كرشيد يكشف: أواجه 10 قضايا من بينها محاولة القتل    المهدية: محامو الجهة ينفّذون وقفة احتجاجيّة وإضرابا حضوريا بيومين للمطالبة بإحداث محكمة استئناف بالجهة    يهم الترجي الرياضي: صحيفة إنقليزية تكشف عن قيمة منح الفيفا للفرق المشاركة في كأس العالم للأندية 2025    طلاق بالتراضي بين النادي الصفاقسي واللاعب الايفواري ستيفان قانالي    السجن مدى الحياة لشخصين..فصلا رأس زميلهما عن جسده..    الناشرون يدعون إلى التمديد في فترة معرض الكتاب    هذه الشركة العالمية للأغذية مُتّهمة بتدمير صحة الأطفال في افريقيا وآسيا.. احذروا!    جربة: إحتراق ''حافلة'' تابعة لجمعية لينا بن مهنّى    وزارة المرأة تنظم ندوة علميّة حول دور الكتاب في فك العزلة عن المسن    جندوبة: السيطرة على إصابات بمرض الجرب في صفوف تلاميذ    إخماد حريق بشاحنة ثقيلة محملة ب7،6 طن من مواد التنظيف..    فرنسا: غرق 5 مهاجرين...التفاصيل    جرايات في حدود 950 مليون دينار تُصرف شهريا.. مدير الضمان الإجتماعي يوضح    صور : وزير الدفاع الايطالي يصل إلى تونس    اقتطاعات بالجملة من جرايات المتقاعدين...ما القصة؟    يهم التونسيين : غدًا طقس شتوي 100% و هذه التفاصيل    تفكيك وفاق إجرامي من أجل ترويج المخدرات وحجز 08 صفائح و05 قطع من مخدر القنب الهندي..    جندوبة: الإحتفاظ بمروج مخدرات بمحيط إحدى المؤسسات التربوية    المرصد التونسي للمناخ يكشف تفاصيل التقلّبات الجوّية    بنزرت: تنفيذ 3 قرارات هدم وإزالة واسترجاع لاملاك عامة بمعتمدية جرزونة    ر م ع الشركة الحديدية السريعة يكشف موعد إنطلاق استغلال الخطّ برشلونة-القبّاعة    تونس : 94 سائحًا أمريكيًّا وبريطانيًّا يصلون الى ميناء سوسة اليوم    مصر: غرق حفيد داعية إسلامي مشهور في نهر النيل    وزير الدفاع الايطالي في تونس    نابل: الاحتفاظ بعنصر تكفيري مفتش عنه    زلزال بقوة 6.2 درجات يضرب هذه المنطقة..    عمال بشركة منتصبة بصحراء تطاوين يحتجون ويطالبون بإلغاء المناولة    أبرز اهتمامات الصحف التونسية ليوم الثلاثاء 23 أفريل 2024    بطولة إفريقيا للأندية للكرة الطائرة: مولودية بوسالم يواجه الأهلي المصري من الحفاظ أجل اللقب    محمد الكوكي: هدفنا هو التأهل للمشاركة إفريقيا مع نهاية الموسم الحالي (فيديو)    فظيع/ جريمة قتل تلميذ على يد زميله: تفاصيل ومعطيات صادمة..    وزارة الخارجية تنظم رحلة ترويجية لمنطقة الشمال الغربي لفائدة رؤساء بعثات دبلوماسية بتونس..    لأول مرة: التكنولوجيا التونسية تفتتح جناحا بمعرض "هانوفر" الدولي بألمانيا    بطولة ايطاليا : بولونيا يفوز على روما 3-1    الإطاحة ب 9 مروجين إثر مداهمات في سوسة    عاجل : وفيات في سقوط طائرتي هليكوبتر للبحرية الماليزية    مدنين: حجز 4700 حبة دواء مخدر وسط الكثبان الرملية    جمعية منتجي بيض الاستهلاك تحذّر من بيض مهرّب قد يحمل انفلونزا الطيور    حادثة سقوط السور في القيروان: هذا ما قرره القضاء في حق المقاول والمهندس    الجزائر.. القضاء على إره.ابي واسترجاع سلاح من نوع "كلاشنكوف"    بعد الجرائم المتكررة في حقه ...