القطب القضائي يفتح ملف المجمع الكيميائي التونسي يعكف أحد قضاة التحقيق بالقطب القضائي بشارع محمد الخامس بالعاصمة على البحث في قضية استغلال موظف عمومي لصفته لاستخلاص فائدة لا وجه لها لنفسه أو لغيره وبمخالفة التراتيب المنطبقة والمشاركة في ذلك طبق احكام الفصلين 32 و96 من المجلة الجزائية شملت الأبحاث فيها عددا من المسؤولين التجاريين بالمجمع الكيميائي التونسي قبل الثورة، إثر شكاية تقدم بها رجل أعمال ضد اثنين من المديرين التجاريين وضد كل من يكشف عنه البحث، وقد مثل اثنان من المشتكى بهم منتصف الأسبوع الفارط أمام التحقيق لاستنطاقهما قبل أن يتم عرضهما على القيس والإبقاء عليهما بحالة سراح فيما ينتظر أن تشمل الأبحاث مسؤولين آخرين بالمجمع. وجاء في الشكاية التي تقدم بها المحامي الاستاذ صالح الفخفاخ في حق وكيل مجمع بارا الدولية ان منوبه يعمل في ميدان التجارة الدولية وتحديدا في تجارة الفسفاط وهي مادة ملك الدولة التونسية تستغل من طرف المجمع الكيميائي التونسي، مضيفا أن المشتكى بهما الرئيسيان بصفتهما المسؤولان عن العمليات التجارية بالمجمع رفضا تمكين منوبه من الاستجابة للطلبيات التي تقدم بها للادارة التجارية بتعلة عدم وجود مخزون في المادة المطلوبة في حين أنهما-وفق ما جاء في الشكاية- يقومان ببيع مخزون المجمع من الفسفاط بأسعار منخفضة عن الأسعار التي عرضها الشاكي على المجمع لشراء نفس المادة. رفض الاستجابة ! وأضاف الأستاذ الفخفاخ في شكايته أن منوبه قام بالتنبيه على المجمع بواسطة عدل تنفيذ طالبا تزويده بمادة الفسفاط كما تقدم في عدة مناسبات بطلبيات أخرى إلا أنه لم تقع الاستجابة لها بتعلة عدم وجود مخزون من البضاعة في حين أن المشتكى بهما قاما في نفس الفترة بتزويد حرفاء من دولة بنغلاديش وبسعر أقل من الذي عرضه منوبه الذي أعاد التقدم بطلبية أخرى زنتها 30 ألف طن من مادة الفسفاط بتاريخ 12 جانفي 2010 ثم قام بتاريخ 20 جانفي من نفس السنة بتأكيد الشراء بسعر 287 دولارا أمريكيا للطن الواحد غير أن الادارة المذكورة لم تستجب لذلك وقامت في نفس الفترة ببيع نفس البضاعة بسعر 280 دولارا للطن الواحد أي بأقل من سبعة دولارات من السعر المقدم من قبل منوبه، مضيفا أن رجل الأعمال المذكور يملك عدة وثائق تثبت أن المشتكى بهما كانا يتصرفان في بيع الفسفاط بثمن اقل من الثمن المعروض عليهما إلى أطراف مشكوك في أحقيتها بالبضاعة كما أنهما كانا يستغلان منصبهما للتلاعب ببيع الفسفاط مما تسبب لمنوبه في خسارة جسيمة نظرا لعدم تمكن الشركة من القيام بعملها التجاري المتمثل أساسا في تجارة الفسفاط الذي تملكه الدولة التونسية إضافة إلى التسبب في خسائر مالية للمجمع الكيميائي. الخبراء على الخط وبناء على هذه الشكوى كلف حاكم التحقيق المكلف بالبحث في القضية خبراء لمعرفة إن كان المجمع الكيميائي التونسي امتنع فعلا من تمكين الشاكي بوصفه وكيل مجمع شركة بارا العالمية من تزويده بمادة الفسفاط طبقا للتراتيب والاجراءات المعمول بها وإن كانت عملية عدم تزويد رجل الأعمال المذكور بالفسفاط ألحقت به ضررا أو لا وأيضا إن كانت ألحقت ضررا بالمجمع الكيميائي التونسي أو لا وتحديد تلك الاضرار إن وجدت. وفي هذا السياق علمنا ان المجمع الكيميائي التونسي –وحسب ما يتداول بين أطراف على علاقة بالقضية- امتنع عن البيع لشركة بارا العالمية في مناسبات متكررة منذ نشأة العلاقة بينهما بتبريرات واهية على ما يبدو ودون احترام مقتضيات الأمر 877 لسنة 1989 المؤرخ في 05 جويلية 1989 بسبب البيع دون إجراء المنافسة وعدم اضطلاع لجنة المبيعات بدورها المركزي بكل استقلالية في تحديد الاسعار واستراتيجية البيع وفق ما يرفع اليها من عروض وتماشيا مع وضع السوق والظروف العالمية المحيطة به، إضافة إلى أنها تأخذ قراراتها حسب مبرارت الادارة التجارية ودون امكانية التثبت في دقتها وصحتها إذ أن أحد الاختبارات اكتشف حسب ما يتردد أن مبررات