◄ ما علاقة الأدب والفكر بروابط حماية الثورة؟ شهد المركب الثقافي لأبي القاسم الشابي بالوردية مؤخرا أحداثا غريبة ومشاكل وعنفا لفظيا كاد يتحول إلى عنف مادي إذ تم الاستنجاد فيه بإحدى روابط الثورة وذلك على اثر خلاف بين مديرة الفضاء وأعضاء النادي الثقافي ابو القاسم الشابي والهيئة المديرة لجمعية المعجمية العربية بتونس وتنشطان بفضاء المركب الثقافي بالوردية منذ عقود عديدة من الزمن. -هل من توضيح لما شهده المركب الثقافي لابي القاسم الشابي بالوردية باعتباركم رئيسا لنادي القصة؟ في البداية أرجو تمكيني من تذكير قراء جريدتكم بالدور الثقافي لهذا النادي العريق في نشاطه. فقد تمّ بعث النادي الثقافي أبو القاسم الشابي في شكل جمعية غير حكومية مدرجة بالرائد الرسمي للبلاد التونسية، في سنة 1961. وكانت هذه الجمعية أساس الحركة الثقافية بتونس خلال ستينات وسبعينات القرن الماضي. وفي نطاقها تمّ بعث "نادي القصة" في سنة 1964 ،. وقد عمل هذا النادي إثر تأسيسه على إصدار مجلة "قصص" التي تواصل صدورها منذ سنة 1966 إلى اليوم، وهي أقدم مجلة أدبية مختصة في هذا المجال في الوطن العربي. ويمثل ّنادي القصة" الخلية الأدبية الوحيدة المدرجة في الموسوعة العالمية "أونيفارساليس" باعتبارها نموذجا للعمل الثقافي غير الحكومي. وقد التزم هذا النادي منذ انبعاثه بخدمة الأدب التونسي تعريفا بالقصة والرواية والنقد الأدبي في تونس، وسعى منذ سنوات نشاطه الأولى للتعريف بأوليات النصوص القصصية والروائية من خلال مجلته "قصص" التي داومت على الصدور فصليا منذ 1966 وكذلك بإصدار سلسلة من الكتب الإبداعية والنقدية تحت اسم "منشورات قصص" تجاوز عدد اليوم الخامسة والخمسين. فمن خلال مجلة "قصص" والمنشورات الملحقة بها، أمكن لهذا النادي أن يستوعب أغلب أسماء كتاب القصة والرواية في تونس خلال الخمسين سنة الأخيرة وأن يؤرخ للكتابات القصصية بالبلاد التونسية منذ بدايتها في مطلع القرن العشرين وأن يضع المسارد لما نشر منها في الصحافة التونسية وما أصدره كتّابها من إبداع قصصي وروائي من كتابات لم تتوفر لها فرصة الصدور في كتب. ويسعى "نادي القصة" لكي يكون "ذاكرة" الكتابة القصصية بالبلاد التونسية في نفس الوقت الذي يحرص فيه على احتضان الأجيال الشابة من كتّاب القصة والرواية وتشجيعها على تبليغ أصواتها الأدبية من خلال مسابقات القصة المقترنة بالملتقي السنوي للنادي وما ينشره لهم من كتابات في مجلة "قصص" أو في شكل مجاميع قصصية. -من هي الأطراف التي تنشط وتتصرف في مقر جمعية النادي الثقافي أبو القاسم الشابي بالوردية ومنذ متى؟ - لمّا تأسست جمعية النادي الثقافي أبو القاسم الشابي بالوردية في مطلع ستينات القرن الماضي عملت على توفير مقرّ لها باعتماد تبرعات حي الوردية مكنتها من إقامة الفضاء الذي يعرف اليوم باسمها. وواصلت هذه الجمعية نشاطها في استقطاب المؤسسات الفكرية والأدبية غير الحكومية مثل "نادي القصة" و"نادي الموسيقى العربية" و"جمعية المعجمية العربية بتونس" و"نادي التصوير الشمسي" و"نادي الشعر" و"نادي المسرح" وقد وجدت في وزارة الثقافة خير دعم لرعاية نشاط تلك الأندية والجمعيات، إلى أن قامت وزارة الثقافة في مطلع سنة2001، بصيانة المركب الثقافي وتنظيم النشاط به، وعلى ذلك الأساس تمّ تقسيم الفضاء المتوفر فيه بين الأطراف الثقافية الأربعة التالية وهي: جمعية النادي الثقافي أبو القاسم الشابي التي تواصل نشاطها في شكل"نادي القصة" وجمعية المعجمية العربية بتونس" و"المكتبة العمومية" وّدار الثقافة أبو القاسم الشابي" التي تمّ تركيزها لضمان الإشعاع الثقافي المحلّي وإدارة المركب باعتبارها ممثّل الوزارة المعنية. وعلى هذا الأساس خصص لكل من الأطراف الثقافية المعنية الفضاء الذي ينشط فيه مع الاشتراك في الاستفادة من قاعة الاجتماعات الكبرى ومسرح الهواء الطلق. وكان لكل من "نادي القصة" و"جمعية المعجمية" الفضاء الخاص بهما، والذي يشمل قبوبين وراء مسرح الهواء الطلق يستعملان كأرشيف للجمعيتين. -وهل من فكرة عما حدث بالضبط؟ - ما راعنا في خلال الأسبوع الماضي إلا ومديرة دار الثقافة تعمد إلى إقامة أبواب داخلية لفصل أجزاء المركب وكذلك للباب الخارجي للفضاء الثقافي والتحكم في الحركة داخله وخلع أقفال القبو الراجع بالنظر إلى جمعية النادي الثقافي وتحويل محتواه من الوثائق إلى مكان آخر للتصرف فيه، دون استشارة من يرجع إليه قرار التخلي عن هذا الفضاء وكان ذلك يوم السبت 13 أفريل 2013. وأمام هذا التصرف تمّ الاتصال بالمندوب الثقافي لمدينة تونس باعتباره مرجع النظر الإداري للمعنية بالأمر، فبادر بالحضور وسعى إلى إرجاع الأمور إلى نصابها ووعدنا بإعادة الأرشيف إلى مكانه وتسليمنا المفاتيح خلال أيام. وفي نفس اليوم قامت مديرة دار الثقافة بالاستنجاد بجماعة تنتمي إلى رابطة حماية الثورة بالمكان لتعنيف أعضاء جمعية "المعجمية العربية بتونس" وتهديدهم بطردهم من فضاء المركب ومنعهم من عقد اجتماعهم. وتواصلت مضايقات الجماعة الغريبة عن فضاء المركب الثقافي كامل أمسية يوم السبت. وقد تواصلت تحركات مديرة دار الثقافة لمشاغبة الجمعيتين المذكورتين والتقوي بأفراد من رابطة حماية الثورة بالمكان خلال الأسبوع الموالي. - موقف الجهات المحلية والجهوية المسؤولة من الموضوع ككل وهل كان تدخلها ناجعا حسب رأيكم؟ - قام معتمد المنطقة يوم الاربعاء17 أفريل بدعوة الأطراف الأربعة الناشطة في فضاء المركب الثقافي، إلى اجتماع عقد بمكتبه بحضور المندوب الجهوي للثقافة بتونس، وبعد استعراض الوضع، أقرّ الحاضرون بضرورة الالتزام بما جرى به التعامل منذ تقسيم فضاء المركب، وهو ما بدا أنه غير مرض لمديرة دار الثقافة التي ما أن انصرفت من الاجتماع حتى عمدت إلى تجنيد نفس العناصر الخارجية عن المركب لمشاغبة الأطراف الأخرى. - وموقفكم من التجاء مديرة الفضاء إلى لجان حماية الثورة للتدخل في الموضوع؟ - نحن لا نريد الدخول في نقاش لا يعنينا. وقد كان وجودنا في هذا الفضاء عن شرعية فرضها وجودنا منذ إقامة المركب وتواصل نشاطنا الثقافي فيه لفائدة المجموعة وبموافقة وزارة الثقافة. ولا نفهم اليوم كيف لأي طرف آخر أن يدعيّ أنه أولى بالتحكم في إدارة الفضاء المخصص لنا أو بتوجيه ما يمكن أن نقوم به من أنشطة. ونحن ندرك جيدا أن كل ما قامت به مديرة دار الثقافة من التحكم في الأبواب والسعي للحصول على القبوين الملحقين بفضاء مسرح الهواء الطلق، هو لغاية التمكن من كراء هذا الفضاء الثقافي لإقامة حفلات الأعراس الخاصة وهو ما درجت عليه منذ سنتين. وهذا النشاط لا يندرج ضمن أنشطة وزارة الثقافة ولا يوفر الإشعاع الثقافي على أهالي المنطقة. ويبدو أن وجودنا لا ينسجم وهذه التطلعات للاستفادة من الفضاء الثقافي، لكن مرجعيتنا كانت دائما وزارة الثقافة باعتبارها الساهرة على صيانة وتشغيل هذا الفضاء وإذا وجد البعض في أفراد من رابطات الثورة ما يمكن استعماله كمخلب قط، فإننا نرفضه باعتبار ما نقوم به من نشاط لا يعني إلا الأدباء والتبليغ الثقافي. ولا أعتقد أننا في حاجة إلى هدر الوقت في نقاش لا ينفع القطاع الذي التزمنا بخدمته من منطلق العمل الجمعياتي. كما أننا لسنا في حاجة إلى أن نبرر ما نقوم به ففي مسيرة هذه الجمعية الأدبية وكتابات أعضائها خلال العشريات الماضية، ما يوضح المواقف أكثر ممّا قد يدعيه البعض اليوم. - انتم ترجعون بالنظر لأية جهة وما هي علاقتكم بالسلطات المحلية وهل من فكرة عن الرسالة التي وجهتموها والهيئة المديرة لجمعية المعجمية إلى وزير الثقافة؟ - نحن لا نرجع بالنظر إلى أية سلطة ومرجعيتنا كانت دوما قانون الجمعيات الثقافية ولا علاقة لنا بالسلط المحلية بالوردية، ووزارة الثقافة هي الطرف الوحيد الذي نتعامل معه من منطلق عملنا التطوعي وما توفره لنا من دعم لأنشطتنا الثقافية، لذلك توجهنا إلى وزير الثقافة بمراسلة لتوضيح ملابسات الوضع باعتباره المخول الوحيد لضبط كيفية التصرف في هذا الفضاء الثقافي. - ما هي الحلول التي تطرحونها لوضع حد للإشكال نهائيا؟ - نحن لسنا في وضع اقتراح حلول لإشكالية نواجهها في تعاملنا مع طرف آخر، بل نحن في وضع معتدى عليه ومضايقة خارجية، ولسنا في حاجة إلا لحضور القانون والسلطة لضمان حقنا في التصرف في فضاء خصص لنا منذ وجدت جمعيتنا ولا نرى موجبا والوضع كما كان دوما، أن ياتي من يريد أن يبرر شرعية وجوده على حساب الآخرين. وكل محاولات المضايقة والإحراج لا يمكن إلاّ أن تصرف أعضاء جمعيتي"النادي الثقافي أبو القاسم الشابي" و"المعجمية العربية بتونس" عمّا يفيد البلاد والعباد. وكم نحن أحوج إلى العمل الصالح من الانكباب على مثل هذه الوضعيات الهامشية التي تعوق مسيرة المجموعة.