إذا سقطت هيبة المعلم، سقطت هيبة التعليم !    مذكّرات سياسي في «الشروق» (1)...وزير الخارجية الأسبق الحبيب بن يحيى... يتكلّم .. الخارجية التونسية... لا شرقية ولا غربية    استلام مشروع تركيز شبكة السوائل الطبية لوحدة العناية المركزة بقسم الأمراض الصدرية بالمستشفى الجامعي الهادي شاكر    تونس: وفاة 4 أطفال بسبب عدم توفّر الحليب الخاص بهم    بن عروس: توجيه 6 تنابيه لمخابز بسبب اخلالات تتعلق بشروط حفظ الصحة    باجة: انطلاق الاستعدادات لموسم الحصاد وسط توقعات بإنتاج متوسط نتيجة تضرّر 35 بالمائة من مساحات الحبوب بالجهة    بعد ترشّحها لانتخابات جامعة كرة القدم: انهاء مهام رئيسة الرابطة النسائية لكرة اليد    تقرير: شروط المؤسسات المالية الدولية تقوض أنظمة الأمان الاجتماعي    الكاف: تقدم مشروع بناء سد ملاق العلوي بنسبة 84 بالمائة    تكريم هند صبري في مهرجان أسوان الدولي لسينما المرأة    صادم: كلغ لحم "العلوش" يصل الى 58 دينارا..!!    بطولة الرابطة المحترفة الاولى (مرحلة التتويج): برنامج مباريات الجولة الخامسة    وزارة الدفاع الوطني تعرض أحدث إصداراتها في مجال التراث العسكري بمعرض تونس الدولي للكتاب    وزارة الخارجية تنظم رحلة ترويجية لمنطقة الشمال الغربي لفائدة رؤساء بعثات دبلوماسية بتونس    هاليب تنسحب من بطولة مدريد المفتوحة للتنس    لأقصى استفادة.. أفضل وقت لتناول الفيتامينات خلال اليوم    خالد الرجبي مؤسس tunisie booking في ذمة الله    ضروري ان نكسر حلقة العنف والكره…الفة يوسف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ثورة الحرية والكرامة في ذكراها الأولى
ملفات "الصباح" - سنة أولى ثورة...

- عام يمر اليوم على أحداث 14 جانفي التي شهدت جذوة ثورة الكرامة والحرية بفرار الرئيس السابق مذعورا إلى خارج تونس دون رجعة وأثبت الشعب التونسي جدارته بالحرية وأذهل العالم بقدرته على افتكاك حريته بنفسه ودحر الاستبداد..
لكن ماذا تحقق من أهداف الثورة التونسية بعد أكثر من عام على اندلاعها..؟ هل ما زال للثورة نفس ام خمدت شعلتها وأطفأ لهيبها.. ام هل ما زال في القلب نبض ومازال من تحت الرماد جمر؟
كيف حال ثورة الحرية والكرامة اليوم، هل هي بخير؟ هل اشتد عودها وأزهرت وحان قطاف ثمارها، ام ما زال في الطريق حفر ووجع وحرقة وأسئلة حائرة واحتقان مكبوت..؟
يشبّه البعض ثورتنا كمثل الأم التي تجاهد لإرضاع وليدها وتكابد من أجل ذلك مرارة الخصاصة والحرمان، وتنظر سلامة رضيعها حتى يشتد عوده ويكتمل نموه لكنها تخشى عليه من كيد الكائدين وتربص الحاقدين وحسد الحاسدين، وتلون المنافقين..
ثورتنا كمثل زهرة مرّ ربيعها ولم تزهر تنشد التفتح لكنها مازالت تحاول، تروم إهداء عبيرها لكن يعوزها لقاح المحاسبة الفعلية.. محاسبة رموز الفساد وصانعي الاستبداد ومن داس على كرامة الانسان ونهش من لحم الضعفاء والفقراء.. ومحاسبة المسؤولين عن مقتل الشهداء.. ورد الاعتبار لهم ولمصابي الثورة وجرحاها.. وتوفير الشغل وضمان مقومات التنمية العادلة.. وارجاع الحقوق لأصحابها..
