في الوقت الذي يروّج فيه عديدون بأن النقابيين وراء الاعتصامات والوقفات الاحتجاجية والإضرابات حتى لو كانت عشوائية وغير مؤطرة وتعود الى مواطنين، تحركت هياكل الاتحاد العام التونسي للشغل منذ اشهرعديدة ودعت الى التقليص من الإضرابات المنظمة مع الجلوس لطاولة التفاوض لان وضع البلاد لا يحتمل ولان قطاعات حيوية عديدة اصبحت مهددة. البداية كانت بأعوان وعملة مناجم الفسفاط الذين اطلقوا صيحة فزع ما بعد الثورة وخاصة السنة المنقضية وخلال الثلاثية الاولى من السنة الحالية اين طالبوا بالتدخل العاجل لفسح المجال امامهم للعمل ومساعدتهم على الوصول الى مكان العمل بعد أن اصبحوا عرضة للتهديد والايقاف من قبل المعتصمين طالبي الشغل المنتشرين في منطقة الحوض المنجمي اين اغلقوا المداخل والطرقات وحتى بعض مواقع الانتاج.. نقابات مستعدة لدعم الانتاج وايجاد الحلول وقد تدخلت المركزية النقابية في عديد المناسبات لدى الحكومة لايجاد حلول للمعضلة المذكورة وايضا لدى وزارة الصناعة وبلغ الامر بالنقابيين حدّ المطالبة بدوريات قارة من الجيش الوطني تؤمّن مواقع الانتاج لقاء تكفل شركة فسفاط قفصة برواتبهم ومستلزماتهم لكن دون جدوى ولم يتجاوز الانتاج خلال السنة المنقضية ربع الانتاج السنوي العادي وتبخرت 5 الاف مليار مداخيل الفسفاط كانت تضخ في ميزانية الدولة وخسرت تونس بعض الاسواق العالمية نتيجة عدم ايفائها بتعهّداتها من الإنتاج.. ويرتبط قطاع انتاج الفسفاط عضويا بالمجمع الكيميائي فجل الانتاج من الفسفاط موجه للمجمع الذي عرف بدوره عديد الصعوبات على مستوى العمل بسبب الاعتصامات العشوائية وكذلك لمشاكل الاعوان والعملة التي كان يمكن تجاوزها بحلول بسيطة تفطنت اليها في النهاية الهياكل النقابية وعملت على تأمين صيرورة العمل لكن ورغم ذلك حرمت ميزانية الدولة من 1300 مليار بالعملة الصعبة نتيجة تقلص طاقة الإنتاج التي تسبب فيها تقلص انتاج الفسفاط للاسباب التي عددناها سابقا. التدارك ودور وزارة النقل واذا كانت وزارة لمين الشخاري لم تجد الحلول لتأمين العمل العادي بهذه المنشآت التي تدر ذهبا للبلاد وتقي من مشاكل التداين فان وزارة النقل لا تعتبر الافضل حالا لان القطارات الخاصة بنقل الفسفاط لم تشتغل رغم حجم الاسطول الكبير ورغم ان ثلث مداخيل هذه الشركة الوطنية للنقل متأتية من نقل الفسفاط ولو انها فوجئت هذه الايام بعد تجديد عقدها لنقل هذه المنتوجات مقابل تعويل الادارة العامة الجديدة لشركة فسفاط قفصة على ناقلين من الخواصّ عبر الشاحنات بسعر مضاعف اربع مرات مقارنة "بالشمينو" وبحجم نقل اقل بكثير من القطارات. لا مجال لأنصاف الحلول ويبدو ان الوقت الذي قضته وزارة النقل في الحديث عن "التكتك" قد استنزف كل جهودها التي كان يفترض توجيهها لحل مشاكل الشركات الوطنية للنقل خاصة ان النقابيين عبروا عن استعدادهم للمشاركة في البرامج الإصلاحية وتقديم الحلول على مستوى الخطوط التونسية وشركات نقل المسافرين الوطنية والجهوية التي اهترأت اساطيلها بالاضافة إلى شركة السكك الحديدية العريقة التي اصبحت مهددة بالاندثار نتيجة «الترسكية» وعدم تجديد عقدها لنقل الفسفاط وحماية نشاطها من قبل وزارة عبد الكريم الهاروني الذي يفترض انه بصدد تحقيق نتائج ايجابية لذلك حافظ على حقيبة النقل في الحكومة الجديدة مهما كان اسم الوزير او الوزارة فالمطلوب حاليا ايجاد حلول جذرية في المؤسسات الوطنية الجهوية خاصة التي توفر مداخيل ضخمة للبلاد تساعد على التنمية والتشغيل وتخفض من امكانية اللجوء للتداين فقد تبخرت في السنة المنقضية مداخيل كبيرة تفوق ستة الاف مليار متأتية من الفسفاط والمجمع الكيميائي كانت ستنعش ميزانية الدولة.. واليوم بالاضافة الى إمكانية حرمان الميزانية مرة اخرى من هذه المداخيل اذا تواصل الحال على ما هو عليه فان ما يفوق 20 الف عامل بقطاع الفسفاط والمجمع الكيميائي والشركة الوطنية للسكك الحديدية اصبحوا مهددين بالبطالة الاجبارية مما يعقد الوضع اكثر خاصة ان البلاد لا تحتمل في مثل هذا الظرف والمطلوب من الحكومة الحالية التي عرف جل وزرائها عديد الخفايا ايجاد حلول جماعية لهذه المعضلة.
