لئن احتفلت المرأة الفلسطينية مثلها مثل كل نساء العالم بيوم المرأة العالمي.. فإنّ احتفالاتها تختلف جوهريا عن غيرها لخصوصية وضعها السياسي والاقتصادي والاجتماعي في ظل الاحتلال الإسرائيلي وجسامة المعاناة والآلام والتضحيات التي تقدمها المرأة الفلسطينية على امتداد عقود.. إن المرأة الفلسطينية المهدورة كرامتها.. الأرملة والثكلى التي كبّلت حياتها الفواجع والانكسارات عبرت في احتفالاتها بهذا اليوم العالمي عبر مسيرات وتظاهرات شملت العديد من المدن الفلسطينية عن الجروح الغائرة التي تعاني منها نتيجة المحرقة التي يتعرض لها النساء والأطفال وطوق الحصار المضروب عليهم والمكابدة والآلام التي يعانون منها يوميا تحت وطأة الاحتلال الجائر.. لقد قدمت المرأة الفلسطينية منذ بدء الاستيطان الكثير من التضحيات ولم تستثنيها آلة الحرب الإسرائيلية التي حصدت أرواح الآلاف ولم يرهبها الأسر في المعتقلات ولا قتل أطفالها الرضع بين أحضانها ولا أشكال التمييز الصارخ ضدها بل ظلت السند القوي للمناضل الفلسطيني تلهمه من صبرها وتغذي روح المقاومة فيه من شجاعتها وإصرارها على رفع المذلة والمهانة، لم تساوم ولم تيأس رغم همجية الاحتلال ومجازره المتكررة في حق المدنيين الأبرياء.. وتكريما للمرأة الفلسطينية ونضالها في خدمة قضيتها لم يتوان الرئيس أبو مازن عن منح عدد من سيدات الأراضي الفلسطينية بهذه المناسبة العالمية «نجمة فلسطين» وهو أعلى وسام تقديرا لمسيرتهن في خدمة المجتمع.. ولئن كابدت المرأة في الأراضي المحتلة وعانت من ويلات التدمير والاغتيالات وسياسة التجويع والفقر والأمراض فان مكابدتها اليوم في قطاع غزة بالخصوص وباقرار منظمات دولية أصبحت من صنف المعجزات بعد أن اتضح أن الحصار الاسرائيلي تسبب في أسوا أزمة انسانية منذ أربعين عاما حيث أصبحت معاناة المرأة هناك مضاعفة بعد نقص الغذاء وتداعي الخدمات الصحية والمياه ونظام الصرف الصحي بشكل حاد الأمر الذي يُنبئ بكارثة انسانية.. لقد احتفلت المرأة الفلسطينية كغيرها من النساء بيوم المرأة العالمي... ولكن أيامها ستظل متشابهة على مدار السنة مختزلة في الدماء والدموع.. في تشييع مواكب الشهداء أطفالا وشيوخا وفي العيش في مخيمات وفي ملاجئ للعراء.. لا مكان في مسيرة حياتها لدراسة أبنائها الذين دُمرت مدارسهم ولا للخدمات الصحية في غياب أدوية ومراكز استشفائية ولا غذاء في ظل طوق من الحصار فرض قيودا على الوقود والكهرباء والماء. هكذا أراد الاحتلال في ظل صمت دولي مشبوه.