خفضت محكمة الاستئناف القطرية صباح أمس الاثنين الحكم الابتدائي الصادر عن محكمة امن دولة قطر بالسجن المؤبد على الشاعر القطري محمد بن راشد العجمي المعروف "بابن الذيب" إلى 15 سنة سجنا بتهمة "قلب نظام الحكم و إهانة الذات الأميرية"اوالتطاول على رموز الدولة والتحريض على الإطاحة بنظام الحكم. المؤبد او 15 ستة او حتى يوما سجنا من اجل قصيدة هو ظلم وقهر من سلطة جائرة ومستبدة وحتى ان سلمنا ان شاعرا يستطيع في أيامنا هذه بقصيدة واحدة قلب نظام حكم فلا يمكن لأي كان سجنه بل يجب ان يكرم حيث حل اللهم إذا كان الحاكم يخاف المبدع والمثقف ويكن له العداء ويؤمن في قرارة نفسه بان لا ثورة قامت او ستقوم دون ان يكون في صفوف من قاموا بها مثقفون ومصلحون ومبشرون. صحيح ان مضمون قصيدة "ابن الذيب" غير مسبوق بما ورد فيها من صدق وجرأة في التعبير عما يختلج في صدر الشاعر الذي تفوق على نفسه و تحداها ليمنحنا إبداعا لا يرتكز على جمال المضمون وحده وإنما تجاوزه للتنقيب على ما يدفع لتغيير الواقع المر حيث أشاد في "قصيدة الياسمين" "بالثورة التونسية التي أدت إلى الإطاحة بحكم زين العابدين بن علي وتمنى فيها ان يمتد الحراك الشعبي العربي إلى بقية البلدان العربية الأخرى ولمّح فيها إلى دول الخليج وقطر خاصة. ولكن هل تكفي هذه القصيدة إلى القاء نهائيا على مستقبله وحياته و اتهامه ب "التطاول على رموز الدولة والتحريض على الإطاحة بنظام الحكم". والاكتفاء بتعديل الحكم استئنافيا ب 15 سنة سجنا. قطعا لا والحمد لله ان هذا الحكم ليس نهائيا و بإمكان محامي الشاعر ان يعقبه في محكمة التمييز القطرية باعتبارها المرحلة الأخيرة للتقاضي اعتمادا على ان محكمة الاستئناف القطرية -وحسب ما صرح به محامي الشاعر- :"كانت مسيّسة ولم تختلف كثيرا في حكمها على الشاعر عن محكمة الدرجة الأولى حتى أنها ثبتت عليه المخالفة رغم عدم وجود إثبات قاطع بأن الشاعر ألقى القصيدة التي يحاكم بسببها في محفل عام أو أمام الإعلام وإنما قالها في شقته بالقاهرة أمام مجموعة صغيرة من المستمعين. " ولكننا لا نتفق هنا مع الدفاع اذ يركز على مكان إلقاء القصيدة وجهرا او سرا وذلك لان الأعمال الإبداعية تطفو وتحلق وتصل إلى الناس ولو أنجزت في أقبية القمع وتحت سابع ارض ونرى انه لا بد من التركيز على انها قضية حرية تعبير وتسلط وقمع لشاعر صدّق بأنه يعيش الربيع العربي فتخلص من الرقيب في داخله وحاول اكتساب حريته الفكرية واستعادة كرامته الثقافية معتقدا ان حكام بلده الذين صنعوا قناة الجزيرة وكذبة "الرأي والرأي الآخر " سيسمحون له بتجاوز الخطوط الحمراء التي رسموها للمبدع ليضمنوا ان يبدع بعيدا عن القضايا الحياتية الحقيقية لمجتمعه. ولا نعتقد ان تركيز المحامي على معطى ( المكان والسرية )سيفيده كثيرا في مرحلة التعقيب او ما يسمى في قطر ب "التمييز" ولا يمكن ان يؤدي إلى حكم البراءة الذي طالب به المثقفون العرب في جل بلدان الربيع العربي ومنظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش وجمعيات المجتمع المدني و كل الذين تعاطفوا مع الشاعر "ابن الذيب" ،هؤلاء الذين أحرجوا قطر التي ترفع لواء الحرية والديمقراطية والمساواة واتهموا حكامها بازدواجية المعايير في ما يخص حرية التعبير اذ تمول الثورات وتدفع للانتفاضات والتعبير في البلدان العربية وتمنعه على مواطنيها . لذا ولأنه لم يطلق سراح شاعرنا ولم يبرأ فلا بد من مواصلة الضغط والتحرك للدفاع عنه وإخراجه من السجن حتى لا يقبر جانب المثقف فيه هذا الجانب الذي جعله يتفوق على نفسه و يتحداها ليمنحنا إبداعا لا يرتكز على جمال المضمون وحده وإنما تجاوزه بالتنقيب لتغيير الواقع المر. ◗ علياء بن نحيلة