تحالفات وعناوين سياسية جديدة بدأت تطفو على الساحة الوطنية في محاولة منها لاستيعاب المرحلة الانتقالية الأخيرة قبل الدخول إلى مرحلة التحول الديمقراطي الحقيقي تحت عنوان الانتخابات التشريعية والرئاسية والبلدية. وادركت جل الاحزاب الناشطة انه من الضروري اليوم البحث عن تكتلات لخوض غمار المعركة وتجنب "الانعزال" في ساحة بدأت تفرز تحالفات حتى بين "اعداء" الامس او بين اولائك المختلفين فكريا وايديولوجيا. اذ يبدو اليوم أن واقع الاختلاف السياسي لا يمثل عائقا امام التحالف الانتخابي فالتفكير في الانتخابات القادمة ومنطق الربح هما الهاجس الوحيد مما يجعل حتى النقيض والنقيض مجتمعان. فكيف ينقسم الخط السياسي في تونس؟ وعلى اي أساس تقوم تحالفات المرحلة؟ يؤكد العديد من المتابعين ان الاعلان عن جملة التحالفات المعلنة قد ساهم بشكل مباشر في كسر حالة الاستقطاب الثنائي الذي تزعمته حركتا النهضة ونداء تونس. ومع اندثار حدة التناقضات تنفست بقية التشكيلات السياسية الصعداء حيث تمكنت من تجاوز دائرة المنع التي فرضتها النهضة والنداء اعلاميا وميدانيا واسهم بشكل مباشر في تجميع العائلات السياسية على قاعدة سياسية احيانا وعلى قاعدة انتخابية احيانا اخرى. واذ يبدو المعطى الفكري والايديولوجي قاعدة لجمع شتات بعض التيارات فان معطى الانتهازية السياسية كان فرصة للبعض لممارسة "الركشة " السياسية مع من هو اكثر امتدادا شعبيا منه. وقد فهمت جل الاحزاب ان البقاء خارج منطق التحالفات و الاندماج من شانه ان يعجل وبشكل مبكر في إخلاء الساحة منها واندثارها وهو ما عمل الدساترة على تجنبه حيث من المقرر ان يتم الاعلان عن جبهة دستورية تضم جل العائلة الدستورية الرافضة للالتحاق بمشروع الباجي قائد السبسي الذي رات فيه انحرافا عن النهج الدستوري الحق القائم على الفكر البورقيبي وامتداده داخل الوعي التونسي. الدساترة من بعيد اكد العديد من المحللين على ان المشهد السياسي والتحالفات الحاصلة لا يمكن لها ان تتكمل دون وجود اطراف دستورية ضمن فعالياتها. وادرك الدساترة هذه المعادلة السياسية الجديدة خاصة بعد تراجع الاطراف الحاكمة عن تطبيق قانون تحصين الثورة الذي انعش العديد منهم واعادهم الى الأضواء من جديد بعد ان كانت الساحة السياسية "رخوة" تحت اقدامهم. النهضة في شراكة جديدة بدوره كشف التحوير الوزاري بشكل واضح هشاشة العلاقة بين احزاب الترويكا واكد بما لا يرتقي للشك انتهازية العلاقة بين ثالوث الحكم القائم اساسا على تقسيم غنيمة "الثورة" . وعلى عكس شريكيه في الحكم يقف حزب النهضة وقفة تأمل لتقييم مردوده اولا ولتقييم شريكيه ولاحصاء ما خسره وما ربحه خلال الفترة الماضية. وتدرك حركة النهضة أنها أصبحت حركة شبه معزولة عن بقية التشكيلات السياسية بعد فشلها في استقطاب أحزاب جديدة للالتحاق بحكومة علي العريض وبالتالي فانه لا بد من إيجاد شركاء سياسيين جدد قادرين على تعويض شريكيها التكتل والمؤتمر بعد ان باتا غير قادرين على تجديد قواعدهما الانتخابية نتيجة الاستقالات والانسحابات المكثفة بعد انتخابات المجلس التأسيسي . وتدرك حركة النهضة ان شريكيها قد خسرا اي امكانية للدخول في تحالفات حزبية وعلى ضوء هذا المعطى فانه لا بد من البحث عن علاقات اخرى تضيف الى حسابات حركة النهضة الكثير. وقد اعتبر العديد من الملاحظين ان الحزب "المهيمن" بدا يفكر في ذلك جديا وان تفكيره بدا متوجها نحو حزب الاتحاد الوطني الحر برئاسة سليم الرياحي . وقد بين الملاحظون ان مؤشرات هذا التحالف اصبحت اكثر من واضحة من خلال دعم الاتحاد الوطني الحر والتصويت لفائدة حكومة على العريض وحملة الدعم التي رافقت رئيس جمعية النادي الافريقي من قبل صفحات فايسبوكية قريبة من حركة النهضة في "معركة " الرياحي ضد كاتب عام الحكومة. كما توقعت ذات المصادر ان تعرف العلاقة بين حركة النهضة وحركة وفاء برئاسة عبد الرؤوف العيادي تطورا قد ينتهي بتحالف ضمن جبهة انتخابية. "غزو" اليسار تؤكد جل عمليات سبر الاراء الصادرة عن مختلف المؤسسات على شعبية اليسار في "الخريطة" التونسية وذلك بالعودة الى النسب والمراتب المتقدمة التي حققها هذا الطرف. إذ احتلت الجبهة الشعبية المرتبة الثالثة في آخر سبر للاراء بنسبة 9,2 بالمائة لتتقدم بذلك عن اطراف بالحكم تدحرجت الى مراتب متأخرة. وقد عملت الجبهة الشعبية على استقطاب شق كبير من الشباب والطلبة من خلال العمل الميداني الذي يقوم به عدد كبير من قياداتها الشابة.