يتفق أغلب المحللين ورجال السياسية والاقتصاد والحقوقيين أن ثورة الكرامة والحرية ما تزال في اوج عطائها بل إن ما تحقق منها ليس سوى النزر القليل..
فرغم بعض الخطوات البطيئة التي باعدت بين الأمس القريب واليوم، لكنها مضيئة قد تشعل درب المستقبل ان تحققت بعض الشروط..
من ذلك أن تونس نجحت في تنظيم اول انتخابات حرة تعددية نزيهة وشفافة في تاريخها، تشكل على اثرها المجلس الوطني التأسيسي الذي سينكب على اعداد دستور في ظرف عام وانبثقت عن المجلس حكومة شرعية ما زال امامها عديد التحديات والعراقيل للوصول بالثورة إلى بر الأمان.. انتخابات أذهلت العالم رغم الهنات التي رفاقت العملية الانتخابية وضرب الشعب التونسي مرة أخرى موعدا مع التاريخ بعد أن شارك بحماسة في وضع اولى لبنات بناء الديمقراطية المنشودة..
وهذه من أوكد اهداف الثورة، كما نجحت الحكومات الانتقالية المتعاقبة في تثبيت نوع من الهدنة الاجتماعية لكنها تظل مع ذلك نسبية ومهزوزة وهشة.. والدليل على ذلك عودة المطلبية الاجتماعية للبروز وبشكل مريب ومخيف مباشرة بعد انتخابات 23 اكتوبر..
في هذا الملف تتنازع الآراء وتتباين بخصوص ما تحقق بعد عام من ثورة الحرية والكرامة، ومآل أهداف الثورة ومصيرها..
يرى بعضهم أن الثورة في مسار صحيح ولا خوف عليها من الزيغ والهيمنة والرجوع إلى الوراء.. ويجدون مبررات موضوعية للحكومة الانتقالية الجديدة التي وضعت للتو ساقها في الحكم.. ويرون ان من المبكر الحكم لها اوعليها على اعتبار أن مسار الثورة متواصل واهدافها في أمان..
لكن البعض الآخر بدا متشائما ويرى في المشهد السياسي اليوم كثيرا من الغموض وقليلا من التفائل ويعددون مظاهر الخطر من العودة إلى الخلف، والوقوع في براثن الدكتاتورية والتسلط والخلط بين الحزبي والحكومي..
وينزع اخصائيون في الاقتصاد وعلم الاجتماع إلى رسم مشهد قاتم، التفائل الحذر الممزوج بالخوف من المستقبل مبرزين مؤشرات سلبية للاقتصاد الوطني وتفاقم التوترات الاجتماعية من ذلك تواصل غلق المؤسسات، وفقدان مواطن الشغل، وارتفاع نسبة البطالة..
ولا يختلف المشهد في قطاعات أخرى كثيرا عن المشهد الاقتصادي، فالمشهد الإعلامي اليوم في مفترق طرق وما يزال يبحث عن نفسه، لكنه في حراك غير مسبوق مع اندلاع مظاهر احتجاجية وصلت حد الصدام والتوتر بين الإعلاميين وماسكي السلطة.. في وقت تأخرت فيه عملية محاسبة المذنبين منهم ممن احترفوا التطبيل في العهد البائد واجرموا في حق المهنة وفي حق زملائهم..
فضلا عن المشهد الأمني الذي ما يزال في انتظار تنفيذ الإصلاحات هيكلية وجوهرية، والمشهد القضائي المرشح لتطورات جديدة في الأفق عنوانها الإصلاح.. لكن أبرز مشهد بارز صوّره ومعالمه ما تزال تتواتر في اذهان الناس هو مشهد شهداء الثورة الحقيقيين الذي لم تجف دمائهم بعد ولا يزالون في انتظاررد الإعتبار لهم بمحاسبة القتلة والجلاّدين.

