على إثر مرور موجة البرد القارص الأخيرة ببلادنا وتهاطل كمّيات هامة من الأمطار فاقت في بعض الإحيان 70مم ظهرت من جديد مساوئ حالة البنية التّحتيّة في ولاية منوبة كغيرها من الولايات ويعيش متساكنو معتمديّاتها دون استثناء وبكيفيّة متفاوتة صعوبة التّخلّص من المياه المتدفّقة فبتمركز جلّ التّجمّعات السكنيّة في المنبسطات الّتي تحيط بها الجبال ومجاري الأنهار تكون الأحياء بمتساكنيها وأنهجها وشوارعها عرضة دائمة لما يشبه الفيضانات ممّا يحدث مشكلة انقطاع الطّرق واقتحام المياه المنازل، فسرعان ما تتدفّق المياه عند كلّ تهاطل للأمطار فتغمر كل شيء بكلّ الأحياء:("الببّاصات بالبطان"، السويّح والرّمال بطبربة، الإذاعة والفردوس بالجديدة، حنة وحي السّلام بشبّاو، 20 مارس وبن توميّة بالمرناقيّة، المساعدين وبرج فرينش ببرج العامري، خالد بن الوليد وحي الشباب ومفترق الطّرق بدوّارهيشر، حي البرتقال والنّسيم بمنوبة..) وكلّ هذه الأحياء تعيش ومنذ فترات طويلة نفس الإشكال إذ صنّفت كمناطق زرقاء وتجمّع للمياء بامتياز، وفي هذا الخصوص تذمّر من توجّهنا إليهم بالحديث من المتساكنين من عدم قدرة الجهات المسؤولة على التّجهيز في الجهة على الحدّ من ويلات تدفّق مياه الأنهار المنهمرة وباستمرار وانسداد مجاري مياه الأودية وقنوات التّصريف الكبرى بما يتراكم من أتربة وأوساخ والّتي كان من المفروض تناولها بالتّنظيف قبل موسم الأمطار ومنذ الصّيف غير أنّ التّدخّلات تكون في أغلب الأحيان متأخّرة وبعد حدوث الأضرار. البعض أرجع تدفّق المياه نحو المنازل والشّوارع إلى ضيق قنوات التّطهير الّتي وإن تمّت مراقبة إنجازها حسب المواصفات لما أجبروا على عيش هذه الصّعوبات من فترة إلى أخرى وهم يتوجّهون باتّهاماتهم إلى المقاولين الّذين أشرفوا على مدّ هذه القنوات واستخدامهم لما نقص ثمنه وزاد ربحه؛ هذا إضافة إلى المخاطر المستمرّة الّتي يشكّلها وادي مجردة (الملقّب بالغول) عند كلّ فيضان والمسبّب لخسائر ماديّة هامّة تطال المساكن والأراضي الفلاحيّة خاصّة بالبطان، والجديدة وطبربة والّتي تصل إلى حدّ "الكارثيّة" وتكلّف الجميع أموالا طائلة. "الصّباح" اتّصلت بالجهات الجهويّة للاستفسار حول التّدابير الّتي وقع اتخاذها لتطويق حجم الأضرار ومساعدة الأهالي على مجابهة كلّ الأخطار المفاجئة الّتي تحدثها مياه الأمطار فكان الرّد أنّه ومنذ كارثة 2003 الّتي أغرقت الولاية وشلّت الحركة بها وقع المضي في التّصدّي لما يمكن حدوثه بنسق تصاعديّ إلاّ أنّ ذلك لم يكن كافيا خاصّة مع حدّة فيضان وادي مجردة بالخصوص. ففي سنة2011 بلغت الخسائر على مستوى البنية والتّجهيزات الجماعيّة4 مليون.د أسندت إثرها 500 ألف.د تعويضات للفلاّحين ممّا حتّم مضاعفة الجهود خلال سنة 2012 بانتهاج خطّة متكاملة لحماية المدن تتواصل حتّى سنة 2013 بتكلفة تناهز 5 ألاف.د، وخصّصت لدوّار هيشر وتعلية الطّريق الوطنيّة رقم 7 وتمديد قنال وادي النّسيم وإنجاز الممرّ العلوي ومعالجة وادي الدبّاغ وتهيئة وادي الرّومي وخصّصت اعتمادات تناهز 450 ألف.د وهو مشروع في طور الإنجاز، إضافة إلى إنجاز حوضي تجميع مياه بقصر السعيد والمشتل بدوّار هيشر؛ فضلا عن إقامة منشآت تجميع وتصريف مياه الأمطار على الطّريق الوطنيّة عدد 7 بمعتمديتي دوّار هيشر ووادي اللّيل بتكلفة قدرها 650 ألف.د. وأشارت الجهات المسؤولة إلى أنّه من بين الأسباب العويصة امتداد البناءات الفوضويّة وعدم احترام قوانين التّهيئة التّرابيّة والعمرانيّة بكثير من الأحياء.. وإن كانت هذه إجابات ملخّصة في أرقام فإنّ الكثير من المواطنين وخاصّة الفقراء القاطنين منهم في الأحياء الشّعبيّة وعلى وجه الخصوص في طبربة والجديدة لا يزالون يتخبّطون في ويلات الخسائر الّتي ما فتئت تنزل عليهم بنزول غيث انتظروا خيره لا ضرّه وبالرّغم من كلّ الإجابات والتّعلاّت من المسؤولين فإنّ أحياءهم تبقى مهمّشة بلا بنية وبلا رعاية مقارنة مع غيرها ومطالبهم تزداد حدّة بحقّهم في التّخلّص من مخاطر المياه الجارفة الّتي تكدّر صفو حياتهم في كلّ موسم وتهدّد مساكنهم وعيالهم باستمرار، دون توجيه ثنائهم لما تقوم به مصالح التّجهيز في ما يخصّ جهر وتنظيف وادي مجردة الّذي يقع في وقت مناسب وباستمرار. والسّؤال المطروح هو هل تتحقّق الإفادة مستقبلا ممّا يقع إنجازه أم ذلك سيكون مجرّد مشاريع معرّضة للتّحطّم والتّهادي أمام أمطار يدعو الجميع لنزولها ليعمّ خيرها؟