بنزرت: حجز اكثر من 12 طنّا من الفرينة بمخبزة في رفراف من معتمديّة رأس الجبل من أجل الاخلال بتراتيب الدعم    وزارة التربية: توجيه 2683 تلميذا وتلميذة إلى المدارس الإعدادية النموذجية ( نتائج السيزيام)    الإمام في بلاد المهجر: ناصر بن عمارة... صوت تونسي معتدل في قلب فرنسا    دراسة تكشف وجود علاقة بين تناول الجبن ورؤية الكوابيس!!    عاجل/ تعيين مدير عام جديد للبنك الوطني للجينات    البنك الأوروبي لإعادة الإعمار يجدد الالتزام بمواصلة دعم تونس في جهودها الإصلاحية    عاجل/ السيسي: لا سلام في المنطقة دون دولة فلسطينية    وزير المالية الإسرائيلي: سوريا التي حلمت بإزالة إسرائيل أرسلت لنا مبعوثين للحديث عن التطبيع والسلام    غوارديولا يخشى "تدمير" مانشستر سيتي بسبب كأس العالم للأندية    بطولة فرنسا: الأمريكية كانغ تتولى رئاسة أولمبيك ليون بعد سقوطه إلى الدرجة الثانية    لجنة إسناد الإمتيازات بوكالة النهوض بالاستثمارات الفلاحية تصادق على عمليات استثمار بقيمة 3ر3 مليون دينار    التوقيت الصيفي.. مكاتب وقباضات الصوناد مفتوحة بداية من السابعة صباحا    المنستير: فوز أسماء الصيد بالجائزة الأولى للمسة العصامية في اختتام الدورة 21 للملتقى الوطني للمبدعات العصاميات في التعبير التشكيلي    المجمع المهني المشترك للغلال يمدد شهرا في آجال الترشح لمسابقة "كاكتيس " للتجديد المتعلقة بتثمين التين الشوكي    رئيسة الحكومة تتحادث مع رئيس الوزراء الفلسطيني    أوروبا تواجه موجة حر مبكّرة خلال هذا الأسبوع.. #خبر_عاجل    نفاد تذاكر عرض الفنان الشامي في مهرجان الحمامات الدولي    مكملات غذائية مضادة للشيخوخة قد تكون سبب وفاة نجمة بوليوود شيفالي جاريوالا    بطولة ويمبلدون للتنس: سبالينكا تهزم برانستاين في مستهل مشوارها بالمسابقة    صفاقس: خلال حملة رقابية مشتركة بشاطئ الشفار..رفع 10 مخالفات اقتصادية    اعتداء عنيف على مستشفى القصرين: 4 إيقافات وخسائر فادحة ب500 مليون في قسم الاستعجالي    معز تريعة: عملية البحث عن الطفلة المفقودة في شاطئ قليبية مستمرة    غار الدماء: إمرأة تُخفي أكثر من 3 آلاف ''حربوشة'' مخدّرة داخل ملابسها    عاجل/ البكالوريا: تسجيل 5 حالات غش بهذا المعهد في أول يوم من دورة المراقبة    تسجيل اضطراب وانقطاع في توزيع الماء الصالح للشراب بالمناطق العليا من منطقة وادي الخياط (ولاية اريانة)    تأجيل محاكمة العياشي زمال ومساعدته في الحملة الانتخابية إلى 27 أكتوبر    بايرن ميونيخ يتصدر قائمة أقوى هجوم بين أندية المونديال    إختتام فعاليات المهرجان الوطني الثقافي والرياضي لشباب التكوين المهني    بطولة افريقيا للمبارزة بنيجيريا: تونس تختتم مشاركتها برصيد فضيتين وبرونزيتين    بشرى سارة للتونسيين بخصوص الزيت المدعم..    عاجل/ انفجار ناقلة نفط قبالة هذه السواحل..    يوسف سنانة يودع النادي الإفريقي برسالة مؤثرة    في فضاء ريدار بمنزل تميم.. تقديم المجموعة القصصية " بأجنحة الحرف أحلق"    سامسونج تفتتح متجرها الجديد في حدائق قرطاج لتعزيز تجربة التكنولوجيا اليومية    النجم الساحلي: تأجيل تربص حمام بورقيبة .. وهذا موعد إمضاء العقد مع "إتصالات تونس"    تحذير من الأطعمة المغلّفة بالبلاستيك !    مفزع: 1380 نُقطة بيع عشوائي للدجاج بهذه الولاية..!    ترامب: لم أقدم أي عرض لإيران ولم نتواصل منذ دمرنا منشآتها النووية    كأس العالم للأندية : بايرن ميونيخ الألماني يتأهل لربع النهائي بفوزه على فلامنغو البرازيلي    26 سنة سجنا لأفارقة تخصصوا في الاتجار بالبشر وتبييض الأموال..