عائلات الشهداء بصوت واحد: المحاسبة.. المحاسبة ثم.. المحاسبة
ذكرى، بأي حال عدت يا ذكرى.. كثيرون يستحضرون هذا القول اليوم بعد مرور سنة على اندلاع الثورة التونسية. وبمرارة كبيرة تحل ذكرى هروب المخلوع على عائلات الشهداء وجرحى الثورة وهم يرون دماء أبنائهم الزكية التي روت هذه الأرض الطيبة وتضحياتهم التي كانت سببا مباشرا في الإطاحة بالنظام البائد لم يقابلها عرفان بالجميل ورد إعتبار وبداية تغيير حقيقي وقطع مع ممارسات الماضي. والقاسم المشترك بين عائلات الشهداء وجرحى الثورة من شمال البلاد إلى جنوبها هو المطالبة بالمحاسبة الجادة والعادلة والكشف عن حقائق وملابسات اعطاء الأوامر بالقتل وفك لغز القناصة وتقديم المذنبين إلى العدالة. ويقول هؤلاء أنه ما لم يتحقق ذلك ويقدم المخلوع وكل من تورط في إراقة الدماء إلى القضاء فلن يكون لذكرى الثورة طعم يذكر وستظل حرقة في قلوبهم بأن تضحياتهم ذهبت هباء.
يستحضر في هذا السياق حمادي بوزيدي أب الشهيد رؤوف البوزيدي يوم إستشهاد إبنه قبل فرار المخلوع قائلا إنه حاول منعه يومها من الإلتحاق بأبناء الحي الذين انتفضوا خوفا على حياته لا سيما وأن التعزيزات الأمنية التي أرسلت للقصرين يومها تنذر بنوايا إخماد الإحتجاجات في مهدها مهما كان الثمن، ويضيف أن ابنه قال له يومها"خليني نموت وإلي يعيش بعدي يعيش لاباس".
لكن يعتبر محدثنا أن ما مات من أجله ابنه مازال حلما بعيد المنال في نظره. ويرى أنه رغم مرور سنة بأكملها على هروب المخلوع لم يتغير شيء لأن نظامه ورموزه مازالوا فاعلين إلى اليوم والدليل على ذلك هوغياب الإرادة السياسية لمحاسبة القتلة.
تستر.. ومماطلة
من جهتها وعلى بساطة معرفتها بخفايا السياسة والسياسيين تصر ربح بريكي أم الشهيد صلاح دشراوي أن ما أسمته حكومة الظل-ولعلها تستعين هنا بمصطلح القاضى فرحات الراجحي بل وتؤيده- لا تريد كشف الحقائق ومحاسبة من قتل ابنها وشهداء الثورة.
وما يحز في نفس ربح وهي تتحدث إلينا بحرقة وعين دامعة، أن الموجودين اليوم في المجلس التأسيسي وفي الحكم وفي الأحزاب ومن خرجوا من السجون وعادوا من المنفى.. جميعهم قفزوا على ملف المطالبة بالمحاسبة وأسقطوه من قائمة أولوياتهم... وتقول ربح أنها تشاهد مداولات المجلس التأسيسي وتتابع خطب الساسة اليوم ولا تجد فيها ما يشفي غليلها ويطمئن فؤادها بأن رد إعتبار الشهداء بمحاسبة القتلة آت عما قريب.
وحتى جلسات المحاكمة تعتبرها ربح"مسرحية" قد تنتهى بتقديم أكباش فداء ويظل القتلة الحقيقيون طلقاء.
وتحمل عائلات الشهداء الحكومات المتعاقبة منذ الثورة وإلى الآن مسؤولية التستر والمماطلة في المحاسبة بدءا من حكومة الغنوشي وصولا إلى حكومة الباجي كما يقولون أن الحكومة الحالية لم تقدم بدورها مبادرات إيجابية للوثوق في نواياها بشأن ملف المحاسبة وتطهير الجهاز الأمني والقضائي.
ويشيرهنا أب الشهيد وليد القريري أن ما أعلنت عنه الحكومة الحالية في اجتماعها الأول من تعويضات مادية لشهداء وجرحى الثورة لا يعنيه في شيء فهو يريد أن يرى من قتل ابنه في ريعان شبابه يقدم أمام القضاء وينال جزاءه.
