أثار "قفز" لجنة التشريع العام المجتمعة أمس بباردو، على مشروع قانون تحصين الثورة بعد أن شرعت في مناقشته خلال الفترة المنقضية، اعتراض نائبة رئيسة هذه اللجنة سامية عبو (المؤتمر من أجل الجمهورية(. واحتجت عبو بشدّة على الرئيسة كلثوم بدر الدين (حركة النهضة) وقالت لها إنها فوجئت بشروع اللجنة في تدارس مشروع هيئة القضاء العدلي، وحذف مشروع تحصين الثورة فجأة واعتبرت ذلك تجاوزا.. وأضافت عبّو التي كانت في أوج التوتر والانفعال: "لا أريد أن تؤثر الخصومة السياسية الموجودة خارج المجلس الوطني التأسيسي على عمل لجنة التشريع العام، فهذا الأمر لا سبيل إليه.. لقد شرعنا في مناقشة مشروع هذا القانون ويجب أن تواصل اللجنة النظر فيه وأن تمرره إلى الجلسة العامة، وإذا رفض النواب عند ذلك التصويت عليه فهذا مقبول، لكن أن يقع إبعاده بتعلة أن الوضع العام بالبلاد لا يسمح بذلك فهذا غير معقول بالمرّة". وبكثير من الاستنكار، تساءلت عبو التي تكلمت واقفة، لأنها كانت مرتبطة بأشغال جلسة أخرى: "أين هم بقية أعضاء اللجنة؟ أين هو نجيب الشابي وأين هو محمد الحامدي.. لقد أصبحنا لا نراهما إلا في البلاتوهات التلفزيونية".. وأضافت متحدثة عن الباجي قائد السبسي: "سي 'الشيب والعيب' يطالب بحل المجلس الوطني التأسيسي، وهناك آخرون يطالبون بحذف السلطة التشريعية للمجلس.. وهؤلاء يريدون بكل قواهم أن يرجعونا إلى الوراء، فهم الثورة المضادة ويرغبون في أن نعود إلى عهد الاستبداد.. وأنا أعتبر أن النواب بغياباتهم هذه وبتخاذلهم وسلوكهم، يساهمون في هذا الأمر.. كما أن الإعلام يتعمد إبراز المجلس على أنه لم تعد له هيبة.. وأقول لكلّ هؤلاء يجب احترام الأغلبية.. كما أرى أن هناك من هو مسرور لعدم نظر اللجنة في مشروع قانون تحصين الثورة، لكن هذا لن يحدث.." وأنهت عبو كلمتها وغادرت القاعة مسرعة. وقبل ذلك ردت عليها رئيسة اللجنة كلثوم بدر الدين موضّحة: "إن مشروع تحصين الثورة ومشروع تطهير المحاماة والقضاء ما زالا على طاولة الدرس، وعندما عرض علينا مشروع مستعجل يتعلق بهيئة القضاء العدلي رأينا بعد التشاور أنه لا بدّ من النظر فيه وإعطاء رسالة للقضاة بأن المجلس شرع في مناقشة هذا المشروع".. وهو نفس ما ذكره العديد من نواب كتلة حركة النهضة، الذين أكدوا على عدم تخليهم عن مشروع قانون تحصين الثورة، وعلى ضرورة اتمام مناقشته بالتوازي مع مشروع الهيئة القضائية، وفي هذا السياق ذكر النائب جمال بوعجاجة أن اللجنة "لم تتخل عن قانون تحصين الثورة وأنها لم تتعرض إلى أي ضغط خارجي".. وفي المقابل تسربت أخبار مفادها أن كتلة حركة النهضة رأت تجميد هذا المشروع مؤقتا لأن الظرف الراهن لا يسمح بمواصلة مناقشته. وللتذكير فإن مشروع قانون تحصين الثورة الذي أثار جدلا كبيرا جاء بمبادرة نواب كتل حركة النهضة، والمؤتمر من أجل الجمهورية، والوفاء للثورة والحرية والكرامة والمستقلون الأحرار، إلى جانب بعض النواب المستقلين. وتعليقا على كلام النائبة سامية عبو قال النائب كريم كريفة (حزب المبادرة) إنه لا يريد أن يردّ على ما قالته عبو في غيابها وعبر عن استغرابه لماذا تطل هذه النائبة على اللجنة كل مرة، وتلقي بوابل من الكلام الحاد ثم تنصرف مسرعة.. وقال للنواب :"يمكنكم مواصلة نقاش مشروع قانون تحصين الثورة، مادامت الأغلبية تريد تمريره لكن هناك كلاما كثيرا يمكن أن يقال حوله". وطالب كريفة النواب بتجاوز الحسابات الانتخابية، والترفع عن النعوت السيئة، على غرار "شيب وعيب" التي تلفظت بها عبو.. وردا على ما ذكرته حول حل المجلس الوطني التأسيسي قال: "نحن نريد أن تبقى مؤسسات الدولة قائمة، ونحن نعترف بشرعيتها". وندد النواب مرة أخرى بالغيابات وطالبت النائبة يمينة الزغلامي بتقديم تقرير لرئيس المجلس الوطني التأسيسي حول هذه الغيابات ودعوته إلى "تعويض نواب لجنة التشريع العام الذين يتغيبون باستمرار ولا يشاهدونهم إلا في المنابر الاعلامية أو يشعلون الشارع.." وفق تعبيرها.