رئيس الجمهورية قيس سعيّد.. المفسدون... إمّا يعيدون الأموال أو يحاسبهم القضاء    فاتورة استيراد الطاقة لا تطاق .. هل تعود تونس إلى مشروعها النووي؟    في علاقة بالجهاز السرّي واغتيال الشهيد بلعيد... تفاصيل سقوط أخطبوط النهضة    مذكّرات سياسي في «الشروق» (5) وزير الخارجية الأسبق الحبيب بن يحيى... يتكلّم الصادقية حاضنة المعرفة والعمل الوطني...!    أخبار المال والأعمال    تقديرات بانحسار عجز الميزانية الى 6.6 ٪ من الناتج المحلي    مع الشروق .. «طوفان الأقصى» أسقط كل الأقنعة.. كشف كل العورات    مع الشروق .. «طوفان الأقصى» أسقط كل الأقنعة.. كشف كل العورات    مزاد دولي يبيع ساعة أغنى راكب ابتلعه الأطلسي مع سفينة تايتنيك    الرابطة الثانية (ج 7 إيابا) قمة مثيرة بين «الجليزة» و«الستيدة»    مانشستر سيتي الانقليزي يهنّئ الترجي والأهلي    ترشح إلى «فينال» رابطة الأبطال وضَمن المونديال ...مبروك للترجي .. مبروك لتونس    فضاءات أغلقت أبوابها وأخرى هجرها روادها .. من يعيد الحياة الى المكتبات العمومية؟    تنديد بمحتوى ''سين وجيم الجنسانية''    ابتكرتها د. إيمان التركي المهري .. تقنية تونسية جديدة لعلاج الذقن المزدوجة    الكاف..جرحى في حادث مرور..    نبيل عمار يؤكد الحرص على مزيد الارتقاء بالتعاون بين تونس والكامرون    استشهاد خمسة فلسطينيين في قصف لطيران الاحتلال لمناطق وسط وجنوب غزة..#خبر_عاجل    القواعد الخمس التي اعتمدُها …فتحي الجموسي    ماذا في لقاء وزير الخارجية بنظيره الكاميروني؟    طقس الليلة    تسجيل مقدّمة ابن خلدون على لائحة 'ذاكرة العالم' لدى اليونسكو: آخر الاستعدادات    بطولة الرابطة 1 (مرحلة التتويج): حكام الجولة الخامسة    البطولة الافريقية للجيدو - ميدالية فضية لعلاء الدين شلبي في وزن -73 كلغ    توزر: المخيم الوطني التدريبي للشباب المبادر في مجال الاقتصاد الأخضر مناسبة لمزيد التثقيف حول أهمية المجال في سوق الشغل    نابل: الاحتفاظ بشخص محكوم بالسجن من أجل "الانتماء إلى تنظيم إرهابي" (الحرس الوطني)    أكثر من 20 ألف طالب تونسي يتابعون دراساتهم في الخارج    التوتر يشتد في الجامعات الأمريكية مع توسع حركة الطلاب المؤيدين للفلسطينيين    مواطن يرفع قضية بالصافي سعيد بعد دعوته لتحويل جربة لهونغ كونغ    مدير عام وكالة النهوض بالبحث العلمي: الزراعات المائية حلّ لمجابهة التغيرات المناخية    الجزائر تسجل حضورها ب 25 دار نشر وأكثر من 600 عنوان في معرض تونس الدولي للكتاب    المؤرخ الهادي التيمومي في ندوة بمعرض تونس الدولي للكتاب : هناك من يعطي دروسا في التاريخ وهو لم يدرسه مطلقا    كتيّب يروّج للمثلية الجنسية بمعرض تونس للكتاب؟    وزارة التجارة تتخذ اجراءات في قطاع الأعلاف منها التخفيض في أسعار فيتورة الصوجا المنتجة محليا    الرابطة 1 ( تفادي النزول - الجولة الثامنة): مواجهات صعبة للنادي البنزرتي واتحاد تطاوين    افتتاح المداولات 31 لطب الأسنان تحت شعار طب الأسنان المتقدم من البحث إلى التطبيق    تضم فتيات قاصرات: تفكيك شبكة دعارة تنشط بتونس الكبرى    يلاحق زوجته داخل محل حلاقة ويشوه وجهها    عاجل/ إصابة وزير الاحتلال بن غفير بجروح بعد انقلاب سيارته    القلعة الصغرى : الإحتفاظ بمروج مخدرات    تراجع إنتاج التبغ بنسبة 90 بالمائة    هام/ ترسيم هؤولاء الأعوان الوقتيين بهذه الولايات..    تقلص العجز التجاري الشهري    الشابّة: يُفارق الحياة وهو يحفر قبرا    السعودية على أبواب أول مشاركة في ملكة جمال الكون    عاجل/ تحذير من أمطار وفيضانات ستجتاح هذه الدولة..    أخصائي في أمراض الشيخوخة: النساء أكثر عُرضة للإصابة بالزهايمر    التشكيلة المنتظرة للترجي في مواجهة صن داونز    تُحذير من خطورة تفشي هذا المرض في تونس..    عاجل : القبض على منحرف خطير محل 8 مناشير تفتيش في أريانة    دورة مدريد : أنس جابر تنتصر على السلوفاكية أنا كارولينا شميدلوفا    أمين قارة: إنتظروني في هذا الموعد...سأكشف كلّ شيء    هرقلة: الحرس البحري يقدم النجدة والمساعدة لمركب صيد بحري على متنه 11 شخصا    وصفه العلماء بالثوري : أول اختبار لدواء يقاوم عدة أنواع من السرطان    خطبة الجمعة .. أخطار التحرش والاغتصاب على الفرد والمجتمع    منبر الجمعة .. التراحم أمر رباني... من أجل التضامن الإنساني    أولا وأخيرا...هم أزرق غامق    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الخلايا النائمة مازالت ألغاما مزروعة بيننا!
