تونس الصباح: على مقربة من منطقة "القرانة " بالمدينة العتيقة من العاصمة يمتد نهج اسحاق بشموط وما حوله من الازقة ليمثل الحركة النابضة اليومية تجاريا واجتماعيا، والتي تتحرك ضمن الدورة الاقتصادية لسكان هذه المنطقة التي تشع بتجارة في مجال الاقمشة والملابس الجاهزة وغيرها من انواع البضائع التي يعرضها كل التجار المتعاملين مع المواطنين داخل هذا النهج. وبعاداتها الاقتصادية والتجارية والاجتماعية تمثل " القرانة" وما حولها فضاء هاما يتسع لسكانها ولكل الوافدين عليها باعتبارها مثلت على الدوام احدى الاقطاب التجارية والاقتصادية للفئات الاجتماعية التي تعودت على التسوق منها نظرا لدمثة اخلاق تجارها وسكانها وتعاملاتهم المرنة مع الحريف. هذه المنطقة الحيوية رغم زخمها الاجتماعي والتجاري والاقتصادي باتت تشكو من ضرر كبير لحق ببنيتها الاساسية، مما عكر صفو سكانها وتجارها سواء خلال تهاطل الامطار او من جراء انسداد البالوعات التي تتوسط الشوارع، حتى ان المياه الاسنة باتت تتدفق من كل صوب وحدب لتنبعث منها روائح كريهة لا تطاق ويتأفف منها التجار والمتساكنون والمارة. وقد وقفنا عند هذه المظاهر من خلال زيارة خاطفة للمنطقة وحديث مع التجار الذين ضاقوا ذرعا بالوضع الذي اصبحت عليه تلك المنطقة والنهج المذكور بالذات. معاناة يومية في كل المواسم والايام مشهد نهج اسحاق بشموط كما تراءى لنا غريب من حيث بنيته الاساسية، إذ أنه يمثل منحدرا من الجهات المؤدية اليه، مما يجعل مياه الامطار تستقر به وتحوله الى بركة عائمة لا يمكن المرور منه. ومما زاد الطين بلة ان كافة البالوعات ومجاري المياه الاسنة التي تتوسطه باتت غير عملية بالمرة ، حيث انسد جميعها بالكامل واصبحت تدفع بالمياه الى وسط الشارع، وذلك بما تحملة من مياه آسنة وروائح كريهة وحتى فضلات بشرية. وهي حالة ما انفكت تنعكس على الشارع وسكانه وتجاره وحتى الدورة الاقتصادية والحركة التجارية التي تنشط داخله في كل يوم. احتياطات متنوعة اتخذها التجار لحماية متاجرهم وسلعهم تجار نهج اسحاق بشموط تعرضوا عديد المرات لمداهمة مياه الامطار لمحلاتهم التجارية، وتعرضت سلع العديد منهم للتلف، خاصة وانها من نوع الاقمشة والبضائع الاخرى التي لا تحتمل الضرر. وبناء على هذه الوضعية رفعوا من ارضية دكاكينهم ومحلاتهم التجارية حتى ان مداخلها باتت عبارة عن درج متتال وذلك لحفظ سلعهم من مياه الامطار التي تحاصرهم وتتجمع هناك من كل الجهات. ووفق ما شاهدنا فان المحلات واصحابها باتوا يرتعدون من التغيرات المناخية التي لا توقف الحركة التجارية فقط نتيجة تجمع المياه بالشارع، او تدفق المياه الاسنة، بل تحملهم للتعطل عن النشاط لعدة ايام، علاوة عن الخسائر التي يمنون بها في سلعهم التي تتعرض للتلف عند مداهمتها من المياه المتدفقة التي تغمر ارضية الدكاكين رغم كل التحسينات والاحتياطات التي قاموا بها داخل دكاكينهم ومتاجرهم. أهبة في ضوء اخبار الرصد الجوي حول امطار قادمة تجار نهج اسحاق بشموط وسكانه باتوا يتوجسون خوفا من التغيرات المناخية، فخلال جولتنا الاستطلاعية بالشارع والحديث الى تجاره الذين التفوا حولنا، فاجئنا تاجرين بسحب حذائين من النوع العالي " بوط" مشيرين الى ان تلك الاحذية تمثل اسلحتهم التي يجب ان تكون يوميا حاضرة وهم في اهبة لاستعمالها كلما تهاطلت الامطار والتي من المنتظر ان تنزل اليوم حسب اخبار المعهد الوطني اللرصد الجوي. اما بعض متساكني النهج فقد عبروا لنا عن احجامهم الكامل او التقتير في استعمال المياه داخل محلاتهم، احتراما للتجار الذين يضيقون ذرعا بهذه