نشرت مجلة «فورين بوليسي» الأمريكية مقالا حول الأوضاع في الشرق الأوسط بعنوان «لا يتعلق الأمر بنا» وأشارت كاتبة المقال كريستيان كاريل إلى إن القرن الحادي والعشرين سيكون القرن الذي يسمع فيه الغرب أصداء العداء داخل الإسلام. ويتضاءل ما يسمى بالحرب على الإرهاب إذا قارناها بالحرب القادمة على حدّ تعبير المقال. ويضيف المقال لكن من لا يصدقون أن صداما سيقع بين السنة والشيعة عليهم أن يتابعوا الأخبار الأخيرة، ففي باكستان مثلا قتل 89 شيعيا في انفجار وأصبح شيعة باكستان هدفا للسنة في البلاد. كما أن الانقسام بين الشيعة والسنة يعدّ حقيقة قائمة في سوريا التي تشهد اليوم حربا اهلية. فالرئيس السوري بشار الاسد ينتمي إلى الطائفة العلوية التي تعدّ قريبة من الشيعة وهذا ما يفسر تحالفه مع إيران على حدّ تعبير الكاتبة، «كما أن هذا العالم يغذي الكراهية التي يكنها أعضاء الأغلبية السنية تجاه نظام الأسد..». وترى «فورين بوليسي» أن تداعيات «الحرب داخل الإسلام» ستتجاوز المسلمين ليشعر بقية العالم بموجات الصدمة فالولايات المتحدة على سبيل المثال لا تزال تدعم العائلات السنية فى البحرين والسعودية، اللتين لا تزالان تقمعان الانتفاضات الشيعية بالوسائل الأكثر وحشية. ويشير المقال إلى أن الاختلافات بين السنة والشيعة ليست بالأمر الجديد فقد سجل تاريخ الإسلام عديد حوادث الصدام بينهما. ولكن خلال العقود الأخيرة لم يكن لهذه الاختلافات بين السنة والشيعة تأثير بارز، خاصة وأن الشعية لم تكن تمثل إلا أقلية حينها إلا أن الأمر قد تغيّر تماما بعد الثورة الإيرانية عام 1979، فقد ركزت طهران نظاما شيعيا في دولة من أكثر دول الشرق الأوسط كثافة سكانية، حسب المجلة. وهذا تماما ما غيّر موازين القوى حسبما ينقله المقال عن أوليفير روي وهو باحث في الإسلام بالجامعة الأوروبية في فلورانس بإيطاليا. ووسط هذا الاستقطاب المتزايد بين السنة والشيعة حسبما تخلص إليه المجلة، ظهرت موجة جديدة هي موجة السلفيين فقد تصاعد حضورهم في الشرق الأوسط في العقد الأخير بشكل ملحوظ كما يقول روي، وهي موجة قد دعمها الربيع العربي بشكل كبير. في العام 1959 أصدر عالم سني كبير فتوى تعدّ الشيعة كأحد المذاهب الإسلامية المعترف بها، وعموما لا يكن الإخوان المسلمين رفضا للشيعة أو تصورا سلبيا عنهم، ولكن اليوم يظهر جيل جديد من الدعاة السلفيين الذين يعتبرون أن الشيعة ليسوا بمسلمين وهذا أمر جديد حسب روي. كما تشير المجلة إلى أن مواقف الجماعات الإسلامية الجهادية على غرار القاعدة معادية تماما للشيعة. وتخلص المجلة إلى أن الاستقطاب المذهبي هو موجة متزايدة، ويرى روي أن مجموعة من العناصر يجب أن تتوفر لتجنب دخول المنطقة في حرب أهلية من بينها أن يعدل نظام إيران من سعيه المتواصل إلى دعم الشيعة في الخارج، وأن يسقط نظام الأسد وأن ينجر عن ذلك انطلاق سلس للسلطة في سوريا فذلك يعني أن طهران ستخسر حليفا رئيسيا وسيجعلها تفكر في مراجعة طموحاتها في المنطقة. إلا أن المجلة تضيف ليس أيّ من هذه الاحتمالات ممكن الوقوع في القريب العاجل لذا فيجب توقع الأسوأ، على حدّ تعبيرها.