#خبر_عاجل    الحماية المدنية: 543 تدخلا منها 133 لإطفاء حرائق خلال ال24 ساعة الماضية    منظمة إرشاد المستهلك تدعو لقانون يضمن للتونسي حقّه في السياحة داخل بلاده بأسعار عادلة    التونسي يستهلك 170 كلغ من القمح ومشتقاته سنويّا...غيره في دولة أخرى ما يفوتش 70 كلغ!    باكالوريا 2025: اليوم انطلاق دورة المراقبة    عاجل/ حادثة غرق الطفلة مريم بشاطئ قليبية: تفاصيل جديدة تقلب الموازين..    ستشهد مشاركة منتخبنا..البرنامج الكامل لمباريات كأس أمم إفريقيا للسيدات 2025    شهداء وجرحى في قصف إسرائيلي استهدف مدارس ونقطة طبية ومراكز إيواء بغزة    اليوم: طقس صاف والحرارة تتراوح بين 29 و40 درجة    فرنسا: منع التدخين في الحدائق ومحطات الحافلات والشواطئ يدخل حيز التنفيذ    اية دغنوج تفتتح مهرجان دقة الدولي بسهرة "فى حضرة الطرب التونسي" .    الكشف عن العروض المبرمجة في الدورة 59 لمهرجان الحمامات ومفاجآت في انتظار الجماهير..    فرنسا تفرض حظرا على التدخين في الشواطئ والحدائق العامة    أخصائية أغذية للتونسين : الحوت المربّى في تونس ما يخوّفش.. والسردينة من أنفع الأسماك    استبدال كسوة الكعبة مع بداية العام الهجري    خطبة الجمعة... الهجرة النبوية... دروس وعبر    ملف الأسبوع... كَرِهَ عِبَادَةَ الْأَوْثَانِ، وَطَلَبَ الدِّينَ فِي الْآفَاقِ.. وَرَقَةُ بْنُ نَوْفَلٍ... أوّل المؤمنين بعد خديجة    ما هي الأشهر الهجريَّة؟...وهذا ترتيبها    مطرزا بالذهب والفضة والحرير.. السعودية تكسي الكعبة ثوبها السنوي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إعلام ما بعد الثورة تحت المجهر.. والإعلاميون بحريتهم متمسكون
الذكرى الثانية للثورة: بين "إعلام العار".. واضراب 17 أكتوبر..
نشر في الصباح يوم 13 - 01 - 2013

ليلة الإحتفال بالذكرى الثانية لإندلاع ثورة 14 جانفي 2011، ارتأت "الصباح" أن تطرح تساؤلا حول "مفهوم إعلام العار" خاصة أن الثورة نادت بتكريس إعلام حر ومستقل ومحايد باعتبارها من أبرز أهداف الثورة.
"إعلام العار" أكثر المصطلحات شيوعا، رافقت هاتان الكلمتان المشهد الإعلامي منذ 14 جانفي 2011 إلى اليوم، وبالعودة إلى مختلف التطورات التي عاشتها تونس، أطلق هذا المصطلح منذ اعتصام القصبة 1 وخلال اعتصام القصبة 2 ليشهد استعماله وتوظيفه منعرجات أخرى بعد انتخابات المجلس الوطني التأسيسي وانتصاب أول حكومة شرعية بعد 14 جانفي.
حسب عديد المتتبعين للشأن الوطني والملاحظين سواء كانوا خبراء أو مواطنين عاديين ممن رصدت "الصباح" مواقفهم، فإن العنف طغى و"تجبر" وخلق أجواء من التهم المتبادلة بين الفاعلين في المشهد الإعلامي وبين المتقبلين للمادة الإعلامية من مختلف الجهات والإنتماءات كانوا على رأس السلطة ومن ثمة أنصارهم أو مواطنين عاديين لم يتورّعوا عن توجيه التهم لوسائل الإعلام بأنها لم تخرج بعد من ثوبها البنفسجي الموالي للسلطة.
نقل مشاغل الناس
هذه التجاذبات بين الأطراف الصانعة للمشهد الإعلامي من صحافيين ومؤسسات وبين المتلقين "الشاحنين" للأجواء بقصد أو غير قصد نتج عنها تنظيم أطول اعتصام ضد "إعلام العار" دام أكثر من شهرين تحت مسمى "إعتصام الأحرار لتطهير إعلام العار" وجه إلى مؤسسة التلفزة الوطنية فخلق ما خلق من اضطرابات وتهجمات وعنف لفظي وجسدي إلا أنه في نهاية المطاف فُكّ وبشروط أولها فتح ملفات الفساد بهذه المؤسسة الإعلامية العريقة.