ناقلون خواص للفسفاط يحرمون «الشيمينو» من ثلث مداخيلها.. اطلقت الجامعة العامة للسكك الحديدية صيحة فزع اكدت فيها على ان الشركة الوطنية للسكك الحديدية اصبحت مهدّدة بالافلاس نتيجة الصعوبات الاقتصادية والمالية التي تمر بها وسكوت سلطة الاشراف حيال ذلك. واصدرت الجامعة العامة للسكك الحديدية بيانا ندّدت فيه بهذا السكوت حيال الوضع الصعب للمؤسسة مما جاء فيه:وعليه فاننا كعمال ونقابيين سنكون مضطرّين للدفاع عن مؤسستنا التي نقتات منها بكل الوسائل الممكنة دون انتظار سلطة اصبحنا نعتقد انها لا تهمها الاوضاع الاقتصادية للبلاد بقدر ما تهمها مصالحها الحزبية الضيقة والممارسات في هذا المجال متعدّدة (انتدابات عشوائية - التدخل في التسميات - فض ملفات لعناصر محسوبة ادخلت البلبلة في صفوف العمال بسن قوانين جائرة وغير عادلة..الخ). ودعت الجامعة العامة للسكك الحديدية العمال والموظفين الغيورين على المؤسسة الى الدفاع عنها والاستماتة بعد ان عددت اسباب الازمة التي تمر بها الشركة الوطنية ومن ضمن الاسباب ما نصّ عليه البيان حيث جاء فيه: «ولعل اخطر الخطوات المضرة بالشركة العقد الذي ابرم اخيرا مع شركة خاصة لنقل الفسفاط عوضا عن الشركة الوطنية للسكك الحديدية حيث يمثل هذا النشاط ما يعادل 30% من مداخيلها علما وان شركتنا تنقل الفسفاط بما قيمته 5697 مليما للطن الواحد وشاحنات النقل البري تنقله ب24 دينار.» وضع كارثي... وصمت غير مبرّر واكد المنصف الميموني كاتب عام الجامعة العامة للسكك الحديدية ان النقابيين والاطراف المحيطة دعت الى مراجعة الوضع والبحث عن حلول لتفادي إفلاس الشركة الوطنية للسكك الحديدية الا ان كل هذه الدعوات لم تجد اذانا صاغية اذ جاء في بيان الجامعة العامة: "هذا الوضع دفع بالعمال والموظفين وهياكلهم النقابية الى التنبيه الى ضرورة مراجعة الواقع لتفادي الكارثة الا انه لا من مستجيب لحسابات لا نعلمها وذلك في كل اللقاءات مع مسؤولي الادارة العامة وكذلك مسؤولي الوزارة ولعل اخرها المراسلة التي توجهت بها الجامعة العامة الى وزير الشؤون الاجتماعية ووزير الصناعة من اجل القيام بيوم دراسي لايجاد الحلول الملائمة قصد تجاوز الوضع المتردّي وذلك منذ ما يفوق الشهرين الا ان سلطة الاشراف لم تعر هذا المقترح ايّ اهتمام وهو ما نعتبره تواطؤا واستخفافا وعدم اهتمام للنهوض بهذه المؤسسة التي يقوّم عمرها 120 سنة. وقفات احتجاجية واعتصام امام وزارة النقل كما عقدت الجامعة العامة للسكك الحديدية هيئة ادارية عقب إصدارها للبيان المذكور خرجت فيها بجملة من التوصيات. أكد الكاتب العام المنصف الميموني انه في حال عدم تحققها سيمرّ الاعوان الى اشكال نضالية اخرى دفاعا عن مصير الاعوان والعملة الذي بات مهددا. ومن هذه التوصيات عقد جلسة عاجلة بوزارة الشؤون الاجتماعية بحضور وزارتي النقل والصناعة للنظر في هذا الملف الحارق مع برمجة وقفات احتجاجية سيتم الاعلان عن انطلاقها خلال هذه الايام دون ان تسبب في توقف سير القطارات بالجهات وتتوّج هذه الوقفات باعتصام امام وزارة النقل. ماذا في رسالة «ر.م.ع» شركة فسفاط قفصة لوزير النقل ومن التوصيات عقد اجتماع عام وندوة اطارات بقفصة بالتنسيق مع الجامعة العامة للفسفاط حيث يقول المنصف الميموني: «...شركة فسفاط قفصة متضرّرة بدورها من شاحنات نقل الفسفاط علما وان المدير العام للشركة كان راسل وزير النقل عن طريق وزارة الصناعة وقال في رسالته ان شركة السكك الحديدية غير قادرة على نقل الفسفاط لانها لا تملك اكثر من 12 قطارا فضلا عن عجزها على توفير الموارد البشرية اللازمة وبناء على ذلك يطلب السماح له بالتعويل على الشاحنات الخاصة. والحال ان كل هذا لا اساس له من الصحة باعتبار انه لدينا في قفصة 900 عربة خاصة بنقل الفسفاط كما اشترينا 200 عربة اخرى جديدة من المغرب فضلا عن 20 جارة وكل هذه التجهيزات مخصصة لنقل الفسفاط فأين العجز اذن؟ أليس ذلك محاولة لتبرير قرار التعاقد مع ناقلين خواص بالشاحنات...» ويذكر ان اعوان الشركة الوطنية للسكك الحديدية والنقابيين قرروا في ظل صمت الاطراف المتداخلة ايقاف عمليات النقل بالشاحنات بعد ان اصبحوا متضرّرين منها.
