فيما لا تزال بعض «الأطراف» في المعارضة ولحسابات حزبية ضيقة تصر إلى اليوم على المضيّ في «لعبة» قضم الأصابع مع الحكومة حتى وهي حكومة أزمة وتصريف أعمال !! وفيما يتواصل يوميا مسلسل الثرثرة و»صراع الدّيكة» العبثي والسمج بين رهط من رموز «النخبة السياسية» في القنوات التلفزية... تتأكد من يوم لآخر وتتعمق المؤشرات السلبية ذات العلاقة بالتوازنات المالية للدولة وبوضعية الاقتصاد الوطني... والواقع،،، أن هشاشة الوضع الاقتصادي في تونس اليوم الذي «تحكيه» وتؤكده أرقام وبيانات المؤسسات والوكالات الدولية المختصة ولئن كان يعود ربما في جزء منه إلى أداء واختيارات حكومة «الترويكا» كما تؤكد على ذلك أحزاب المعارضة فإنه أيضا وبالتأكيد نتيجة لحالة الانفلات الأمني والتسيّب والعبث والفوضى التي طبعت ولا تزال المشهد الاجتماعي في تونس ما بعد الثورة.. ربما يكون محافظ البنك المركزي يشير إلى هذا المعنى تحديدا عندما يؤكد لوسائل الاعلام عقب اجتماعه أمس برئيس الدولة بأن تونس قادرة على تجاوز المؤشرات السلبية اقتصاديا وماليا بشرط توفر حالة أكبر من الاستقرار سياسيا واجتماعيا وأمنيا . ما من شك أن الوضعية المالية والاقتصادية الصعبة الراهنة أضحت تتطلب في ذاتها اجراءات «تقنية» عاجلة من قبل مؤسسة البنك المركزي تحديدا بهدف المحافظة على التوازنات المالية للدولة.. ولكن المطلوب أكثر هو الاجتماع مستقبلا على توفير المناخ الاجتماعي والأمني السليم والمستقر من أجل تحفيز الاقتصاد وطمأنة رؤوس الأموال والمستثمرين.. لقد ارتكبت على مدى السنتين الماضيتين العديد من الجرائم في حق الاقتصاد الوطني.. لعل على رأسها عمليات تهريب البضائع والأموال.. ولكن أيضا هناك «جرائم» من نوع آخر ربما تكون أشنع ارتكبت في حق اقتصادنا الوطني مثل الافراط في استعمال حق الاضراب وأيضا التحريض على الاعتصامات داخل مؤسسات الانتاج والتطاول على القوانين المنظمة للعمل داخلها.. لا نريد أن نحمل المسؤولية لأية «جهة» بعينها ولكننا نريد فقط أن نؤكد على ضرورة أن تتكاتف مستقبلا جهود جميع «الأطراف» من أجل ارساء مناخ اجتماعي وأمني سليم ومستقر يقطع مع الأزمات والاضطرابات سواء كانت سياسية أو اجتماعية.. مناخ يساعد ويشجع على الاستثمار وبعث المشاريع وبالتالي تحقيق التنمية في أبعادها الشاملة خدمة لكل فئات وأبناء الشعب التونسي.