المياه التي لا تمر عبر مجاريها التحتية، بل تتدفق الى سطح الشارع وتتجمع حاملة معها كل انواع الروائح الكريهة وانواع النفايات. تجار النهج يتحدثون ل«الصباح» عن معاناتهم اليومية سميرالنجار: "ان الحالة التي اصبح عليها هذا النهج تنذر بكل خطر بالنسبة للسكان والتجار وحتى المارة. فرغم ما قمنا به من تحصين وتحسين لمتاجرنا مازلنا نرتعد خوفا كلما نزل ولو شيء قليل من المطر. فالشارع يتحول الى بركة، تتوقف على اثرها الحركة التجارية بالكامل، وتنقطع الحركة في الشارع وتتلف عديد البضائع التي تداهمها المياه. وفوق كل هذا لا تصرف تلك المياه الا بعد وقت طويل نتيجة تعطل المجاري الخاصة بها وانسداد البالوعات التي تتوسط الشارع." الهادي العرعور: "رغم الحركة التجارية التي يتميز بها هذا النهج وخصوصياته في المعروضات وما يتوسطه من محلات تجارية متنوعة السلع، والتسوق اليومي الذي يشهده من قبل المواطنين الذين يحلون به من كل مكان، فان وضعية بنيته الاساسية والتحتية ما انفكت تتدهور باطراد مما قاد الى انسياب المياه الاسنة داخله والى تواصل انبعاث الروائح الكريهة الناجمة عنها . وقد ادى هذا الوضع الى نفور الحرفاء منه، والى احراج كبير للتجار ومعاناة. وقد حاولنا في عديد المرات الاتصال بالسلط المسؤولة لمساعدتنا على تجاوز هذا الوضع واتخاذ ما يلزم من اجراءات لكن للاسف مازالت الامور كما تشاهدون على حالها". وليد الشهلاوي: "قد لا يستغرب الواحد منا كتجار بهذا النهج، وهو يشاهد المياه تداهم محله وتتصاعد لتطول سلعه وتتلفها رغم ما اتخذناه من احتياطات لتحصين المحلات.. اننا مع نزول كل امطار نبادر بجمع سلعنا ووضعها عاليا في الرفوف، لكن مع هذا لا بد ان تحصل الاضرار ونتكبد الخسائر". محمد العزيز بن حامد: بعد ان بلغنا مشاغلنا بالاتصال مباشرة بالسلط المحلية او عبر جملة الوسائل المتاحة، اود ان ادعوهم للجلوس معنا في الشارع ولو ربع ساعة من الزمن وذلك لكي يقفوا عند الحقائق التي نتحدث عنها، ويعاينوا عن قرب معاناتنا سواء من روائح المياه الاسنة التي تتدفق في فضاء النهج، او خلال نزول الامطار. زهير عباس: ان الضرر الذي يلحق بسلعنا كلما داهمت مياه الامطار محلاتنا لا يقدر بثمن، ولعل الحديث عن الاحوال الجوية بات خبزنا اليومي. نحن في الحقيقة لا نملك الا طرح مشاغلنا هذه عن السلط المسؤولة، ونتمنى ان تقع الاستجابة لحلها في القريب العاجل، لان البقاء على هذه الحال يزيد من تخوفاتنا يوميا. عبد الستار بن ابراهيم: لقد لمسنا بداية كساد نشاطنا التجاري وهروب الحرفاء الذين لا يقدرون على تحمل الروائح الكريهة التي تميز الشارع نتيجة انسداد المجاري وتدفق المياه الاسنة من المحلات السكنية. ان هذه الصورة تتكرر في كل يوم، وربما تتزايد، وهو وضع لا يمكن الاستمرار معه. دعوة جماعية للاسراع بتهيئة النهج كما وعدت السلط بذلك جملة مشاغل تجار وسكان هذا النهج وما يحيط به من ازقة لخصها من تحدثنا معهم في مد قناة تحتية يمكنها ان تصرف مياه الامطار بسرعة، وكذلك في معالجة قنوات صرف المياه الاسنة والبالوعات وتسريحها بدل تدفق مياهها في النهج. وقد اشاروا الى انهم اجروا اتصالات بالسلط المحلية ووجهوا عرائض في الغرض، وقد وقعت طمأنتهم بالاسراع بتهيئة النهج وتعهد مجاري المياه والبالوعات بالاصلاح، وذلك بتكليف مقاول للقيام بهذه الاعمال، لكن يبدو انه قد مر وقت طويل على ذلك دون مباشرة النهج بالتهيئة. وكل ما يدعو اليه التجار وسكان النهج هو الاسراع بالقيام بهذه الاصلاحات حتى لا تتفاقم المشاكل وتتكاثر ويصبح الوضع غير قابل للتهيئة والاصلاح.