجه الاستقصائي والتي تناولت بالنقاش الفساد الإداري جعله في موضع بطانة وفرض على جمال زرن كتابة تقرير وتحويله للتحقيق غير أن رفض مدير الإذاعة ممارسة هذه الانتهاكات خصوصا وأنه تأكد بعد استماعه للحلقة المعنية بالفساد الإداري توفر مختلف المعايير المهنية لانجازها فرض عليه ضغوطات أكبر من الإدارة العامة لمؤسسة الإذاعة فخير الانسحاب على التعدي على حرية الإعلام وميثاق شرف المهنة. ولفت سفيان العرفاوي انتباهنا إلى قناعته بما قدمه في برنامجه الاستقصائي وتمتعه بالحرفية في عمله رغم أنه لا يستبعد أن تتم معاقبته في القريب من طرف الإدارة كما يتوقع أن تستدعيه النيابة العمومية للإدلاء بشهادته في مسألة الفساد الإداري بمؤسسته قائلا:"سأكون على استعداد تام لهذه الشهادة فبحكم عملي ل16 سنة بالإذاعة التونسية أملك من المعلومات ما يخول لي مساعدة السلطات المعنية لكشف الفساد الإداري بالإذاعة." تجدر الإشارة إلى أنه وقع تعيين الإعلامية حذامي العيساوي مديرة لإذاعة تونس الثقافية خلفا للأستاذ الجامعي والباحث جمال زرن.