طالبت الجبهة الشعبية بإلحاح الحكومة الحالية بتعليق المديونية لمدة ثلاث أو أربع سنوات مع التدقيق في هذه الديون للتمييز بين ما إذا كانت تونس تعيش مديونية فاحشة خاصة وان الأرقام والمعطيات تفيد بان تونس بدأت تتحوّل إلى مجرد مستعمرة اقتصادية. وأكد حمّة الهمامي الناطق الرسمي باسم الجبهة الشعبية أمس في ندوة صحفية استعدادا للملتقى المتوسّطي لمقاومة ديكتاتورية المديونية من اجل سيادة الشعوب الذي دعت إليه الجبهة، ان عملية التدقيق في المديونية ليست بدعة وهناك دول أخرى سبقت تونس ولجأت إلى تدقيق ديونها. وبيّن ان الجبهة الشعبية طرحت تعليق المديونية لهدفين الأول هو أن القروض التي تحصّلت عليها تونس في عهد المخلوع لم تصرف كلها في المصلحة العامة بل تم تحويل جزء هام منها إلى جيوب الديكتاتور والمقربين منه وعلى هذا الأساس فإن القروض التي منحت لتونس في عهد بن علي انتهت بنهايته والشعب التونسي غير مطالب بدفع هذه الديون وعلى من منح بن علي هذه القروض أن يتحمل مسؤوليته الأخلاقية والسياسية والقانونية.. أمّا الهدف الثاني لتعليق المديونية، حسب الهمامي، فهو أن الشعب التونسي الذي يعاني الفقر والتهميش أحوج لهذه الأموال من غيره. مغالطة الشعب بالقول أن الحل في التداين اعتبر الهمامي أن التنمية الحقيقية هي التي لا يتم فيها اللجوء إلى ما اسماها "المديونية الكريهة" التي شكلت سلاحا أساسيا لبسط النفوذ الاستعماري في البلدان الأقل نموا مذكّرا بأن تونس ستسدّد خلال السنة الجارية 4280 مليون دينار خدمة الدين تقارب قيمة العائدات المخصصة لميزانية التنمية لنفس السنة. وفي سياق متصل قال انه في الربع قرن الأخير سدّدت ما قيمته 48.5 مليار دينار هذه الديون قوت قبضة الدول الاستعمارية على تونس والآن تسعى الحكومة إلى اخذ القروض لتسديد الديون القديمة وعلى هذا الأساس ستناضل الجبهة الشعبية لإلغاء المديونية التي أدت إلى تفاقم نسبة البطالة وتدهور المقدرة الشرائية للتونسيين، كما سيكون الملتقى الذي سينتظم يومي 23 و24 مارس الجاري فرصة للكشف عن ان الحكومة الحالية تغالط الشعب بقولها أن لا حل اليوم أمامها إلا التداين. سحب مشروع قانون التدقيق في الديون وانتقد الناطق الرسمي باسم الجبهة الشعبية ما قام به وزير المالية من سحب مشروع قانون للتدقيق في المديونية الذي تقدم به عدد من نواب المجلس التأسيسي. ووصف مخطط صندوق النقد الدولي بالخطير لأنه يهدف إلى تقليص عدد العمال وإلغاء الدعم على المواد الأساسية وضرب النفقات الاجتماعية والخدمات الاجتماعية من تقاعد وتامين على المرض قائلا "عيب على حكومة ما بعد الثورة أن تخضع لسياسات تفرضها القوى الرأسمالية خاصة صندوق النقد الدولي الذيلا يناقش خططه وبرامجه مع الدول بل يفرضها عليهم. وأكد الهمامي أن المنتدى الاجتماعي العالمي الذي سينتظم في تونس قريبا هو حركة نضالية للردّ على منتدى دافوس وهو فرصة لالتقاء كل القوى المناضلة ضدّ المديونية. آفة اجتماعية وسياسية وصف فتحى الشامخي عضو مجلس الأمناء بالجبهة الشعبية المديونية ب"الآفة الاجتماعية والسياسية التي تدمي شعوب المتوسط وتصادر سيادتها وترتهن مستقبل ابنائها "، واشار إلى أن الجبهة بادرت بتعبئة القوى السياسية في منطقة المتوسط ودعتها للاجتماع في تونس يومي 23 و24 مارس الجاري لوضع خطة لمقاومة افة المديونية للخروج من هذا المأزق. وسيحتضن الملتقى اكثر من ثلاثين حزبا تقدميا في منطقة المتوسط وتم فتح المجال لمشاركة ضيوف من أوروبا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية للخروج في اختتام الملتقى بيانا نهائيا. وفي سياق حديثه قال الشامخي "من غير المعقول ان يتمّ مواصلة العمل بنفس النظام الذي اعتمده بن علي والذي بلغ فيه حجم التداين السنوي 7,1 مليار دينار وقد بلغ نسق التداين خلال السنوات الأخيرة 3.4 مليار دينار. الوضع لا يحتمل التدمير الاجتماعي ونبّه إلى ان الوضع في تونس "خطير ولا يحتمل سياسات التدمير الاجتماعي" حسب قوله. مؤكدا ان تعليق تسديد الديون قرار سيادي تقوم به الحكومة وبناء على القانون الدولي والمعاهدات الدولية تؤكد ذلك فميثاق الأممالمتحدة جاء فيه انه من واجب الدولة ان تحافظ على نفسها. واعتبر عبد العزيز العياري القيادي في الجبهة الشعبية ان المديونية مسألة مفصلية بالنسبة للجبهة وسيخصص للملتقى كل المجهودات لتبلور خطة عمل نضالية تتجاوز حدود هذا القطر الى الدول العربية .