مناجم الفسفاط 16 يوم عمل خلال ثلاثية... وربع ميزانية الدولة ينتظر الحلول أفاد حسن العيساوي كاتب عام الجامعة العامة للفسفاط ان ظروف العمل بمقاطع الفسفاط لم تتحسّن في الوقت الذي تمثل فيه مداخيل هذا القطاع متنفسا لكامل البلاد وتمثل 20% من ميزانية الدولة بالعملة الصعبة.. أما بخصوص مشكلة الشركة الوطنية للسكك الحديدية فقال حسن العيساوي: «نحن نساندها،لانها شركة وطنية كما انه يهمنا التعامل معها خلافا للناقلين الخواص لان هناك فارقا كبيرا في السعر على النقل وفي حجم الكميات المنقولة.. كما أن هذه المؤسسة عمومية وملك للشعب وتشغل حوالي ستة الاف عون اصبح مصيرهم مهددا خاصة اذا علمنا ان شركة السكك الحديدية قد حصلت على تسبقة على نقل الفسفاط من الادارة العامة السابقة من اجل تأمين رواتب الحديديين وهذا له اكثر من معنى». انتاج 246 الف طن في ثلاثية ولم يخف كاتب عام الجامعة العامة للفساط خوفه على مصير العمل في المقاطع ونقل الفسفاط للمجمع الكيميائي خاصة عندما يؤكد انه من جملة 75 يوما خلال الثلاثية الاولى من السنة الحالية تم انتاج 246 الف طن من الفسفاط اي ما يعادل 16 يوم عمل فقط خلال الثلاثية المذكورة.. وهذا الرقم يدعو الى إطلاق صيحة فزع لان القطاع مهدد بفقدان حرفائه في الخارج اذا تواصل الحال على ما هو عليه حيث يقول حسن العيساوي: «المطلوب حلول جذرية فنحن لا نتوقف على توعية العمال والاعوان ودفعنا الجميع للعمل لكننا في النهاية لا نلوم العملة لان الاعتصامات سببها طالبو الشغل فكلما وقع التوصل الى حل الا وظهر مشكل اخر ومن غير المعقول ان يغلق الطريق او السكة الحديدية ثلاثة أواربعة انفار ليتوقف قطاع كامل..» مداخيل ضخمة تبخرت ويضيف محدثنا في السياق ذاته: «عمالنا اصبحوا ممنوعين من العمل ويقع إنزالهم من الحافلات كما نجد معتصمين في المغاسل ومصانع تكرير الفسفاط وفي المقاطع وكان على الشركة ايجاد الحلول وصرف ما بين 10 و15 مليارا في بعض مجالات البيئة حتى لا نحرم كامل البلاد من مداخيل قيمتها 5 آلاف مليار من المليمات من الفسفاط لوحده هذا دون الحديث عن المداخيل الضخمة للمجمع الكيميائي لكن ماذا عسانا نفعل فقد اتصلنا بالسلطات من حكومة الى وزارة الصناعة وخاطبنا وزيرها السابق لمين الشخاري وطلبنا منه مساعدتنا على توفير عدد هام من الجيش الوطني لتأمين اماكن العمل والسكة الحديدية حتى تشتغل المناجم بطاقتها العادية ونجنب البلاد مشكل التداين». ويذكر ان المورّدين الاجانب لم يقطعوا الامل بعد في الإنتاج التونسي وقد تمكّن المدير العام السابق لشركة فسفاط قفصة (بفضل علاقاته الكبيرة في المجال) من الحفاظ على التواصل مع عديد المؤسسات لكن الامن لم يتوفر بعد واصبح بالاضافة الى اعوان شركة السكك الحديدية مصير 7800 عامل في قطاع الفسفاط و6500 عامل بالمجمع الكيميائي مهدّدا.