انطلقت ليلة أول أمس الجمعة بالمسرح البلدي بالعاصمة الدورة الثانية من النسخة التونسية من تظاهرة "ماراطون الكلمات" في حضور السيد أوليفيي بوافر دارفور مؤسس ومدير جمعية ماراطون الكلمات بتولوز والسيدة سهام بالخوجة مؤسسة ومديرة ناس الفن وفتحي الهداوي مديرها الفني. وماراطون الكلمات حسب ما جاء في كلام الفنان فتحي الهداوي وقد افتتح السهرة هو مهرجان سنوي للفن وقراءة الشعر والأدب تتوزع فعالياته على45 فضاء في تولوز بفرنسا ويتابعها جمهور كبير من كل الجنسيات سبق ان حضرته مديرة ناس الفن ورغبت في تقديم نسخة تونسية منه وهكذا تم تنظيم الدورة الأولى في 2012. باتريك بوافر دارفور: التونسية مناضلة مثقفة الهدف من تظاهرة "سباق الكلمات" حسب تصريح لسهام بلخوجة ل"الصباح"هو حث التونسيين على القراءة سواء باللغة العربية أو الفرنسية أو غيرها من اللغات وخلق فرص وفضاءات للمطالعة وتبادل المراجع راجية نجاح هذه التظاهرة وتواصلها لأهميتها بالنسبة لثقافة الفرد الذي يأتي للاستماع فتتحرك فيه الرغبة في المواصلة واكتشاف بقية القصة أو القصيدة أو الدراسة ذلك انه يمكن قراءة كل أجناس الكتابة الأدبية والبحثية في تظاهرة سباق الكلمات ومثل هذه التظاهرة إذا ما تعممت في بلادنا فإنها ستساعد بلا شك على النهوض بقطاع النشر وصناعة الكتاب وبيعه وشرائه في بلدنا وتعيد للكتاب مريديه والقه. والحقيقة ان الجمهور الذي توافد ليلتها على المسرح البلدي بالعاصمة ان لم يكن جاء من أجل الفنانة ليلى حجيج فانه يمكن لنا ان نؤكّد نجاح التظاهرة في السنة الماضية مما جعل الإقبال عليها هذه السنة كبير هناك أيضا عامل حضور شخصيات ثقافية مهمة كالسيد أوليفيي بوافر دارفور وشقيقه باتريك الذي قال انه سعيد بزيارة تونس التي لم يزرها منذ سنوات عديدة وعندما عاد وجد فيها عقولا مستنيرة وامرأة تونسية مناضلة ومثقفة والممثلة والمخرجة وكاتبة السيناريو الفرنسية (من أصل جزائري) نيكول غارسيا وجاك مارسيال والشاعر التونسي المنصف الوهايبي والإعلامية التونسية من أصول يونانية ماريان كاتزاراس والممثلة مريم بن حسين. طلة مؤثّرة لإيمي سيزار هؤلاء جميعا كرّموا كل على طريقته شعراء وكتاب أحبهم الناس واتّفقوا على أنها قامات مديدة في مجال التعبير الذي اختصوا فيه واختاروا قراءة فصول مما أبدعوه ورسموا به طريقا سارت فيه بعدهم أجيال من المبدعين وطبعوا بأسلوبهم الخاص وقناعاتهم ونضالهم الأدب الإنساني ومن بين هؤلاء الشاعر المارتينيكي إيمي سيزار وهو كاتب شارك في الحركة الفكرية والأدبية الإفريقية وساعد في تحرير إفريقيا من الاستعمار الأوروبي. واقترن اسمه بالشاعر السنغالي ليوبولد سيدار سنغور وأسس معه وبعض الشعراء الأفارقة ما عرف بالأدب الأسود وحاولوا من خلاله رد الاعتبار للإنسان الأسود الذي تعرض للاضطهاد والعبوديّة وحاول أن يبرز هو جماعته ومن بينهم