- كثر الحديث في السنوات الأخيرة حول تسجيل الأطفال في مدارس تسبق الابتدائي بسنة بهدف الرفع من مستوى التعليم. ونتساءل هل أن هذه السنة ستكون مجانية أم بمقابل لأن تكلفتها ستكون مرتفعة. فإذا كانت مجانية فمن أين ستأتي الدولة بميزانيتها خاصة أنها أعلى بكثير من ميزانية سنة في الابتدائي لسبب بسيط وهوأن التلاميذ في تلك السنّ لا يمكن أن يذهبوا إلى المدرسة وحدهم حتى وإن كان موقعها بجنب سكناهم، ثم إن الأمريهمّ 164.000 تلميذ وتلميذة؛ وإذا اعتبرنا أن القسم يجب ألاّ يتجاوز 20 في القاعة الواحدة فإنه يجب توفيرعلى الأقل 8.200 مدرسة غيرموجودة حاليا ولكون هذه المدارس يجب أن تكون قريبة جدّا من سكنى الناس؛ فإن كل مدرسة يجب ألاّ تتعدّى قاعتين، ثم إن كل مدرسة يجب ان تشتمل على قاعة أخرى للمدير والمعلمين إلى غيرذلك من مستلزمات التجهيز؛ فسنصل إلى ميزانية تجهيزوحدها تفوق 375 مليون دينارلا تملكها الدولة حاليا؛ أضف إليها ميزانية تصرّف ب 180 مليون دينارسنويا على الأقل. أمّا إذا كانت غيرمجانية فإن الأمرلا يتعدّى أن نجعل الروضات الحالية إجبارية للذين بلغوا سن الخامسة ولا أعتقد أن أكثرمن نصف التونسيّين مستعدّون لدفع معلوم التسجيل وسيُحرم أبناؤهم من الدراسة. وهي روضات موجودة بالمدن فقط مما يعني أن سكان الريف سيكونون محرومين منها. ويرى المعلمون الذين اتصلت بهم وبعض الأولياء الذين جرّبوا تسجيل أبنائهم في المدرسة في سن الخامسة أن في ذلك مشقة لأغلب الصغار الذين هم في سنّ اللعب وليسوا جاهزين لسنة دراسية تحرمهم من طفولة تتسم باللهووعدم الجدّية وهي ضرورية لتكوّنهم النفسي والإنساني. أعتقد أنه يجب استعمال هذه الأموال التي لا نملكها حاليا في جعل التعليم إجباريا فعلا وجلب كل الأطفال الذين لم يبلغوا السادسة عشرة والذين هم الآن في الشارع أو في الحقل إلى المدرسة حتّى نقضي نهائيا على الأمّية وحتى ننقذ عددا كبيرا ممّن غادروا مقاعد الدراسة لأسباب أغلبها اجتماعية أو لبعد سكناهم عن المدرسة. ويوم يكون كل الأطفال التونسيين الذين هم في سنّ الدراسة الإلزامية في مدارسهم يمكن آنذاك أن نفكرفي تدريس الذين لم يبلغوا السادسة. أستاذ جامعي وناشط سياسي