فقد الثقة
وتحدثت أيضا جميلة أم الشهيد عبد القادر غضباني وهي تحتضن صورة ابنها، عن خيبة أملها الكبيرة في ذكرى استشهاد ابنها لأنها فقدت الثقة في أن ترى العدل يتحقق بعد هروب الطاغية. وتساءل زوجها الذي تدهورت صحته بعد استشهاد ابنه وأصبح غير قادرعن العمل"من يتستر اليوم على المذنبين في حق الشهداء والمورطين في الفساد والقتل؟"
وتقول أم الشهيد عبد الباسط "ما يحس الجمرة كان إلى عافسها"لأنها تعتقد أنه لا أحد يعير إهتماما اليوم لعائلات الشهداء كما أن جرحى الثورة لم يجدوا على امتداد سنة بأكملها الرعاية التي يستحقوها معتبرة المبلغ الذي قدم لهم إهانة.
وتضيف أن الجميع يتاجر بملف الشهداء والجرحى وقريبا سينسى الجميع تضحياتهم وأسمائهم ولن يذكرهم أحد مستقبلا.
ولا يقتصر الإحساس بفقد الثقة في وجود إرادة للمحاسبة على عائلات الشهداء فالموقف ذاته نجده عند المجتمع المدني والهياكل المعنية بالعدالة الإنتقالية.
ويشير في هذا الإطارعمرالصفراوي منسق تنسيقية المجتمع المدني للعدالة الإنتقالية أن الحكومات المتتالية لم تقم بالمطلوب في ملف الشهداء لا سيما على مستوى التقدم في المحاسبة تمهيدا لإرساء العدالة الانتقالية. وهو ما جعل الجميع يفقد الثقة في وجود إرادة سياسية حقيقية ومن بينهم عائلات الشهداء.
العدالة الإنتقالية
ويشير محدثنا أن عائلات الشهداء تتطالب بكشف الحقيقية دون تشفي أو انتقام لكن يبدو أن هناك نوع من الحماية داخل وزارة الداخلية وتعتيم على كشف الفرق التي شاركت في قمع الإحتجاجات ورؤسائها وأماكن تمركزها ومن أعطى الأوامر"وهي مسائل من البديهي أن تكون موثقة لكن وبعد مرور سنة هناك اصرار على عدم كشفها.."
ويضيف عمر الصفراوي أن ثقافة الإفلات من العقوبة يجب أن تنهي خاصة وأن التقدم في ملف العدالة الانتقالية يقتضى حتما المرور بموضوع المحاسبة وقطع أشواط في هذا الإتجاه.
ويعيب محدثنا على الحكومة عدم تقديم إشارات واضحة إلى حد الآن ويطالبها بوضع أجندة لحل المشاكل العالقة وفي مقدمتها ملف المحاسبة للمرور في مرحلة موالية إلى المصالحة. معتبرا ما قدم إلى حد الآن خطابات جميلة وإيجابية تنتظر ترجمة فعلية على أرض الواقع.
منى اليحياوي

تاج الربيع العربي
ثورة الكرامةوالحرية(اوثورة الياسمين)، هي ثورة شعبية اندلعت شرارة أحداثها في17 ديسمبر2010 تضامنًا مع الشاب محمد البوعزيزي الذي قام بإضرام النار في جسده في نفس اليوم تعبيرًا عن غضبه على بطالته ومصادرة العربة التي يبيع عليها من قبل عون المراقبة البلدية فادية حمدي (وقد توفي البوعزيزي 5 جانفي/ 2011 نتيجة الحروق في مستشفى بن عروس للحروق البليغة).