فرانس فانون أن الإنسان الأسود مثلما ساهم في بناء الحضارة الأوروبية ومنشأتها ومعمارها لعب دورا هاما في الثقافة الأوروبية. وقد اشتهر إيمي سيزار خاصة بفلسفة الزنوجة في سنة 1934. قرأ جاك مارسيال بكثير من الإحساس والتفاعل قصيد من دفتر العودة ارض الميلاد لايمي سيزار الذي تقول بعض مقاطعه وهو قصيد مطول:" رحيل. قلبي يخشخش للسخاء المفخم. رحيل. سوف أصل مصقولا وشابا إلى هذه الأرض التي هي أرضي وسوف أقول لهذا الأرض التي طميها يسري في مكونات لحمي:" لقد تسكعت طويلا وتهت وطوحت بي الأراضي وها قد عدت إلى القبح الشنيع المهجور لجراحك."سوف آتي إلى هذا البلد الذي هو بلدي وأقول له:"قبلني دون خوف... وإذا كنت لا أعرف شيئا آخر غير الكلام فإنني لن أكلم إلاّك."وسأقول له أيضا":فمي هو فم المصائب التي ليس لها فم وصوتي هو حرية أولئك الذين ترهقهم زنزانة اليأس. أولئك الذين ينحطون لزنزانة القنوط. وأنا قادم، سوف أقول لنفسي": وخصوصا، جسدي فضلا عن روحي لا تشبكا أيديكما كما في حالة المتفرج العقيم، لأن الحياة ليست عرضا لأن بحرا من الألم ليست مقدمة مسرحية لأن رجلا يصيح ليس دبا بصدد الرقص..." "خبز أمي" باللغة الفرنسية قرأت مريم بن حسين كذلك من أشعار نزار قباني ونشط فتحي الهداوي السهرة وربط بين فقراتها بأشعار الصغير أولاد احمد وأبدع في قراءة قصيد "ليت هندا" لعمر ابن ابي ربيعة وعرضت ماريان كاتزاراس قصائد مترجمة إلى الفرنسية للرّاحل محمود درويش كقصيدة "أحن إلى خبز أمي" و"شكرا تونس" وفيها يقول: "شكراً لتونس. أَرْجَعَتنْي سالماً من حبها/ فبكيتُ بين نسائها في المسرح البلديِّ حين تملِّصَ المعنى من الكلمات../ كُنْتُ أودِّعُ الصيفَ الأخيرَ كما يودِّعُ شاعرٌ أُغنيةً غَزَلِيَّةً: ماذا سأكتبُ/ بعدها لحبيبةٍ أُخرى... إذا أَحببتُ؟ / لُغَتي دُوارُ البحر في لغتي رحيلٌ/ غامضٌ من صُورَ لا قرطاجَ تكبحُهُ ولا ريحُ البرابرة الجنوبيِّين." نيكول غارسيا تتحدث على لسان ألبار كامو وشارك في هذا الحفل الشعري الذي غابت عنه الموسيقى وتم تأجيل الفقرة التي كان من المفروض ان تؤمّنها الفنانة ليلى حجيج الى اليوم التالي الشاعر المنصف الوهايبي الذي قرأ قصيدة" ماذا لو نحن ولدنا في السبعين او الستين" واختتمته النجمة الفرنسية "نيكول غارسيا" بقراءة معبرة وان كانت متعثرة بعض الشيء لمختارات من آخر ما ألّف الأديب ألبار كامو وهو رواية بدأها ولم تمهله الموت لينهيها وهي بعنوان "الرجل الأول" وهي سيرة ذاتية عن طفولته في الجزائر. وانتهت السهرة على أمل اللّقاء في حلقات نقاش وقراءات ومداخلات موسيقية بمشاركة "أولفيي بوافر درفور" وهالة الباجي ودليلة بن مبارك مصدق وغازي الغرايري وألفة يوسف ورجا بن سلامة وغيرهم... وسيكون الاختتام اليوم الأحد بالمسرح البلدي بالعاصمة حيث يقرأ الشباب كل من اختياره نصا تحت محور"رسالة الى تونس".