الادارة التجارية غير دقيقة وتصب احيانا في مصلحة حريف بعينه ومع ذلك كانت المرجع الوحيد للجنة المبيعات للموافقة على مقترحات الادارة التجارية، كما ثبت من خلال نفس الاختبار تجاوز الادارة التجارية قرارات لجنة المبيعات وتغيير استراتيجية تحديد الاسعار ثم وضع لجنة المبيعات امام الامر المقضي (بعد التعاقد مع حريفين من الخواص بالبنغلاديش) باستشارة اعضائها عن طريق الهاتف والفاكس دون تمكينهم من مناقشة سلبيات ذلك التغيير المفاجئ النابع من اجتهاد مدير المنطقة الذي اراد ان يكون شأن البنغلاديش خاصا به، إضافة إلى البيع بأسعار دون الاسعار الدنيا المحددة من طرف لجنة المبيعات ثم الرجوع اليها لحملها على الموافقة على سبيل التسوية على المبيع بمبررات تصب في صالح الحريف وتفضيل حريف على آخر إضافة إلى عدة تجاوازات أخرى كشفتها على ما يبدو بعض الوثائق المادية المتوفرة على غرار البيع بخلاف التراتيب المعمول بها والتسبب في خسارة مباشرة للمجمع الكيميائي من خلال التعاقد على اساس مستوى اسعار دون الذي قررته لجنة المبيعات ودون أسعار السوق العالمية. وحسب المعطيات التي تحصلت عليها"الصباح" فإن أحد المشتكى بهما تعاقد مع خواص من البنغلاديش- دون أن يقدموا على ما يبدو- أي عرض الى المجمع وسحب عليهم تطبيق المعادلة الجائزة لتحديد السعر ثم حظي بموافقة خلفية من لجنة المبيعات دون ان تتمكن من مناقشة السلبيات والخلفيات كما أن أحد المشتكى بهما -وبعلم من المشتكى به الآخر- أعطى موافقة المجمع الكيميائي التونسي عند الساعة السابعة وثلاثة وخمسين دقيقة صباحا على مبيع بسعر 970 دولارا للطن سائب فوب عوضا عن السعر الذي قررته لجنة المبيعات 1200 دولار ومبيعات قافيلون بسعر 202 دولار امريكي عوضا عن 218 دولارا وتوبفير 200 دولار امريكي عوضا عن 218 دولارا. كما يبدو أن لجنة المبيعات التي عوّل عليها المشرع للمحافظة على مصالح المجمع الكيميائي أصبحت تستجيب لمقترحات الادارة التجارية لسحب مبالغ من حسابات المجمع بعنوان مردود يتم تحويلها لحسابات مجهولة الهوية عن طريق العميل"أووروقولف" الذي يتقاضى علاوة عن ذلك عمولات مشطة. خسائر مالية بالجملة وحسب ما توفر من معطيات –قد تؤكدها التحقيقات الجارية أو تدحضها-فإن شركة بارا العالمية التي سجلت رقم معاملات مع المجمع الكيميائي يقارب عشرين مليون دولار امريكي بداية من الثلاثية الاولى من سنة 2008 الى اخر الثلاثية الثانية من سنة 2010 تكبدت خسائر مالية فادحة بسبب حرمانها من شراء كميات من الأسمدة لفائدة حرفائها من ذلك تكبدها خسارة مباشرة تقدر بنحو مليون دينار وخسارة غير مباشرة بحوالي تسعة فاصل خمسة ملايين دينار أي أن مجموع خسائر هذه الشركة الناتجة عن حرمانها من إنجاز المبيعات كلفها عشرة فاصل خمسة ملايين دينار خلال سنوات 2008 و2009 و2010 فقط، وهو ما جعل الشركة-حسب مصادرنا- تمر بصعوبات مالية كبيرة وتخفض عدد عمالها وإطاراتها من 28 بين رأس الجبل والعاصمة إلى 3 فقط إضافة إلى توقف إنجاز مشروع كان سيوفر 80 موطن شغل لمهندسين وتقنيين سامين كما تسبب الامتناع عن البيع وعدم احترام اجراءات البيع في هذه القضية فقط في خسارة للدولة بما قدره حوالي 400 ألف دولار أمريكي أي ما يعادل 600 ألف دينار، فيما تبلغ الخسائر الجملية بملايين الدينارات، من ذلك التسبب في خسارة للدولة التونسية تناهز 23 مليون دينار في عملية واحدة تمثلت في بيع 68 ألف طن سائب فوب للهند عام 2008، بعد أن تم تخفيض سعر الطن عند البيع من 1200 دولار إلى 970 أو 975 دولارا، وخسارة قدرها مليون و560 ألف دولار في عملية بيع 24 ألف طن إلى بنغلاداش، إذ حدد سعر الطن عند البيع ب 370 دولارا إلا أنه بيع ب 285 دولارا فقط، إضافة إلى عدة عمليات مماثلة بيعت فيها البضاعة لدول عديدة على غرار البرازيل والجزائر وغيرهما، وأكيد أن التحقيقات المتواصلة ستكشف الحقيقة على أن يبقى المتهم بريئا حتى تثبت إدانته.