ملف "الصباح الأسبوعي": قمة الشعانبي.. ليست قمة الإرهاب
نشر في الصباح يوم 06 - 05 - 2013

حادثة ألغام الشعانبي التي هزّت الرأي العام المحلّي.. هل كانت فعلا أخطر مؤشّر عن تغلغل الإرهاب في بلادنا؟
قطعا لا، كما لم تكن أحداث الروحية أو بئر علي بن خليفة أو بوشبكة هي البداية، وإذا كنا نبحث عن بداية "ملموسة" للعمليات الارهابية فإنه لا يمكن لنا أن نتجاوز تفجير نزار نوّار لنفسه في حادثة الهجوم الانتحاري على كنيس الغريبة بجربة في 2002، وقد بارك حينها الظواهري هذه العملية الارهابية ورغم المجهودات الأمنية حينها لتطويق أوكار الارهاب إلاّ أن المدّ الجهادي لمحاربة نظام "الطاغوت" بن علي واصل زحفه وتغلغله في البلاد وتوّجت عملياته بحادثة سليمان بالإضافة إلى حوادث أخرى متفرقة كذبح الشرطيين بمدينة سوسة.. بالإضافة إلى محاولة زرع خلايا إرهابية نائمة في البلاد تكون جاهزة للتحرّك متى أمر "الأمير" بذلك..
هذه الخلايا النائمة في تونس عادت لتبرز على سطح الأحداث من خلال اعترافات أبو طلحة التونسي الذي تمّ القبض عليه على خلفية أحداث عين أميناس..
وما ذكر سابقا يؤكّد أن ألغام جبل الشعانبي هي النتوء الظاهر من جبل الجليد القائمة على أرضنا، وأن التغيير الوحيد الذي حصل بعد الثورة هو عودة القيادات الجهادية المعتقلة بالخارج، وإحالة القيادات الأمنية المختصّة بملف الإرهاب في الداخلية على التقاعد الوجوبي وتجميد نشاط شبكة المخبرين وهذه العوامل تضافرت لمنح حصانة ومناعة للتنظيمات الإرهابية التي بدأت حملتها على الأمنيين والعسكريين تمهيدا للمرحلة الأخطر وهي استهداف المدنيين ناهيك وأن البلاد وحسب تقارير استخباراتية تشهد تدفقا غير مسبوق لكميات السلاح بالإضافة إلى التغيرات الاقليمية ومناخ الحريات الذي أطلق عقال الأفكار الجهادية..

الظواهري بارك العملية سنة 2002
نزار نوار يفجر نفسه و يعلن بداية الجهاد في تونس: كتيبة عقبة ابن نافع تأسست في 2005 و«استيقظت» سنة 2012
هذه حقيقة الاستقطاب الإلكتروني و«المنخرطين المميزين»
في 11 افريل 2002 تم تحميل شاحنة لنقل الغاز الطبيعي بكمية من المتفجرات وتخطت الحواجز الأمنية في كنيس غريبة في جربة -أقدم كنيس يهودي في العالم- انفجرت الشاحنة أمام الكنيس متسببة في مقتل 14 شخصا منهم 6 سياح ألمان و6 تونسيين وفرنسي واحد وجرح ما يزيد عن 30 شخصا.
و نفّذ الهجوم نزار نوّار البالغ من العمر 24 سنة وهو تونسي مقيم في فرنسا، بواسطة شاحنة تنقل قوارير الغاز المنزلي، ورغم التكتّم الرسمي الشديد حول الحادثة التي شدّت أنظار العالم ،قالت السلطات عندها أنها عثرت على جثّة نوّار محترقة إثر الحادث وهو ما دعّم فكرة أنه تفجير انتحاري كان يستهدف الحجيج اليهود.
وقد نسبت عندها العملية إلى تنظيم "القاعدة" بعد مباركة أيمن الظواهري للهجوم في شريط مصوّر تم بثّه بعد الحادثة، كما كشفت وزارة الداخلية وبالتنسيق مع أجهزة دولية وقتها عن اتصالات قام بها نزار نوار مع المسؤول البارز بتنظيم القاعدة خالد شيخ محمد الباكستاني الأصل والذي يعد من المتهمين الأساسيين في هجمات الحادي عشر من سبتمبر في الولايات المتحدة.. الذي اعتقل بعد ذلك وتم الزجّ به في معتقل غوانتنامو..كما اعتقل الأمن التونسي وليد نوار شقيق الانتحاري نزار نوّار..
