فركة صابون" تستحوذ على اهتمامي ولا أحبذ تداخل المشاريع - نفى الممثل معز التومي أن تكون وراء خوضه تجربة التنشيط التلفزي في برنامج الألعاب "الصندوق" على قناة "نسمة" أيّة حسابات أو خلفيات خاصة أن سامي الفهري سبق أن نشط برنامج "آخر قرار" المشابه له من حيث المضمون والشكل على قناة تونس7 (قبل أن تتحول إلى الوطنية الأولى) بعد الثورة . وأكد أن التنشيط التلفزي ليس تجربة جديدة بالنسبة له نظرا لأنه سبق أن خاض تجارب عديدة في هذا المجال خلال السنوات الخمس الأخيرة سواء في البرامج الموجهة للأطفال أو في المنوعات وغيرها على قنوات تلفزية تونسية وعربية. في المقابل أكد معز التومي في حديثه ل"الصباح" أنه يبقى ممثلا بدرجة أولى واعتبر مواصلته عرض مسرحية "فركة صابون" التي تشاركه التمثيل فيها الممثلة القديرة عزيزة بولبيار تأكيدا على ذلك. كما تحدث في هذا الحوار عن عديد المسائل الأخرى. وفيما يلي نص الحديث الذي أجريناه مع الممثل والمنشط التلفزيوني. * بعد خوضك تجارب مختلفة في التمثيل في المسرح والسينما والدراما والسيتكوم وصولا إلى التنشيط التلفزي، أين وجدت "أنا" معز التومي؟ - خضت تجارب عديدة ومتنوعة على جميع الأصعدة وكانت متميزة بالنسبة لي. ولم اكن أبحث عن ذاتي أو عن "أنايا" الضائعة وإنما في إطار تنويع التجارب المتاحة والتعلم منها. لأني أطمح لتطوير إمكانياتي كممثل أو فنان، التجارب الثرية أداة مثلى لتحقيق ذلك. والحقيقة التي لا يجب تغييبها هو أنه ليست هناك حتمية في الفن سواء في النجاح أو نوعية العمل وإنما هناك تجارب. ولكن في خضم هذا التنوع تبقى شخصية معز التومي في الحالة التي يعيشها في يومه بعيدا عن الأدوار التي يتقمصها في التمثيل. * ألم تخش من المقارنة بينك وبين سامي الفهري الذي سبق أن نشط برنامج "آخر قرار" الذي يشبه "الصندوق من حيث الشكل والمضون؟ - ليس هناك أيّ مجال للمقارنة لأن برنامج "الصندوق" بمقاييس عالمية. ثم أن لكل واحد منا أسلوبه وطريقته. ولا أنكر أنه سبق أن تعاملت مع سامي الفهري في مسلسل مكتوب وكانت التجربة جد متميزة. لذلك أنا أعتبر تجربتي في التنشيط متميزة وهو ما تبيّنته من ردود أفعال وآراء الناس الذين يستوقفونني دائما وانا أولي اهتماما لكل الآراء والانتقادات الهادفة. وجدت تجربة التنشيط التلفزي متميزة وفيها فائدة كبيرة لي خاصة أني خضت تجارب غير مسبوقة انطلقت بتنشيط برامج خاصة بالأطفال مرورا بتجارب تلفزية أخرى أبرزها " كوجينتنا" على القناة الوطنية وآخرها برنامج الألعاب والترفيه "الصندوق" على قناة نسمة. * بم تفسر تحول عدد من المسرحيين والممثلين إلى منشطين لبرامج تلفزية في الفترة الأخيرة؟ - أعتقد أن الجميع يشاطرني الرأي انه قد يكون هناك إعلاميون محترفون على دراية بأساليب النقد والحوار وملمون بالشأن السياسي والمعرفي والفكري ولكنهم غير قادرين على تحقيق النجاح المطلوب في التنشيط التلفزي. لأن التنشيط في مثل هذه المنوعات يتطلب اكتساب الروح المرحة والثقافة الواسعة. لذلك أعتبر دخول فنانين ممثلين في مجال التنشيط التلفزي فيه إثراء وإضافة للمشهد الإعلامي. فجعفر القاسمي يذكرني بالمرحوم سفيان الشعري لأنه مثقف وحسام الساحلي قدم تجربة اعتبرها ناجحة في الوطنية الثانية كما أن نجوم السينما والتمثيل في مصر وعديد البلدان العربية تحديدا خاضوا تجارب لاقت التشجيع والقبول من المشاهدين على غرار رامز جلال وغيره. في المقابل أجد بعض الإعلاميين في أدوار التمثيل. لأني أرى أن المواهب تتداخل والأهم في كل ذلك أن تحصل الفائدة. * ألا يساهم هذا التداخل في تهميش المشهد الثقافي ويحول دون الاستفادة من مكسب الحرية في هذه الفترة تحديدا في ظل تعدد القنوات التلفزية وفسح المجال أمام الفنانين للعمل؟ - أنا أرى أنه يجب فسح المجال في هذا الجانب أمام كل التجارب وكل من يأنس في نفسه القدرة على تقديم الإضافة. ولكن اعتبر هذه المسألة مرتبطة في جانب آخر منها بإرادة المؤسسات الإعلامية التي تتجه إلى الاستثمار في طاقات وقدرات الممثلين الناجحين مما يساهم في جلب الاشهار الذي يعد مصدر مداخيل أغلب المؤسسات الاعلامية. واعتبر نفسي فنانا ولست إعلاميا ولكن قد أكون منشطا ناجحا. * هل تعني بذلك أنك بعد أن تمرست على الركح والجمهور والكاميرا فأصبحت على ثقة بنفسك في النجاح في المجال وتفكر في المشاريع التلفزية؟ - لا أنكر أني على ثقة في قدراتي على التميز في هذا المجال. وأنا أحلم بتنشيط منوعة تلفزية كبيرة تكون جامعة لما هو ثقافي وفني على طريقة "تاراتاتا " لكن إلى حد الآن انا في انتظار ما ستسفر عنه الظروف. * وكيف تقيّم "الحوار" القائم في المشهد التونسي بعد سنتين من الثورة خاصة بعد طغيان ما هو سياسي على الشأن الثقافي والفكري والاجتماعي والإبداع في حد ذاته؟ - أعتقد أننا كفنانين وأهل الثقافة والفكر بمختلف قطاعاتها ومجالاتها مطالبون بالعمل من أجل أن يكون لنا مشهد ثقافي ودرامي ومسرحي متنوع يكون موجها للنهوض بجانب هام وأساسي يمثل في ابعاده وتجلياته عنوان الفترة الحالية هو "القيم الإنسانية لا غير". لأنه عادة ما تهتز القيم الإنسانية بعد الثورات والحروب في تاريخ الشعوب. لذلك وجب أن نعمل على المحافظة على قيمنا وأن نرتقي بحوارنا لنحقق أهداف ثورتنا ونرتقي بمستوى الإنسان في بلادنا إلى ما نطمح ونريد. * المتتبع لحديثك في هذا الجانب يتبيّن أنك متفائل بالمستقبل؟ - حسب رأيي هناك مشروع سياسي هو في طور النمو يمر بوعي يؤشر لمستقبل سياسي أفضل في بلادنا لكنه متعثر. ولكن هناك حقيقة يجب التيقن منها أن التغيير والأحداث التي عرفتها بلادنا لا يمكن أن تصنع إلا شعبا قويا سيكتسب مناعة ضد الفساد بمرور الوقت. لأن تونس مرت بمراحل صعبة واستطاع التونسي أن يخرج منها بنجاح. ثم أن الشعب التونسي اليوم واع أكثر من اي وقت مضى وهو قادر على الخروج من هذا الوضع المتردي. فالتجاذبات التي نعيشها أعتبرها بمثابة الدربة على التعاطي مع واقعنا الجديد. إذ يكفي التذكير أننا لم نكن نعرف معنى الدستور والحوار والاختلاف والأحزاب وغيرها من المظاهر والحراك الذي يعيشه مجتمعنا اليوم. والدليل أننا اصبحنا نرى الفرقاء السياسيين في حوارهم في هذه الفترة أقل حدة مما كان عليه الحال قبلا. لأن ما تحقق من هامش الحرية بالحديث في كل المواضيع يعد أبرز مؤشر على السير نحو التأسيس للديمقراطية المنشودة. * ما هو دور الفنان في هذه الفترة بالذات ؟ - أنا أرى أن الفنان لا يجوز أن يخدم اي جهة أو تيار سياسي بل عليه الاستفادة من التجربة القديمة والتوجه إلى خدمة القيم الإنسانية الجامعة لكل الأطياف الاجتماعية والتيارات السياسية على غرار قضايا المرأة والطفل والمجتمع. لأن الفن يبقى الوجه المشرق لأية حضارة والفنان هو وحده من يؤرخ لهذه الفترة المفصلية في تاريخ بلادنا وليس الأنظمة السياسية. * ما هو مشروعك الفني الجديد إذا؟ - أنا حاليا لست مسكونا بأي مشروع جديد باستثناء مواصلة عرض مسرحية "فركة صابون" باعتباره عملا جديدا لا يزال يحظى بالطلب خاصة أني لا أريد التداخل بين المشاريع. وتتواصل عروض هذه المسرحية التي أقدمها رفقة الممثلة القديرة عزيزة بولبيار وتتناول قضية المرأة في شموليتها وذلك في سلسلة من العروض لفائدة جمعيات خيرية لا سياسية. لأني أدقق في مرجعية هذه الجمعيات حتى لا أسقط في خدمة أي أجندا سياسية أو إيديولوجية. ليكون العرض القادم يوم السبت المقبل بالكوليزي والعرض الذي يليه في العاصمة في بداية فيفري القادم. نزيهة الغضباني