دون الدخول في تفاصيل التطور الذي عاشه المشهد الإعلامي بعد الثورة، لسائل أن يتساءل: ما معنى "إعلام العار"؟
طرحت "الصباح" هذه الإشكالية على عدة وجوه إعلامية سواء كانوا من الصحافة المكتوبة أو المسموعة أو المرئية، فرافقت "الطرافة" إجاباتهم استهلت بالضحك إلى حد القهقهة في بعض الأحيان ولكن في ذات الوقت تلمس في إجاباتهم استغرابهم من توظيف هذا المصطلح من جهة وفخرهم بتوجيهه للإعلاميين من جهة أخرى لأنه إعلام تعرية للحقائق وكاشف لفشل الحكومة على حد قولهم.
ولكن أيضا من منظور عدد من الإعلاميين، "إعلام العار" هو الذي لم يتمكن من نقل مشاغل الناس والحديث عن واقعهم ومشاغلهم وبحسب تذمر الناس بقي "يطبل" للسلطة وأنصارها مع التركيز على أن الإعلام لا يخلو من الأخطاء المهنية.
في المقابل قال الصحبي بن نابلية خبير في الإتصال وأستاذ جامعي أن "إعلام العار هو مفهوم وقع استعماله لضرب كل محاولات للخروج بالإعلام من صيغته النوفمبرية، وهو خطاب إقصائي لكل إعلامي انتمى للعهد السابق حتى وان أقر بخطئه وبممارساته المغلوطة السابقة، وبالتالي فإن هذا المصطلح يندرج في إطار محاولة تركيع الإعلاميين فبعد الثورة لا وجود لأي وسيلة إعلامية لا تعكس الواقع بطريقة أو بأخرى".
مصطلح لا مبرر له
بدوره قال ناجي الزعيري مدير تحرير إذاعة "موزاييك أف أم" أن "المصطلح يثير الإشمئزاز لأنه بعد عامين من الثورة لا يمكن أن نطلق على الإعلام هذا المصطلح بالرغم من وجود عديد الأخطاء المهنية مع غياب الحرفية لدى بعض الإعلاميين وبالرغم أيضا من وجود عديد المؤسسات الإعلامية خاصة منها الجرائد الورقية من لا تمارس الصحافة وإنما فتحت أبوابها لتصفية الحسابات والتشهير والثلب المجاني يراد به الإبتزاز والضغط على أطراف سياسية لخدمة أطراف أخرى".
فالجسم الإعلامي إن أصابته بعض الأضرار والأمراض فهذا لا يعني أن كل الجسم مريض" فالقطاع الإعلامي إن وجدت به بعض المؤسسات من حادت عن الخط المهني وحادت لصالح إعلام موجه فهذا لا يعني أن كل الإعلام فاسد وكله إعلام عار، فهذا المصطلح أطلق في نهاية المطاف لجلد الإعلاميين مع أنه من الضروري محاسبة الفاسدين"
في ذات السياق يرى الإعلامي والمحلل السياسي صلاح الدين الجورشي أن "إستعمال هذا المصطلح لا مبرر له" غير أنه كان من الأجدر " أن يطرح سؤال ما المقصود بإعلام العار على من أطلق هذه التسمية" ولكن يمكن القول أن "الأكيد أن من يستعملون هذه التسمية هم غير الراضين على آداء الإعلام وبالتالي يرصدون محتواه وشكله فيكون الاستعمال حسب الجهات والأشخاص وحسب الموقع والمصلحة ".
إعلام مفتوح
فتونس اليوم في المجال الإعلامي، على حد قول الجورشي، تحتاج إلى ثلاثة شروط أولها "إعلام مستقل وحر لأنه في غياب هذه الحرية وهذا النوع من الإعلام فإن الهدف الرئيسي الذي تحقق من هذه الثورة يصبح مهددا"، أما الشرط الثاني فيتمثل في تكريس "إعلام مهني يحترم قواعد المهنة وأخلاقياتها ويتمسك بالحقيقة ويدافع عنها مهما كانت الكلفة "ثالثا" إعلام مفتوح على الجميع، بعيد عن منطق الإقصاء السياسي والإيديولوجي والعقائدي وأن يعبر عن واقع التونسيين والمشاكل التي يواجهها المواطنون أي أن ينقل الواقع والمعلومات دون تشويه وتضخيم".
