تشافيزدعونا الله له بالشفاء لكن يد الأقداراختارته لتحمله إلى السماء مع دعوات الملايين له بالرحمة والقبول في الجنان العلا لكن بعد رحيل هذا المغواريقتضي المقام الجلل عند التطرق إلى عظماء الرجال مثل تشافيزأن نعطيهم حقهم وبموضوعية تامة وبصدق كما أحب أن يكون تشافيزرجلا وليس ككل الرجال، فالاقتراب ولوقليلا من عتبة حياتهم الملأى بالإحداث عن تاريخ النشأة وسيرتهم في الحياة مع شعوبهم ستكون مزدحمة بالأعمال الخالدة التي لا يأتي بها إلا الأبطال ولا يمكن الإلمام بها بسهولة لعدة أسباب؛ وأذكربالأخص منها شحّ المعلومات عن شخصه لأنه أرادها أن تكون رحلة صادقة مع شعبه نافعة من دون أبواق ودق الطبول عن إنجازاته وعن أحلامه لشعبه وكذلك للمعلومات الخاطئة المضادة التي يرسل بها أعداء التحضّر والسلام لأنه يكاد يكون وحيد عصره؛ ولطالما سبح ضد الموج ونجح في الوصول. بكاه الدهربعيون الرجال وأحسبهم في عصرنا قلائل لا يتجاوزون أصابع اليد الواحدة. لم نسمع منه إلا التحدّي ، تحدّي الفقركما حدث في حياته الخاصة رغم ضيق اليد وفقرالعائل ففازوكما عزم مع شعبه فوأد الفقروأتمّ النهوض بفنزويلا فانتشى شعبه بثروته ولم يوزّعها بين حاشيته وأمرائه، تحدّي الاستعماربكلّ صدق ورجولة فصرعه، وتحدي الغطرسة الأمريكية التي نازلها كما يفعل الحرّ الأبيّ من الزعماء ولا يخشى في تحدّيه إلا الله ومصلحة شعبه ثم احترم مبادئه ، الثابتة طول حياته، ولم تتزعزع والذي قد استراحت لذهابه كثيرمن الدول وعلى رأسها أمريكا وإسرائيل ؛ كما صرّح أحد رسميّي أمريكا هذا اليوم. وقد يكون ساهمت امريكا في موته كما تحدثت بعض الصحف بأمريكا الجنوبية ونائب تشافي وخليفته شخصيا. ماذا ترك لنا تشافيزالعظيم في رحلة حياته؟ التشافيزوالثورة صنوان لا يفترقان وقد ترك لنا قيما مرتبطة بأهدافها وغاياتها النبيلة ، وسارت خطى الثورة في فنزويلا بخطى وطيدة لم تنزف طيلة رئاسته لبلده العظيم كعظم تشافيزالعبقري والتي التزم بكل عناصرها طيلة حياته النشطة وبالقيّم والغايات التي أرساها فاشرأبّت له أعناق العالم، وقد كانت ثورة عظيمة نجحت ولم تخفق رغم وقوف أمريكا بجبروتها ضدّه لأنه هوالثورة ورأيناها كيف تجاهلت مماته بكل صلافة وخبث. أنجزدولة مستقلة وغيرمنحازة تستطيع أن تلاحظ نجاحها وإنجازاتها من خلال تربّع فنزويلا على أحسن مراتب السيادة في العالم ، التحم بالثورة التحام الجسم بالروح وسقى قيمها بروحه الصادقة ، كانت ثورته في حالات كثيرة ملتصقة بالضعفاء في الداخل والخارج. أتم وعده بالوجبات الثلاث لكل فرد في فنزويلا. ابتعد فيها عن الممارسات السيئة التي امتلأت بها ساحات السياسة اليوم. كان من قيمه تحقيق الجلاء وضرب الفساد وإنهاء الاحتكارالأجنبي للاقتصاد والقضاء على الإقطاع ..وفى كل ذلك وغيره نجحت الثورة وأنجزت كل غاياتها لأن الغاية والأداء التزمتا التزمًا بقيم الثورة التي شاءها ولأن تشافيزاختارها كذلك ؛ بينما أخفقت كل الثورات التي حادت عن رعاية الحق والذود عن كرامة الشعوب مجموعاً وأفرادا ، كان ذلك النجاح حين ظن متأكدا أن تأمين الثورة سبيله الوحيد للخلود وحرية الشعب هي الأساس التي قامت الثورة من أجلها فقدم حياته قربانا، فتحققت ثورة كبرى في أمريكا اللاتينية قد أثمرت فأصبح غاية في ذاتها يجب إنهاؤها وكما حدث لبعض الزعماء العظام كأبوعمار عرفات وقادة الجنوب اللبناني الثائرفهوالذي أطعم اليتامى بيديه وألبسهم يوم عيدهم أحلي ما لديه ووعدهم بسكن لكل فنزويلّي ،وامّن حياة شعبه بأمان الكرامة التي يحياها شعب فنزويلا الشهم الآن ،الديمقراطية في تصورتشافيز عامل ولكنها ليست كل شيء.. وفي تصوره أنّ شرط التقدم الرئيس ليست الديمقراطية فقط وإنّما هوعُقول نظيفة بامتيازتعيش لأوطانهم.. . ترك تشافيزالغرب الآن يجتازمرحلة الاستعصاءات شبه المطلقة في مختلف مشاكله المادية والاقتصادية والروحية وتعيش فنزويلا وأمريكا اللاتينية والعالم الحرنتائج ثورة الأحراركالتشافيز وجميع مجاهدي العالم، بومدين وجمال عبد الناصر ومنديلا وفيدال كاسترُو وحسن نصرالله وبشارالأسد ، والقادة المنسييون.. الأهم من الحرية والديمقراطية هو زعيم فذ يحرّك التاريخ لغايات الشعوب بهمّة تزعزع الجبال وقوة على تحمل هموم الأوطان لا تكلّ ولا تملّ ، لاتكون بصغارالأفكار وبأن يعطي الزعيم ما يتمناه لنفسه لشعبه وأن تكون لأفكاره فعل النارفي الهشيم فتتحول عزّا وعدلا وبهاء وحرية ، هذا التاريخ الخالد الذي تركه تشافيزهوعنوان للتقدم وللأمان وهوعنوان لدول تحتاج الى عبقري مثل تشافيز؟ هذا الشعب الذي انتفض حين سماعه بوفاة الزعيم ولم ينم ليلته واتصل حزنه بنهاره وكما قال تشافيزالعظيم تتمّ الإنجازات والنجاحات ما التزمت الثورة بقيمها وما التزم رجال الثورة بذلك وقال كذلك : آن الأوان إلى أن نلتفت لحماية الدولة ، فهي حقنا جميعًا وحق أولادنا وأحفادنا ، واجب علينا أن نسلّمهم الراية خفاقة ليتابعوا مسيرة إصلاحية بنّاءة نرسم لهم خطوطها ونخطوغيروجلين ولا متردّدين عليها ، لتبقى فنزويلا حقيقة لا شعارا ، ولنعوّض السنوات العجاف ونعيد الدماء إلى الشرايين التي جفت ! صارع كل طواغيت العالم. صارع الفقروصارع الظلم. صارع انتهازية الغرب وصارع المستكبر وصارع الألم بكل اقتدارلكن صرعه القدر. رحم الله تشافيز واسكنه فراديس جنانه.