اعتبرت أستاذة القانون الدولي سلمي السميري أن قانون تحصين الثورة الصادر عن 5 كتل بالمجلس التأسيسي، قانونا اقصائيا على أساس الانتماء السياسي وهو ما يتناقض مع المادة 25 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية.. ويعد مسا من مواطنة الناخب.. عبر حرمانه من ممارسة حقوقه السياسية (الترشح للانتخابات والحق في الانتخاب).. ورأى أمين محفوظ أستاذ القانون الدستوري بدوره خلال المائدة المستديرة التي نظمتها أمس جمعية البحوث في الانتقال الديمقراطي، أن قانون تحصين الثورة يتناقض مع نص مسودة الدستور.. وفسر ذلك استنادا الى الفصل 3 والفصل 5 والفصل 43 من مسودة الدستور التي تؤكد على المساواة بين جميع المواطنين في الحقوق والواجبات والحق في الانتخاب والترشح.. و خلص محفوظ الى أن قانون تحصين الثورة يتناقض ونص الدستور ويعود ذلك حسب رأيه الى غياب محكمة دستورية تشرف على مراقبة دستورية القوانين.. وأشار استاذ القانون الدستوري الى أن مشروع قانون تحصين الثورة يتضمن خلطا بين المسؤولية الجزائية والمسؤولية السياسية فضلا عن أنه يحمل دعوة ضمنية الى العنف اعتبارا أن القانون يفتح المجال أمام تصفيات شخصية مبنية على خلافات وعداءات فردية.. وبين محفوظ أن تحصين الثورة، هو تحصين للديمقراطية ويكون ذلك عبر الاعتماد على قوانين وتشريعات حامية للحريات العامة والفردية.. سابقة تونسية ؟؟ وتجدر الاشارة الى أن الصحبي عتيق رئيس كتلة حركة النهضة تولى خلال هذا اللقاء شرح دوافع تبني مشروع قانون تحصين الثورة، مشيرا الى أن هذا المقترح لا يمثل بدعة أو سابقة تونسية فهو اجراء عادي جدا على حد تعبيره، حيث تم اعتماد قوانين مشابهة له في أكثر من عملية انتقال ديمقراطي على غرار الانتقال الديمقراطي بدول اوروبا الشرقية والمغرب وتشيكوزلوفاكيا.. واعتبر عتيق أن المشروع سالف الذكر يمثل مشروع قانون لتحصين الثورة سياسيا، ولا يعد مشروعا للمحاسبة أو العدالة الانتقالية.. ولا يحتكم الى مبدإ العزل والاقصاء" وأضاف أن القانون وجد قبولا من قبل لجنة الخبراء الدوليين بالبندقية الذين رأوا أنه اجراء عادي بعد ثورة.. في المقابل ذكر رضا بلحاج القيادي بحزب نداء تونس، أن مشروع تحصين الثورة جاء في ظرفية بعينها الغاية منها فتح الباب امام اقصاء طرف سياسي والاستبداد..أما فيما يتعلق بتقرير لجنة البندقية الذي استشهد به الصحبي عتيق، أوضح بلحاج أنه "لابد من الاطلاع جيدا على تقارير البندقية التي دعت الى منح حق الدفاع ورفض كل اشكال العقوبات الجماعية." معتبرا في نفس الاتجاه أن "قانون التحصين واضح جاء ليستهدف مجموعات واطراف معينة.. خاصة أن مهمة الاقصاء أو المحاسبة من مشمولات القضاء وحده.. في ظل وجود قرينة البراءة التي لابد من احترامها.." وقال : "هو قانون صيغ على المقاس يستهدف الوظائف في حين نعلم جميعا أن القانون التونسي يقوم على محاكمة الاشخاص (الافعال) وليس الوظائف.." "فقانون تحصين الثورة يعد موضوعا سياسيا يستهدف خصما سياسيا قصد ازاحته من الطريق في الانتخابات القادمة.." مخالفة للعهد.. من جهة أخرى أوضح غازي الغرايري الخبير في القانون الدستوري أن تمرير قانون تحصين الثورة سيكون موعدا تحنث خلاله الطبقة السياسية وللمرة الثانية عهدا أخذته قبل انتخابات 23 أكتوبر الماضية ( بعد تجاوز السنة في كتابة الدستور ) ، حيث اتفقت الحساسيات السياسية الممثلة في الهيئة العليا لتحقيق اهداف الثورة ( ومنها حركة النهضة) أن يتم اعتماد قانون اقصاء التجمعيين وفقا للفصل 15 لمرة واحدة فقط وذلك في انتخابات المجلس الوطني التاسيسي.. وتساءل الغرايري خلال مداخلته عن المعنيين بهذا المشروع وسبب اسقاط أعضاء مجلس المستشارين من هذا الاجراء؟ وهل لذلك صلة بمحافظ البنك المركزي..؟ واعتبر الغرايري ان النص يثير اشكالا على مستوى النزاع الذي يفضي اليه فمدة الطعن حددت بأسبوع وهي مدة قصيرة جدا تمس بمبدإ الآجال المعقولة وتمثل خرقا صارخا لكل الحقوق كما أن قرارات المحكمة الادارية مرجع النظر في قضايا قانون تحصين الثورة، تعد قرارات نافذة لا رجعة فيها تحرم بالتالي المواطن من الحق في التمتع بالتدرج القضائي.. حسابات سياسية.. وقال حاتم مراد أستاذ القانون أنه "لا وجود لطرق متعددة لحماية الثورة، فإما أن تتم حمايتها من جميع اشكال الثورة المضادة السابقة والآنية وذلك بمعاقبة كل من يهدد المسار الثوري من النظام السابق وهم التجمعيين أو من النظام الحالي وهم لجان حماية الثورة" مشيرا إلى ان قانون تحصين الثورة هو قانون "إقصائي للمنافسين السياسيين..وقانون حسابي.. صدر في توقيت لاستبعاد طرف سياسي بعينه".أما الاعلامي زياد كريشان فقد كشف ان السيئة الاولى لهذا القانون هو أنه "يكتسي صيغة المحاسبة بمنحى سياسي.. "والأسوء من ذلك من وجهة نظره هو "الانتقال بهذا القانون من مسألة أخلاقية سياسية كبيرة الى مسألة سياسية حسابية."