لاشك أن الإعلام شريك في صنع الأحداث وفي توجيهها ولذلك من "حق التونسيين أن يسائلوا الإعلام وأن يعبروا عن آرائهم في آدائهم ومصداقيتهم خاصة أن الإعلام ليس بكيس واحد فهناك في تونس أكثر من إعلام والحكم على الإعلام بشكل مطلق فيه استسهال وفيه أيضا تجن على الإعلاميين كما يوجد نزهاء يوجد مزوري الحقائق لقلب المعطيات ولخدمة طرف دون آخر".
أهم الأحداث الكبرى التي ميزت المشهد الإعلامي في تونس بعد سنتين من ثورة 14 جانفي وأثرت فيه هو إطلاق "إعتصام الأحرار لتطهير إعلام العار" منذ شهر فيفري 2012، كما كان إعلان كمال العبيدي رئيس الهيئة الوطنية لإصلاح الإعلام والاتصال يوم 4 جويلية 2012 عن قرار الهيئة وضع حد لمهامها تعبيرا منها عن استيائها من غياب الإرادة السياسية لتفعيل مقترحات الهيئة لإصلاح قطاع الإعلام من بينها تفعيل المرسومين 115 و 116 لسنة 2011.
نضال متواصل
أما الإضراب العام في قطاع الإعلام يوم 17 أكتوبر 2012، فقد مثل الحدث التاريخي وطنيا وعالميا حقق نسبة نجاح فاقت التسعين بالمائة وجعل رئاسة الجمهورية تتخذ قرار تفعيل المرسومين 115 و 116 والتسريع بإعادة طرح تركيبة الهيئة التعديلية للإشراف على القطاع السمعي البصري على طاولة النقاش على أمل أن يقع الإعلان عن القائمة النهائية خلال الساعات القليلة القادمة.
الحدث الأبرز أيضا والذي لاقى مساندة محلية من أغلب مكونات المجتمع التونسي ودوليا من المنظمات الحقوقية والإعلامية كان اعتصام "دار الصباح" الذي انطلق منذ 15 أوت 2012 بتنظيم وقفة إحتجاجية تنديدا بالتعيين المسقط من قبل الحكومة لتتطور الأحداث إلى إعلان الإعتصام وإضراب الجوع...
إيمان عبد اللطيف

بعد أخذ وردّ
هل وُضعت العدالة الإنتقالية في مسارها الصحيح؟
بعد عامين من اندلاع ثورة 14 جانفي هل كان مسار العدالة الإنتقالية في طريقه الصحيح؟ وهل أفرزت الجهود والمساعي المبذولة أكلها على أرض الواقع؟ وهل وصل مفهومها إلى أذهان الشعب التونسي حتى يكون الشريك الفاعل في إنجاحه؟
العشرات إن لم يكن المئات من الأيام الدراسية والندوات الوطنية والدولية عُقدت وانتظمت منذ الأشهر الأولى من الثورة للتعريف بمفهوم العدالة الإنتقالية ومختلف مراحلها، كما أنه تم إنشاء -ولأول مرة- في العالم وزارة خاصة بحقوق الإنسان والعدالة الإنتقالية، هذا الإحداث بدوره أثار العديد من الإنتقادات من قبل الحقوقيين وناشطي المجتمع المدني حسب رأيهم الموكولة له مهمة إدارة مسار العدالة الإنتقالية حسب التجارب الدولية التي عاشت شعوبها انتقالا ديمقراطيا.
عديد الجمعيات والمنظمات والتنسيقيات الوطنية والدولية انتصبت للإشتغال على هذا الموضوع لأهميته القصوى في تحقيق الإنتقال الديمقراطي ومن ثمة العدالة والمحاسبة وخاصة كشف الحقيقة، فكانت كل تلك المكونات بمثابة قوة دعم وضغط في آن واحد للتسريع بسن القانون الأساسي للعدالة الإنتقالية وهو ما تم مؤخرا حيث صادق مجلس الوزراء على مشروع القانون نهاية شهر ديسمبر 2012. في انتظار أن يناقشه أعضاء المجلس الوطني التأسيسي.