أدى ذلك إلى اندلاع شرارة المظاهرات في يوم 18 ديسمبر 2010 وخروج آلاف التونسيين الرافضين للظلم و القهروخاضة البطالة وعدم وجود العدالة الاجتماعية وتفاقم الفساد داخل النظام الحاكم. ونتج عن هذه المظاهرات التي شملت مدن عديدة في تونس عن سقوط العديد من الشهداء والجرحى من المتظاهرين نتيجة تصادمهم مع قوات الأمن، وأجبرت زين العابدين بن علي على إقالة عدد من الوزراء بينهم وزير الداخلية وتقديم وعود لمعالجة المشاكل التي نادى بحلها المتظاهرون، كما أعلن عزمه على عدم الترشح لانتخابات الرئاسة عام 2014. كما تم بعد خطابه فتح المواقع المحجوبة في تونس كاليوتيوب بعد 5 سنوات من الحجب، بالإضافة إلى تخفيض أسعار بعض المنتجات الغذائية تخفيضاً طفيفاً. لكن الاحتجاجات توسعت وازدادت شدتها حتى وصلت إلى المباني الحكومية مما أجبر المخلوع على الفرار ومغادرة البلاد إلى السعودية يوم الجمعة 14 جانفي2011. فأعلن الوزير الأول محمد الغنوشي في نفس اليوم عن توليه رئاسة الجمهورية بصفة مؤقتة وذلك حسب الفصل 56 من الدستور، مع إعلان حالة الطوارئ وحظر التجول. لكن المجلس الدستوري قرر بعد ذلك بيوم اللجوء للفصل57 من الدستور وإعلان شغور منصب الرئيس، وبناءً على ذلك أعلن في يوم السبت 15 جانفي 2011 عن تولي رئيس مجلس النواب فؤاد المبزع منصب رئيس الجمهورية بشكل مؤقت إلى حين إجراء انتخابات رئاسية مبكرة خلال فترة من 45 إلى 60 يومًا. وشكلت الثورة التونسية المفجر الرئيسي لسلسلة من الاحتجاجات والثورات في عدد من الدول العربية.
تسلسل الأحداث حسب التاريخ
- 17 ديسمبر 2010 : أضرم الشاب محمد البوعزيزي النار في نفسه.
- 18/19 من ديسمبر 2010: مواجهات بين مئات الشبان في منطقة سيدي بوزيد وقوات الأمن. المظاهرة كانت للتضامن مع محمد البوعزيزي والاحتجاج على ارتفاع نسب البطالة والتهميش والإقصاء في هذه الولاية الداخلية. وانتهت الاحتجاجات باعتقال عشرات الشبان وحرق وتحطيم بعض المنشآت العامة.
- 21 ديسمبر: توسع دائرة الاحتجاجات بولاية سيدي بوزيد لتنتقل الحركة الاحتجاجية من مركز الولاية إلى عدة مدن مجاورة كالمكناسي والرقاب وسيدي علي بن عون ومنزل بوزيان حيث خرج السكان في مسيرات حاشدة للمطالبة بالعمل وحقوق المواطنة والمساواة في الفرص والتنمية.
- 24 ديسمبر 2010: تطور خطير للأحداث بولاية سيدي بوزيد حيث اتخذت الاحتجاجات السلمية شكل انتفاضة شعبية شملت جميع مدن الولاية ، وقامت قوات الأمن بإطلاق الرصاص الحي على المسيرة السلمية في مدينة منزل بوزيان مما أسفر استشهاد وجرح عدد من المتظاهرين ، كما عمدت قوات الأمن إلى اعتقال عدد كبير منهم.
- 25 ديسمبر2010 : تجمع المئات من النقابيين والحقوقيين في ساحة محمد علي في تونس العاصمة للتعبير عن تضامنهم مع أهالي سيدي بوزيد والاحتجاج على قمع المسيرات الشعبية والاعتقالات واستعمال قوات الأمن للرصاص.
- 27 ديسمبر2010 : انتقال الحركات الاحتجاجية إلى ولايات ومدن تونسية أخرى في تصعيد خطير للأحداث حيث رفع المتظاهرون في مدن تونس وصفاقس والقيروان والقصرين وتالة ومدنين وقفصة شعارات مساندة لأهالي سيدي بوزيد ومنددة بتدهور الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية وارتفاع البطالة في عدد المدن التونسية والمطالبة بتنمية عادلة.
- 28 ديسمبر2010 : أول رد رسمي للمخلوع على الاحتجاجات الشعبية في خطاب متلفز بثته القناة الرسمية تونس7 ، أدان فيه " أعمال الشغب" وقال إنها تضر بصورة تونس لدى المستثمرين وتعهد بتطبيق القانون "بكل حزم" ضد المأجورين والمتطرفين".
- 30 ديسمبر 2010: المخلوع يقوم بتعديل وزاري محدود حيث عين سمير العبيدي وزيرا جديدا للاتصال كما عين وزيرا جديدا للشباب والرياضة ووزيرا جديدا للشؤون الدينية.
