مشروع التحصين السياسي للثورة لم يخلق جدالا واسعا بين مختلف الأحزاب حول مشروعيته وقانونيته فحسب، بل قد يُعجل بتغيير الخارطة السياسية الوطنية ورسم تحالفات ومشهد جديد. التحصين السياسي للثورة مشروع تقدمت به كتلة حركة النهضة بالمجلس التأسيسي بدعم ومساندة من التكتل الديمقراطي للعمل والحريات والمؤتمر من اجل الجمهورية وحركة الوفاء للثورة والكرامة والحرية والمستقلون الأحرار ومجموعة من النواب المستقلين.
تقارب الرافضين
وبقطع النظر عن الجدل القائم حول مشروعية هذا القرار فإنّ الأحزاب المساندة له كالحزب الجمهوري والمسار والحزب الاشتراكي تتجه للتقارب القوي مع حركة نداء تونس الجهة المستهدفة على ما يبدو بهذا القرار على خلفية اتهامها بالعمل على عودة التجمعيين إلى الواجهة . وقد اعتبر عضو حركة نداء تونس خميس قسيلة أن هذا القرار يتناقض مع مبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان وقد يشعل نار فتنة في البلاد داعيا إلى ضرورة المحاسبة عن طريق العدالة لا عن طريق المجلس التأسيسي وهو نفس الموقف الذي عبر عنه كل من عصام الشابي وسمير بالطيب من خلال دعوتهم إلى المحاسبة القضائية.
الأحزاب الرافضة لمشروع الإقصاء عبرت في أكثر من مناسبة على توجهها نحو دخول الانتخابات المقبلة بقائمات موحدة تسعى لطرح بديل عن الترويكا الحاكمة والتي تتزعمها النهضة مع ما قد يوفره هذا التكتيك من استفادة من أصوات آلاف الناخبين المحسوبين على التجمع.
فهل يتقارب المساندون؟
وفي المقابل قد ساهم الموقف المتلائم بين الترويكا الحاكمة صاحبة المبادرة وبعض الأطراف داخل المجلس التأسيسي في تقارب جديد أشار إليه أكثر من طرف من حركة النهضة وخاصة الشيخ راشد الغنوشي الذي لم ينف وجود مشاورات مع عدة أحزاب تسعى إلى تحصين الثورة والقطع مع الماضي على حد تعبيره كما قال السيد عبد الرؤوف العيادي رئيس حركة وفاء انه سيتعاون ويتفاعل ايجابيا مع جميع الكتل التي تتفق معه في الرؤية بشأن المحاسبة لاستكمال أهداف الثورة واعتبر العيادي المشروع خطوة ايجابية.
أما الصحبي عتيق رئيس كتلة النهضة بالمجلس التأسيسي فقد أشاد بالكتلة الجديدة المكونة من الترويكا وحركة الوفاء للثورة ومجموعة من المستقلين وأحزاب متعددة والتي ستعمل على إقصاء ومنع التجمعيين من الممارسة السياسية والمشاركة في الانتخابات نظرا لماضيهم الأسود في تزوير الانتخابات. كما عبرت نائبة بالمجلس التأسيسي عن حركة النهضة وهي السيدة فريدة العبيدي عن استغرابها من دفاع بعض الأطراف والأحزاب عن التجمعيين في التواجد داخل الهيئة المستقلة للانتخابات في ظل تورطهم في تزوير إرادة الشعب لسنوات عديدة.
الطرف الثالث وهو الجبهة الشعبية اتخذ قراره القاضي بدخول المحطات الانتخابية المقبلة بقائمات الجبهة فقط مما يجعل تقارب قوى تحصين الثورة أمرا واردا بقوة رغم نفي بعض الأطراف القريبة من هذه الأحزاب وجود مثل هذا التنسيق في الوقت الحاضر في انتظار ما قد تفرزه الأحداث المقبلة من تقارب جديد.