"رحلة" العدالة الإنتقالية انطلقت بعد أخذ ورد وضغط سواء من عائلات الضحايا وشهداء الثورة وجرحاها أوالمنتهكة حقوقهم أو من الحقوقيين أفرادا كانوا أو هياكل منظماتية أو أيضا من خلال السياسيين والأحزاب وعدد من أعضاء المجلس الوطني التأسيسي، ليقع في نهاية المطاف إطلاق الحوار الوطني حول العدالة الإنتقالية يوم16 أفريل2011، بدوره تمخضت عنه إحداث اللجنة الفنية الوطنية للإشراف على الحوار الوطني حول العدالة الإنتقالية تحت إشراف الوزارة ذات الإختصاص أي وزارة حقوق الإنسان والعدالة الإنتقالية التي أطلقت سلسلة من الحوارات الجهوية في الموضوع الهدف منها كانت تحديد تصورات المشاركين حول كيفية إدارة مسار العدالة الإنتقالية وسبل وآليات إنجاحه.
هذه الحوارات الجهوية أفرزت هي الأخرى ردود فعل تراوحت بين النقد والإنتقاد لكنها في النهاية أخرجت عدد من التوصيات والمقترحات مكنت اللجنة الفنية الوطنية للإشراف على الحوار الوطني حول العدالة الإنتقالية من إعداد مشروع القانون الأساسي للعدالة الإنتقالية المتضمن لخمس وسبعين فصل رافقتها العديد من الإنتقادات والمؤاخذات من قبل مكونات المجتمع المدني.
تجدر الإشارة إلى أن المكونات الخمسة للعدالة الانتقالية تتمثل أولا العمل على كشف الحقيقة وتقصي الحقائق فيما يتعلق بالإنتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان وثانيا في التتبع القضائي أي محاكمة الجناة والمسؤولين عن الخروقات الجسيمة وثالثا في تعويض الضحايا وجبر أضرارهم المادية والمعنوية وحفظ الذاكرة ورابعا في القيام بالإصلاحات القانونية والمؤسساتية وخاصة القطاعات الكبرى مثل الأمن والقضاء والإعلام لإرساء دولة ديمقراطية قائمة على سيادة القانون وتجاوز الماضي وتجنب العودة إليه وخامسا في العمل على إرساء مصالحة وطنية بين مختلف الفرقاء وبين المواطنين والدولة.
لكن على ما يبدو حسب ما رصدته "الصباح" من آراء عدد من المواطنين فإن هذه المفاهيم والمصطلحات لم تتجاوز مستوى ذهن النخبة والناشطين الحقوقيين ومختلف مكونات المجتمع المدني فتبقى الإشكالية المطروحة كيف يمكن إقناع المواطن العادي أن مسار العدالة الإنتقالية هو مسار طويل المدى زمنيا وهيكليا يتطلب تضافر جميع الجهود وإرادة سياسية ومشاركة كل الشعب التونسي كان ضحية أو لم يكن لإنجاحه وكشف الحقيقة ومن ثمة المحاسبة وجبر الضرر والإصلاح المؤسسي ومن ثمة المصالحة.
إيمان عبد اللطيف

عامان على ثورة الحرية والكرامة..17 ديسمبر/14 جانفي.. من شرارة البوعزيزي.. إلى رحيل المخلوع...
من سيدي بوزيد انطلقت شرارة الثورة صباح 17 ديسمبر 2010.. بائع غلال منتصب يسكب البنزين على جسده ويحرق نفسه بعد أن أحس بالظلم والقهر اثر خلاف مع احدى موظفات المصالح البلدية وصدّه عن مقابلة المسؤولين في الولاية.. حادثة اهتزت لها تونس لتنطلق منها شرارة الربيع العربي.. وتجتمع الافواه بداية من سيدي بوزيد ثم القصرين ثم جل الولايات التونسية على كلمة واحدة "ديغاج" للرئيس زين العابدين بن علي وتمسك الشعب بهذه الكلمة الى حدّ يوم 14 جانفي حيث تحقق الهدف المبدئي ورحل بن علي بعد أن توحد هذا الشعب ونزع خوفا جثم على صدره 23 سنة، ويتحرر ويطالب بالكرامة والحرية والتشغيل... والواقع أن الحراك الاجتماعي انطلق منذ 2008 في الحوض المنجمي الذي شهد احتجاجات واسعة ضد سياسات التهميش التي قادتها السلطة والتي نجحت في قمع هذه الانتفاضة التي سقط فيها كذلك شهداء وجرحى.
