"اكتشافات مسرحية" تظاهرة ينظمها المسرح الوطني بقاعة الفن الرابع من 18 إلى غاية 23 من فيفري الحالي وذلك من خلال عرض عدد من الأعمال المسرحية لوجوه ومواهب في بداية طريقها وضمت برمجة الدورة الأولى من "اكتشافات مسرحية" عروض من مسرح الهواية وأخرى من مشاريع التخرج من المعاهد العليا للفن المسرحي بكل من تونس والكاف. ليلة أول أمس كان جمهور قاعة الفن الرابع على موعد مع مسرحية "م لخر" لجمعية نجوم المسرح بقربة عن نص لعبد الحميد نوارة وتمثيله صحبة منى تلمودي في إخراج للكمال عبد الجليل. "م لخر" عمل فني تميز بنفس كبير من الحرفية رغم انتمائه لقطاع الهواية فتدفقت الموهبة من أداء الشابة منى تلمودي، التي سبق لها أن توجت عن هذا الدور بجائزة أحسن ممثلة في المهرجان الوطني لمسرح الهواة بقربة وتناغم أداؤها مع رفيقها في العمل عبد الحميد نوارة الذي يطرح نصه "م لخر"، الصراع الأبدي بين المرأة والرجل وغياب التواصل والحوار بين الجنسين وبين مختلف أفراد المجتمع في وقتنا الراهن ..من هنا جاءت فكرة العمل حسب محدثنا عبد الحميد نوارة، الذي اعتبر الواقع المعاش حافزه للكتابة وهي كتابة يعتبرها مختلفة عن غيرها من الأعمال الفنية لأنها تعبر عن غاياتها دون تأويلات أو مقدمات ..ولم ينف بطل العرض أن المساحة التي تحدثت عن المرأة في المسرحية كانت الأكبر، حيث جسدها في بعض المشاهد كما فعلت زميلته على الركح مشيرا إلى أن الوضعية الضبابية اليوم لموقع المرأة في مجتمعنا جعلته يطرح هذا التخوف على مكانتها في نصه. أحدث انتاجات جمعية نجوم المسرح بقربة "م لخر" قدمت طرحها في سينوغرافيا متفردة الأدوات نابعة من تكوين مخرجها في الفنون الجميلة الذي أثر فن الألوان في عمله المسرحي وأضفى عليه جمالية بسيطة الملامح راقية المعاني ولم تغب وضعية الممثل في أيامنا الراهنة على عرض جمعية المسرح بقربة فتحدث الممثلان عن عشقهما للفعل المسرحي في واقع اجتماعي ينبذ الفن ويهدد حياة الفاعلين فيه وفي هذا السياق قال عبد الحميد نوارة ممثل وكاتب "م لخر" أن علاقة الممثل بالجمهور تختلف من فضاء إلى آخر مشيرا إلى أن هناك تجاوزات في أحيان كثيرة من قبل بعض الجماهير تصل لحد الشتم وهو ما جعل ممثلة العرض منى تلمودي (خريجة المعهد العالي للسينما) قررت في فترة سابقة ترك العمل في المسرح غير أن مسرحية "م لخر" أقنعتها بالعودة مجددا للركح رغم العراقيل والصعوبات التي يتعرض لها الممثل في عروضه المباشرة. قضايا الهواية والاحتراف في المسرح هي الأخرى كانت من النقاط التي تعرضت لها "م لخر"، هذه المسرحية التي مزجت حكاية العمل بارتجال الممثلين لبعض من همومهم الفنية على الركح ..التطرق لهذه المسألة لم يكن اعتباطيا حسب عبد الحميد نوارة (ماجستير فلسفة) فهذه التصنيفات واقع معاش بالنسبة للمسرحيين مضيفا أنه شخصيا لا يعنيه أن يكون هاويا أو محترفا فالممثل ليتسلح ببطاقته الاحترافية على ركح ليثبت أنه ممثل جيد ولكن المطلوب حقا من كل المسرحيين محترفين أو هواة هو تقديم عمل فني حرفي ومتكامل. تجدر الإشارة إلى أن مسرحية "م لخر" قد توجت بعدد من الجوائز خلال عرضها بالمهرجان الوطني لمسرح الهواة بقربة منها جائزة أفضل عمل متكامل وجائزة السينوغرافيا وجائزة التمثيل لكل من منى التلمودي وعبد الحميد نوارة وهذا الأخير كنا اكتشفناه كممثل سينمائي في بطولة الفيلم الهولندي التونسي "العالم" للمخرج ألكس بيتسرا.