- ليبيا ترفع القيود الإدارية المفروضة على التونسيين الراغبين في السفر والعمل في ليبيا ومعمر القذافي يأمر بمعاملتهم كمواطنين ليبيين.
- 3 جانفي2011: مواجهات عنيفة في مدينة تالة بين محتجين وقوات الأمن استخدمت فيها الشرطة القنابل المسيلة للدموع والرصاص ما أسفر عن سقوط عدد كبير من الشهداء والجرحى.
- 5 جانفي 2011: وفاة محمد البوعزيزي الشاب الذي أوقد نار الاحتجاجات الشعبية في تونس متأثرا بجراحه بعد 18 يوما من محاولته الانتحار أمام مقر ولاية سيدي بوزيد. خروج المظاهرات في تالة عن سيطرة قوات الأمن بعد إحراق المتظاهرين لمقر الحزب الحاكم ومبنى للشرطة ، وقوات الأمن تستنفر كل إمكانياتها الأمنية لقمع المتظاهرين.
- 6 جانفي2011: اعتقال مدونين ومغني راب تونسي على خلفية تعرضهم للنظام التونسي على صفحات الانترنت والمحامون ينظمون اعتصاما في أروقة المحاكم احتجاجا على الاضطهاد الأمني.
- 8 جانفي2011: مقتل 6 أشخاص في مدينة تالة وشخصين في القصرين في مظاهرات عنيفة عمت منطقة الوسط الغربي للبلاد.
- 9 جانفي2011: المظاهرات تصل إلى العاصمة تونس وتتسم بتصاعد العنف خلال الاحتجاجات التي رفعت لأول مرة شعارات ضد النظام والحكومة. وقوات الأمن تستعمل الرصاص الحي ضد المحتجين. إضراب 95 بالمائة من المحامين. وسقوط أكثر من 35 قتيلا في مدينتي القصرين وتالة
- 10 جانفي2011: خطاب جديد للمخلوع لمحاولة تهدئة الأوضاع وتقديم حلول للخروج من الأزمة، ووعود بخلق 300 ألف فرصة عمل جديدة لاحتواء نسب البطالة المرتفعة لدى حاملي الشهادات العليا. وتعليق الدروس في المدارس والجامعات إلى أجل غير مسمى.
- 11 جانفي 2011: المظاهرات تنتشر في عدة مدن وفي العاصمة تونس لتبلغ الأحياء الشعبية التي تعاني الفقر والتهميش كحي الانطلاقة والتضامن. وحرق بعض مقرات التجمع الدستوري الديمقراطي (الحزب الحاكم). والشرطة تفرط في استخدام العنف مما يسفر عن سقوط شهداء وجرحى.
- قمع مظاهرة نظمها الفنانون التونسيون أمام المسرح البلدي في العاصمة.
- 12 جانفي2011: المخلوع يقيل وزير الداخلية ويعين وزيرا جديدا وقمع قوات الأمن يخلف قتلى في مدن من الجنوب التونسي لأول مرة وفي مدن الوطن القبلي وانتشار الجيش في العاصمة تونس وأغلب المدن الكبرى. ووزير الداخلية الجديد يفرض حظرا للتجول في مدن تونس الكبرى ولأجل غير محدد. وسكان صفاقس يخرجون إلى الشارع في مظاهرة ضخمة.
- 13 جانفي2011: تواصل المظاهرات والاحتجات في اغلب ولايات الجمهورية وسقوط المزيد من الشهداء والجرحي والمخلوع يلقي خطابه الثالث والأخير
- 14 جانفي 2011 :ثورة وانتفاضة الشعب التونسي تبلغ ذروتها بنزول الاف المتضاهرين الي وسط العاصمة وتحديدا أمام مقر وزارة الداخلية رافعين عدة شعارات أبرزها الشعار الرمز ben ali degage
الهروب
في يوم الجمعة 14 جانفي 2011 أجبرت ثورة الشعب التونسي زين العابدين بن علي الذي كان يحكم البلاد بقبضةٍ حديدية طيلة 23 سنة على مغادرة البلاد فارّا إلى السعودية حيث وصلت طائرته إلى جدّة. وقد رحب الديوان الملكي السعودي بقدومه واسرته إلى الأراضي السعودية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.