لم يكن خطاب رئيس الجمهورية المؤقت السيد منصف المرزوقي بمعزل عن حالتي التوتر والقلق اللتين ميزتا الوضع السياسي في الآونة الاخيرة .وقد أراد المرزوقي الظهور بمظهر الرجل القريب من الشعب وحاول "تذييت العلاقة" بينه وبين كل التونسيين من خلال استعماله لغة بسيطة اولا والولوج الى العاطفة عبر طرق بوابة العلاقات الأسرية عبر عبارات" إخوتي... أحبتي... أهلي..." موجها بذلك خطابة لاكبر مجموعة من التونسيين حتى أولائك الذين لم ينتخبوه مطمئنا إياهم بسلامة التمشي السياسي الحاصل في بلادنا رغم ظواهر التأزم والعنف السياسي. =وفي واقع الامر يبدو أن المرزوقي لا يملك الى حد الآن قاموسا خاصا به إذ أنه ومع كل خطاب يجدد فيه الرئيس المؤقت منطلقات كلمته ويمتنع عن استعمال عبارة " أيها المواطنون ايتها المواطنات " لانه يدرك جيدا مدى السمعة السئة لهذه البدايات ووقعها على نفسية التونسي. وبالرغم من قصر كلمة المرزوقي الا انه أجاب فيها وباختصار على حيرة التونسيين فقد امتد الخطاب نحو 14 دقيقة قسمها المرزوقي الى 4 محاور أساسية. فقد اغلق الرجل منذ الدقيقة الثالثة من كلمته الباب امام المغامرين السياسيين والتأويلات الحاصلة بخصوص موقفه من ما أشيع حول خبر استقالته مؤكدا في هذا السياق انه" رجل دولة " وان مهامه وواجبه الوطني يقضي بالبقاء في منصبه الى موعد الانتخابات القادمة، وأنه "رئيس كل التونسيين" وليس رئيساً للحزب الواحد. وقد اكد المرزوقي بما لا يدع مجالا للشك حالة الانقسام الحاصلة في المجتمع بين من اعتبرهم المحافظين والحداثيين الامر الذي اثر سلبا على اداء الحكومة محاولا في هذا السياق الظهور بعباءة المستقل عن كل التجاذبات دون إثارة غضب اي طرف مما أوقعه في بعض المتناقضات احيانا. واعتبر المرزوقي انه لا مجال للعودة الي الوراء مقدما نفسه صمام امان ضد اي شكل من اشكال التفرد بالسلطة تحت أي مسمى بل قدم نفسه الضمانة الرئسية لتطور المجتمع وازدهاره بعيدا عن التسلط معتبرا ان ما يحصل اليوم هو بمثابة " الازمة الخلاقة " مقللا بذلك من واقع الازمة السياسية في حكومة الجبالي على خلفية إعادة توزيع الحقائب الوزارية السيادية . ورغم السحب الملبدة في سماء الترويكا فقد حاول المرزوقي ان يظهر متفائلا حاملا لخطاب امل في الوقت الذي يعيش فيه للائتلاف الحاكم اشكاليات عميقة باتت تهدد بالقطيعة بين ثلاثي الحكم . وتبدو كواليس المفاوضات حاملة لجديد بخصوص نقاط الخلاف الرئيسية بين حركة النهضة والتكتل والمؤتمر حيث اكد المرزوقي ان "ما يحصل امر عادي جدا ويحصل في ارقى الديمقراطيات وان هذه التجاذبات في طريقها الى الحل بما يمكن الدولة من مواصلة عملها دون خوف من سقوطها." حملة انتخابية ولئن برز المرزوقي كرجل دولة وقت الأزمات الا انه لم ينس القيام بحملة انتخابية مباشرة وفي وقت ذروة المشاهدة التلفزية، فقد اكد على انه الرجل المناسب في المكان المناسب حيث وصف نفسه بالرجل الحريص على الوحدة الوطنية، وقال: " سأقوم بواجبي الى ان تأتي الانتخابات وتختارون من بين المترشحين من ترونه الأصلح لشرف تمثيلكم".