حادثة البوعزيزي أدت إلى اندلاع شرارة المظاهرات في يوم 18 ديسمبر 2010 وخروج آلاف التونسيين الرافضين للوضع الاجتماعي القاتم والبطالة وانعدام العدالة الاجتماعية وتفاقم الفساد داخل النظام الحاكم.. ورفعوا لأول مرة شعارات "ديغاج" و"عصابة السراق" و"التشغيل استحقاق".. وتحول الامر من مظاهرات الى مصادمات دموية مع قوات الامن في أغلب المدن التونسية مما أسفر عن سقوط العديد من الشهداء والجرحى من المتظاهرين وحتى في صفوف قوات الامن. تحركات الشعب وتمسك بالتغيير، أجبرا بن علي على إقالة عدد من الوزراء بينهم وزير الداخلية وتقديم وعود لمعالجة المشاكل التي نادى بحلها المتظاهرون وجعلت "الحاكم" الذي أذلّ شعبه طيلة 23 سنة يظهر ضعيفا وغير قادر على صدّ الثورة الشعبية. فقدّم ما وصف وقتها ب"التنازلات" منها اعلانه عن عدم الترشح للانتخابات الرئاسية عام 2014 وتمّ بعد خطابه فتح المواقع المحجوبة في تونس كاليوتيوب بعد 5 سنوات من الحجب، كما تم تخفيض أسعار بعض المنتوجات الغذائية. لكن الشعب رفض كل ذلك وتمسك بشعار الثورة "ديغاج" وصعّد من ثورته التي هزت ذات صباح 14 جانفي 2011 الشارع الرئيسي للعاصمة شارع الحبيب بورقيبة حيث مقر وزارة الداخلية ليتقرر من هناك الزحف نحو مقر السيادة بقصر قرطاج حيث يوجد بن علي.. فما كان من هذا الاخير الا الفرار وعائلته نحو وجهة غير معلومة في البداية لتحلق به الطائرة بعد ذلك نحو السعودية حيث يوجد إلى حد اليوم فارا ومطلوبا من العدالة.
وحسب مجلس حقوق الإنسان فان حصيلة الشهداء الذين سقطوا خلال اندلاع الثورة التونسية بلغ 219 شخصًا، استشهد منهم 174 خلال المظاهرات التي سبقت 14 جانفي، و78 لقوا حتفهم في اضطرابات عمت السجون يوم 15 جانفي.
لتشكل الثورة التونسية بعد ذلك المفجّر الرئيسي لسلسلة من الاحتجاجات هزت عددا من الدول العربية فأسقطت عديد الانظمة (مصر، ليبيا واليمن) وجلبت نسمات من الحرية والديمقراطية في جل الدول العربية وحتى غير العربية.
تسلسل الأحداث
* 17 ديسمبر 2010
أقدم محمد البوعزيزي على حرق نفسه أمام مركز ولاية سيدي بوزيد احتجاجا على سوء معاملة الشرطة البلدية واستهداف مصدر رزقه وعدم قبوله من قبل السلطات الجهوية.
* 18 ديسمبر 2010
انطلاق الحراك الاحتجاجي في سيدي بوزيد حيث وقعت مواجهات عنيفة بين جموع غاضبة وقوات الأمن التي عمدت إلى حملة اعتقالات.
* 24 ديسمبر2010
- الحركة الاحتجاجية تتعاظم بعدما انتقلت شرارتها إلى مناطق أخرى مجاورة لسيدي بوزيد منها القصرين وتالة وأخرى بعيدة عنهما، وبداية سقوط الشهداء في عدّة مدن أبرزها تالة والرقاب والقصرين.
- قامت قوات الأمن بإطلاق الرصاص الحي على المسيرة السلمية في مدينة منزل بوزيان مما أسفر عن استشهاد الشاب محمد العماري ليكون أول شهيد بالرصاص خلال الثورة.
* 25 ديسمبر 2010
تجمع المئات من النقابيين والحقوقيين في ساحة محمد علي في تونس العاصمة للتعبير عن تضامنهم مع أهالي سيدي بوزيد وللاحتجاج على قمع المسيرات الشعبية والاعتقالات واستعمال قوات الأمن للرصاص الحي ضدّ المحتجين والذي تسبب في سقوط شهيد وعدد من الجرحى.
* 27 ديسمبر 2010
انتقال الحركات الاحتجاجية إلى مدن وولايات تونسية أخرى في تصعيد خطير للأحداث حيث رفع المتظاهرون في مدن تونس وصفاقس والقيروان والقصرين وتالة ومدنين وقفصة شعارات مساندة لأهالي سيدي بوزيد ومنددة بتدهور الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية وارتفاع البطالة في عدد المدن التونسية والمطالبة بتنمية عادلة.
* 28 ديسمبر 2010
أول ردّ رسمي للمخلوع على الاحتجاجات الشعبية في خطاب متلفز بثته القنوات التلفزية والاذاعية التونسية، أدان فيه "أعمال الشغب" وقال إنها تضرّ بصورة تونس لدى المستثمرين وتعهد بتطبيق القانون " بكل حزم" ضدّ من أسماهم ب"المأجورين والمتطرفين".
