فاجأت الاسئلة "الدينية " التي جاءت في نص مناظرة انتداب عرفاء الحرس الوطني التي انتظمت اول امس، الممتحنين والمتابعين للشأن العام على حد السواء وكانت موضوع سخرية وتعليقات شبكات التواصل الاجتماعي وراى فيها ممثلو المجتمع المدني "خطوة الى الوراء" في مسار إصلاح المنظومة الأمنية وترسيخ ثقافة حقوق الإنسان.. في توضيحها الصادرأمس على موقعها الرسمي أكدت وزارة الداخلية وجود أسئلة ذات صبغة دينية في مناظرة انتداب عرفاء بسلك الحرس الوطني، وأوضح البيان أنها "تندرج في باب الأسئلة التي تتعلق بالثقافة العامة.. وان محاولة فصلها عن المضمون العام للاختبار هو من باب القراءة الخاطئة." اسئلة بلا معنى.. في المقابل عبر يسري الدالي، باحث واخصائي نفساني شغل منصب مدير دراسات وتطوير الكفايات بالامن الوطني واشرف لمدة 8 سنوات على لجنة اعداد مناظرات انتداب اعوان الامن، في تصريح ل"الصباح" عن تفاجئه من الستين سؤالا التي جاءت في مناظرة عرفاء الحرس الوطني. واشار الى ان الاسئلة يتم تحديدها وفقا لما تتطلبه الخطة الوظيفية والتي تسمح بتقييم المرشحين لهذه المهمة بالذات.. وبين أن المناظرات احتوت فيما مضى أسئلة دينية ذات طابع أخلاقي تتماشى مع أخلاقيات العمل الأمني.. واعتبر ان ما جاء في مناظرة اول أمس "ليس له اي معنى ويبدو جليا انه مجرد اجتهاد شخصي من بعض الأمنيين الذين يريدون العمل وفقا لعقلية القائد".. ونزّه الدالي اي طرف حكومي أو حزبي مما ورد في نص المناظرة. واشار الى ان الادارت الامنية لا تريد تعلم الدرس وتصر على العمل بنفس العقلية السابقة.. رسائل مزدوجة !! بين بسام بوقرة رئيس منظمة "اصلاح" التي اختصت منذ بعثها في إصلاح المنظومة الامنية، في اتصال مع "الصباح" ان ما جاء في مناظرة عرفاء الحرس الوطني يؤكد أن الأصوات المرتفعة التي تدعو الى تحييد وزارة الداخلية على حق، وان حيادية وزارة الداخلية لا تتجسد فقط في حيادية وزير الداخلية والمشكل يكمن في الأشخاص الذين تم تعيينهم داخل الوزراة. وقال :" الاسئلة التي اعتبرتها وزارة الداخلية اسئلة ثقافة عامة، في الحقيقة اسئلة اقصائية للتونسي المسيحي وغير المتديّن.. وتمس التونسي في تسامحه وقبوله للاخر.." واعتبرأن الاسئلة "موجهة لا تؤسس لقيم الاسلام السمحة على غرار الحب والتسامح والتآخي". وتساءل بوقرة عن اهمية معرفة عون في الحرس الوطني اسم من اول امراة قطعت يدها في سرقة أو معنى الصفا والمروة أو من استقبل القبلة حيا وميتا، "وكيف سيحسن معرفته لهذه المعلومات من مردوده في العمل.. او طريقة مقاومته للجريمة." واشار رئيس منظمة إصلاح إلى وجود "ازدواجية في الرسائل التي تبعث بها وزارة الداخلية الأمر الذي يدل على وجود أكثر من تيار داخلها ففي الوقت الذي يوجد تيار إصلاحي يؤمن بالمجتمع المدني ويسعى الى تغيير العقلية العامة للأمنيين وبناء ثقافة جديدة تقوم على مبادئ ثقافة الانسان هناك تيار رجعي متشدد صلب يؤمن ان وزارة الداخلية عليها ان تواصل العمل بنفس العقلية." وأوضح ان "هذه الثنائية تؤكد وجود خور داخل وزارة الداخلية تزيد منظمتهم وكل قوى المجتمع المدني اصرارا على التحرك والعمل من اجل الإصلاح والتغيير." من المسؤول ؟؟ أشار لسعد الكشو كاتب عام نقابة وحدات التدخل في تصريح ل"الصباح" الى ان نصوص اختبارات المناظرات عموما يتم اعدادها من قبل المصالح المعنية بالامتحانات الموجودة داخل الادارات المعنية بالتكوين في وزارة الداخلية.. وتتكفل لجنة علمية تعمل بالاشتراك مع المسؤولين في مصلحة الامتحانات بتحديد اسئلة الاختبارات.. وذكر الكشو ان اسئلة الثقافة العامة في مثل هذه المناظرات تكون لها في العادة علاقة مع الشان العام أو القضايا المطروحة فمثلا السنة الماضية كانت اسئلة الثقافة العامة حول الثورة واهدافها وتحدياتها وفي السنوات السابقة تمحورت حول العولمة والثقافة الرقمية والجريمة الالكترونية..وعبّر "عن استغرابه لطبيعة الاسئلة التي جاءت في مناظرة عرفاء الحرس الوطني فلم ترد حسب معرفته مثل هذه الاسئلة من قبل.." وبين ان نقابات الامن ستصدر بيانا تعبر فيه عن موقفها الرسمي يكون نتيجة للبحث الذي ستقوم به حول اسباب طرح مثل هذه الاسئلة والهدف من طرحها وما هي الخلفية التي تقف وراءها.. رب عذر.. وقد أثار التوضيح الصادر بشان نص المناظرة على صفحة "الفايسبوك" الرسمية لوزارة الداخلية العديد من التحفظات عند المواطن التونسي حيث أبدى اغلبية المشاركين في التعاليق استغرابهم. وبكثير من السخرية عبر الكثير منهم عن رفضهم لطبيعة الاسئلة التي جاءت في نص المناظرة واعتبروا انه ليس من حق اي كان، حتى ان كان امتحانا وظيفيا، ان يسأل مواطن تونسي عن معتقده الديني.. كما ليس من المنطقي ان تعتمد قاعدة الانتماء الديني للانتدابات. ووجه البعض الآخر نقدا لمحتوى الاسئلة في حد ذاتها في حين قال احد المعلقين انها اسئلة "تنم عن جهل بالدين الإسلامي" حيث تم اختيار معطيات يثار حولها خلاف بين علماء الدين على غرار "عدد القراءات الصحيحة للقرآن أو سنوات نزول القرآن، اين جاء مثلا في كتاب البرهان للزركشي: "وكان بين أول نزول القرآن وآخره عشرون او ثلاث وعشرون او خمس وعشرون سنة" يعني ان مدة نزول القران غير ثابتة..