طالبت الجمعية التونسية للشفافية المالية وزير الخارجية بإرجاع المصاريف المبذولة دون وجه حق، كالتثبّت من ارتكابه بصفته آمر صرف لخطأ من أخطاء التصرف التي يعاقب عليها القانون، وذلك في ما يتعلق "بملف الشيراتون". وقالت الجمعية في بيان لها اصدرته امس "على إثر الأخبار المتداولة في وسائل الإعلام وفي شبكات التواصل الإجتماعي حول وجود فواتير تخص نفقات إقامة وزير الشؤون الخارجية بنزل الشيراتون، وحول إجراءات إحالة مبلغ مالي قدره مليون دولار بعنوان هبة ممنوحة للدولة التونسية من جمهورية الصين الشعبية، وما صاحب ذلك من ردود أفعال وتعاليق حول وجود شبهة تبديد للمال العام وخرق قواعد المحاسبة العمومية، وبعد إطّلاعها على البلاغات الصادرة عن رئاسة الحكومة ووزارة الخارجية ووزارة المالية حول هذين الموضوعين والتي أجمعت "أنّ النفقات التي قام بها الوزير تبقى خاضعة لقواعد المحاسبة العمومية والهياكل الرقابية المعنية المخول لها النظر والتقصي في كل التجاوزات المحتملة" و "أنه تمّت مطالبة وزارة الخارجية بتحويل مبلغ الهبة إلى الحساب الخاص بأموال المشاركة التابع لخزينة الدولة".. اوضحت الجمعية أنه "لا يوجد ضمن ميزانية وزارة الشؤون الخارجية لأي بند يمكّن الوزير من إدراج نفقات إقامته بنزل كائن في نفس المدينة التي يوجد بها مقر عمله، وعليه وباعتبار أنّ الأمر يتعلّق في وقائع الحال بإقامة وزير الخارجية في نزل يقع في تونس العاصمة فإنّ النفقات المذكورة لا تعدّ من قبيل مصاريف الإقامة المقبولة أوالمبررة باعتبار أنّ هذه الأخيرة تقتصر على إقامة الوفود الأجنبية أو إقامة الوزير لمّا يتحوّل إلى الخارج أو إلى أي مكان آخر داخل البلاد يكون بعيدا عن مقر عمله." وبينت " وفقا للتشريع الجاري به العمل يتمتّع كل وزير بمنحة سكن مضمّنة بعناصر تأجيره قدرها 600 د في حالة عدم تمكينه من مسكن وظيفي، وعليه فإنّ وزير الخارجية ببذله لنفقات إقامة بنزل الشيراتون، وتكفّل الوزارة بتسديد تلك النفقات يكون قد انتفع بامتيازين في الآن ذاته دون موجب، وهو ما يخالف التشريع الجاري به العمل في المالية العمومية." وأكدت الجمعية على "تمسّكها بضرورة إنارة الرأي العام حول الظروف والملابسات التي حفّت بإحالة مبلغ الهبة المقدّر بمليون دينار من جمهورية الصين الشعبية في حساب خارج عن الحسابات الخاصة بالخزينة العامة للبلاد التونسية والحال أنّ مجلة المحاسبة العمومية تمنع فتح حسابات خاصة بالإدارات إلا في حالات استثنائية وبترخيص خاص من وزير المالية ، ولا تجيز لآمري الصرف الحق في التصرف في الأموال العمومية." سطحية وضبابية وعبرت الجمعية عن أسفها "للسطحية والضبابية التي ميّزت البلاغات الرسمية الصادرة في هذا الشأن"، وطالبت رئيس الحكومة "بالإذن إلى هيئة الرقابة العامة للمصالح العمومية وهيئة مراقبي المصاريف العمومية بالوزارة الأولى بإجراء بحث دقيق في الموضوع وإحاطة الرأي العام بنتائجه، مع مطالبة السيد وزير الخارجية باعتباره منتفعا بالإمتياز بإرجاع المصاريف المبذولة دون وجه حق، كالتثبّت من ارتكابه بصفته آمر صرف لخطأ من أخطاء التصرف التي يعاقب عليها القانون." كما دعت الجمعية كافة هياكل الرقابة ذات العلاقة لتحمّل مسؤولياتها في اتجاه إعداد تقارير في صورة ثبوت مخالفة السيد وزير الخارجية للقانون، ورفعها عند الإقتضاء إلى دائرة المحاسبات وفقا لما يلزمها بذلك التشريع الجاري به العمل في مثل هذه الوضعيات. يذكر ان كاتب الدولة للمالية سليم بسباس قال أمس ان وزارة المالية تعلم بمبلغ المليون دولار الذي قدمته الصين هبة لوزارة الخارجية خلال مداخلته هاتفية في إذاعة "شمس آف آم". وقال أن وزارة المالية لا تنتظر تصريج المدونة ألفة الرياحي لتقوم بواجبها، لافتا النظر إلى أن "الخبر لا يستحق هذه الضجة الإعلامية". واوضح بان وزارة المالية راسلت وزارة الخارجية للمطالبة بدخول المبلغ للخزينة العامة للبلاد، باعتبار ان منطق الميزانية يوجب دخول كل الاموال والهبات المتأتية من الخارج للميزانية وإذا احتاجت إحدى الوزارات ولو كانت معنية بالمبلغ المالي يخصص لها إعتمادات، على حد تعبير بسباس. وأضاف بان الجهة الصينية طالبت بسرية هذه العملية، مشيرا إلى أنه في منطق العلاقات بين الدول سرية مثل هذه الامور شيء عادي وقال:" ليس لاول مرة الصين تقدم لتونس ميزة وتطالب بسرية العملية". يذكر أن الفة الرياحي المدونة التونسية كانت اول من كشف قصة المليون دولار الصّيني في حِساب للشّركة التُّونسيّة للبنك باسم وزارة الشُّؤون الخارِجيّة، وقد أقرت وزارة الخارجية على لسان السّيّد منار إسكندراني، المُستشار لدى وزارة الشُّؤون الخارِجيّة، بوُجود هذا الحساب وبوُجود إتّفاق مع الجانب الصّيني بجعْل هذه الهِبة طيَّ الكِتْمان. كما أقرّ البنك المركزي بِجهْلِهِ لِعَمليّة التّحويل في بنكٍ عُمُومي تَحْت مُراقَبَتِهِ المُباشِرة.