* 30 ديسمبر 2010
- بن علي يحاول تدارك الوضع بعزل والي سيدي بوزيد وولاة آخرين. لكن المواجهات عمّت مختلف مدن الولاية ومنها الرقاب التي سقط فيها شهداء آخرون.
- بن علي يقوم بتعديل وزاري محدود حيث عين سمير العبيدي وزيرا جديدا للاتصال ووزيرا جديدا للشباب والرياضة ووزيرا جديدا للشؤون الدينية.
- ليبيا ترفع القيود الإدارية المفروضة على التونسيين الراغبين في السفر والعمل في ليبيا ومعمر القذافي يأمر بمعاملتهم كمواطنين ليبيين.
* 3 جانفي 2011
مواجهات عنيفة في مدينة تالة بولاية القصرين، والغضب يدفع محتجين إلى حرق مقرات رسمية وأخرى لحزب التجمع الدستوري الديمقراطي الحاكم وقتها.
* 5 جانفي 2011
وفاة محمد البوعزيزي في مستشفى بن عروس بالعاصمة متأثرا بحروقه البليغة. بعد صراع طويل مع الآلام دام 18 يوما.
* 6 جانفي 2011
السلطات التونسية تعتقل مدونين ومغني راب تونسي على خلفية تعرضهم للنظام التونسي على صفحات الإنترنت والمحامون ينظمون اعتصاما في أروقة المحاكم احتجاجا على الاضطهاد الأمني.
* 8 جانفي2011
صدامات عنيفة في القصرين وفي تالة التابعة لها وأيضا في الرقاب بسيدي بوزيد توقع عددا كبيرا من الشهداء والجرحى. وتواتر سقوط الضحايا برصاص قوات الأمن (6 شهداء في يوم واحد) خاصة برصاص قناصة محترفين ليرتفع عدد الشهداء إلى 50 على الأقل.
* 9 جانفي 2011
- المظاهرات تصل إلى العاصمة تونس وتتسم بتصاعد العنف والاحتجاجات. وقوات الأمن تستعمل الرصاص الحي ضد المحتجين.
- إضراب 95 بالمائة من المحامين.
- سقوط أكثر من 35 شهيدا في الجملة في مدينتي القصرين وتالة والرقاب حسب مصادر نقابية.
* 10 جانفي 2011
- خطاب ثان للمخلوع والذي وصف فيه الاحتجاجات الجارية بأنها "أعمال إرهابية تمارسها عصابات ملثمة". ويعد في الوقت نفسه باستحداث 300 ألف وظيفة للمعطلين خاصة من حاملي الشهادات الجامعية.
- تعليق الدروس في المدارس والمعاهد والجامعات الى أجل غير مسمّى.
* 11 جانفي 2011
- المظاهرات تنتشر في العاصمة تونس وتبلغ الأحياء الشعبية التي تعاني من الفقر وسوء التجهيزات كحي الانطلاقة والتضامن وباب الجديد والزهروني ووادي الليل والكرم وحي الزهور والكبارية والسيجومي وباب الجزيرة وقصر السعيد وحلق الوادي مما أدّى إلى حرق أغلب نقاط مراكز الشرطة في هذه الجهات من العاصمة.
- حرق بعض مقرات الحزب الحاكم. والشرطة تفرط في استخدام العنف مما يسفر عن سقوط 35 شهيدا في مدن الوسط والشمال الغربي خلال يومين.
* 12 جانفي 2011
- الوزير الأول محمد الغنوشي يعلن أن بن علي أقال وزير الداخلية رفيق بالحاج قاسم، في محاولة لاستعادة السيطرة على الوضع بعد ارتفاع أعداد الشهداء والجرحى واحتدام الغضب في الشارع. وانتشار المظاهرات في الأحياء الشعبية الكبرى بالعاصمة. كما أعلن الغنوشي إطلاق كل الأشخاص الذين اعتقلوا خلال الاحتجاجات ما عدا المتورطين في أعمال عنف.
- سقوط مزيد من الضحايا من بينهم الجامعي حاتم بالطاهر الذي قتل في مدينة دوز بولاية قبلي.
- الجيش ينتشر في العاصمة وفي بعض الأحياء الشعبية المحيطة بها وسقوط ما لا يقل عن ثمانية شهداء.
- فرض حظر التجول ليلا، في محاولة أخرى من السلطة لاستعادة السيطرة على الشارع، وحدوث أعمال حرق ونهب في العاصمة وضواحيها.
- اعتقال الناطق باسم حزب العمال الشيوعي المحظور حمّة الهمامي.
* 13 جانفي 2011
- الجيش ينسحب من وسط العاصمة ويترك مواقعه لقوات أمنية خاصة. لكنه يستمرّ مرابطا قرب منشآت عامة.
- أعمال حرق تستهدف مرافق وممتلكات لأفراد من عائلة المخلوع وزوجته في تونس وضواحيها وفي الحمامات.
- في خطاب هو الثالث منذ بدء الاحتجاجات، بن علي يعلن وهو في حالة اضطراب شديد أنه لن يترشح لانتخابات 2014 ويعد بإصلاحات ديمقراطية وبإطلاق الحريات العامة، لكن الاحتجاجات لم تتوقف رغم مسرحية خروج بعض السيارات والاشخاص الى الشوارع مرحبة بذلك.
- في اليوم نفسه يتواصل سقوط الشهداء.
* 14 جانفي 2011
- تسارعت الأحداث في هذا اليوم الحاسم الذي شهد مظاهرات ومواجهات عنيفة في قلب العاصمة. وأعلن بن علي عن حل الحكومة وإجراء انتخابات برلمانية مبكرة قبل أن يغادر البلاد مساء.
- في اليوم نفسه، أعلنت حالة الطوارئ ليعود الجيش مجددا وبقوة إلى الشوارع التي باتت تشهد حالة فلتان أمني.
- القبض على عدد كبير من افراد عائلة الطرابلسي وهم يستعدون للفرار من مطار تونس قرطاج.
- القبض على علي السرياطي مدير الامن الرئاسي في مطار العوينة بعد مغادرة طائرة الرئيس المخلوع.
- وفي مساء اليوم نفسه أعلن الوزير الأول محمد الغنوشي نفسه رئيسا مؤقتا معتمدا على الفصل 56 من الدستور.
* 15 جانفي 2011
المجلس الدستوري يعلن رسميا شغور منصب الرئيس مما سمح حسب الفصل 57 من الدستور بنقل صلاحيات الرئاسة المؤقتة إلى رئيس مجلس النواب فؤاد المبزّع الذي كلف الغنوشي باقتراح حكومة جديدة بعد مشاورات مع الأحزاب السياسية القائمة ومنظمات من المجتمع المدني.
- في هذا اليوم أيضا، استمرت أعمال عنف.
* 17 جانفي 2011
- عاد إلى تونس رئيس الشبكة الأورومتوسطية لحقوق الإنسان كمال الجندوبي الذي لم يدخلها منذ عام 1994.
* 18 جانفي 2011
- عاد المعارض التاريخي لنظام الرئيس السابق منصف المرزوقي الى تونس ووجد استقبالا حارا في المطار حيث أعلن عن نيته الترشح لرئاسة الجمهورية.
- قرر حزب التجمع الدستوري الديمقراطي طرد الرئيس المخلوع وستة من أقرب معاونيه من صفوفه. وهم عبد العزيز بن ضياء، وأحمد عياض الودرني، وعبدالوهاب عبدالله، ورفيق بالحاج قاسم، وبلحسن الطرابلسي، ومحمد صخر الماطري عضوي اللجنة المركزية للتجمع، وصهري بن علي.
* 19 جانفي 2011
الإفراج عن 1800 سجين، بينهم عدد من سجناء الرأي ينتمون إلى حركة النهضة والذين يشكلون أغلبية المعتقلين لأسباب سياسية في تونس وأطلق سراح بقية سجناء الحق العام الذين لا تتعدّى مدّة عقوبتهم ستة أشهر وذلك بمختلف السجون في البلاد.
* 21 جانفي 2011
السلطات التونسية تضع كلا من عبد العزيز بن ضياء وزير الدولة والمستشار الخاص للرئيس السابق وعبد الله القلال رئيس مجلس المستشارين وعبد الوهاب عبدالله المستشار السياسي والاعلامي لبن علي قيد الإقامة الجبرية.
* 23 جانفي 2011
اعتقال العربي نصرة صاحب قناة حنبعل بتهمة الخيانة العظمى والتحريض على العنف قبل الافراج عنه في اليوم الموالي والاعتذار له.
* 26 جانفي 2011
أصدرت منظمة الشرطة الجنائية الدولية ( الإنتربول) بلاغًا لاعتقال الرئيس السابق زين العابدين بن علي وستة من أقربائه وذلك بناء على مذكرة اعتقال أصدرتها السلطات التونسية.
* 30 جانفي 2011
عودة صاخبة لزعيم حركة النهضة راشد الغنوشي من لندن.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.