وهذه هي المحاكمة الثالثة في إطار هذه القضية بعد الحكم على عم منفّذ العملية في تونس سنة 2006 بعشرين عاما سجنا بتهمة المشاركة في قتل نفس بشرية، ومحاكمة شخصين في إسبانيا أحدهما باكستاني سنة 2006 بتهمة تمويل عملية الهجوم.
وفي ذلك الوقت كان نزار نوار منفذ الهجوم شخصا مجهولا لم تعرف له علاقات ولم يرد اسمه في أية تحقيقات دولية أو تونسية سابقة لكن من الثابت أنّ له علاقة بخالد شيخ محمد وبالقاعدة.
وتذكر مصادر أن نوّار انقطع عن التعليم في السنة الرابعة من الدراسة الثانوية، وسافر إلى كندا وعمل في الميدان السياحي وعاد إلى تونس وتحول إلى إيطاليا وكوريا وتركيا وليبيا والأردن، واشتغل بتجارة الأقمشة وفتح مكتب تصدير في جزيرة جربة وكان يتردّد على فرنسا حيث يقيم أبواه.
الاستقطاب الالكتروني .. عملية كنيس الغريبة كانت بداية العمليات الجهادية،فالارهاب استطاع أن يخترق تونس،رغم تباهي النظام بقبضته الأمنية الحديدية..
ولمعرفة كيف كانت تنشط الخلايا الإرهابية قبل الثورة،خاصّة وان الاتصال المباشر في المساجد كان صعبا بالنظر إلى الاحتياطات الأمنية الكبرى..اتصلنا بيسري الدالي الخبير الأمني،الذي أكّد في البداية أن العمليات الإرهابية التي تلت الثورة كأحداث الروحية وبئر علي بن خليفة وبوشبكة والشعانبي،لا تعتبر عمليات غريبة أو فريدة فقبل الثورة ومنذ قضية نزار نوّار في بداية 2002 بتنا كدولة عرضة لهجمات إرهابية والدليل أن عملية الغريبة تلتها هجمات أخرى..
كتيبة عقبة ابن نافع
وحول نشاط الخلايا النائمة قبل الثورة يقول الدالي:"هناك خلايا نائمة تنشط منذ أكثر من 10 سنوات،فكتيبة عقبة بن نافع التي أعلن عنها مؤخّرا انطلق نشاطها منذ 2005 من خلال البيانات ودعوات التحريض التي كانت تنشرها على الانترنات..
كما كانت هناك منتديات وشبكات افتراضية تقوم بمهمة الاستقطاب الالكتروني كشبكة مسلم والأنصار و الإخلاص وذلك عبر 4 مراحل للتكوين أو أربعة أبواب ..
المرحلة الأولى(الباب الأوّل) تتمثّل في العمل على تكوين المشاركين في المنتدى عقائديا ودينيا من خلال بث خطب شيوخ الجهاد كعبد الله العزّام وبن لادن والأناشيد (التي تصاحبها عادة موسيقى مؤثرة) .
المرحلة الثانية (الباب الثاني) هي إعلام المشاركين بالغزوات الجهادية والعمليات التفجيرية والكمائن التي نصبت لأعداء الدين وذلك بكل فخر،مع إصدار البيانات المحرّضة على الجهاد وتبني قضايا الأمة.
"المنخرطون المميزون" !!!
وبعد مرور المشارك بهذين المرحلتين ،تأتي المراحل "الأكثر خطورة" وهي مرحلة التكوين القتالي والبدني أو الباب الثالث من خلال بث فيديوهات لمختصين في التدريب عن البعد..
والمرحلة الأخيرة، تهتم بتكوين ما يسمّى "بالمنخرطين المميزين" والذين تمّ التأكّد أنهم مشاركون جادون ومهتمون وليسوا من رجال الأمن..هؤلاء يحق لهم كتابة التعاليق على صفحات المنتدى ..و يسمّى هذا الباب ب"مرحلة الاعداد والعدة" والتي تقوم على اعداد المشاركين وتعليمهم تصنيع المتفجرات وطرق التفخيخ والتفجير بأشياء بسيطة وسهل الحصول عليها مع ضرورة تقديم المشارك لدراسة ضافية حول كيفية ضرب هدف معيّن،كما يدخل المشرفون على هذه المنتديات في حوارات خاصّة ومن هناك يتم الاستقطاب من خلال الاتصال عبر الهاتف وتوجيه المشارك الى شخص يتولّى عملية الإشراف المباشر والميداني على المشارك وتتوّج هذه المراحل بطلب التحاق المشارك بأحد مراكز التدريب التي عادة ما تكون مركز تدريب جهادي في أحد الجبال المحاذية كما حصل مع مجموعة جرجيس.."
ويختم يسري الدالي أن اليوم اشتد بأس هذه الجماعات برجوع القيادات الجهادية بعد الثورة..

عمّار 404 أحدهم
كفاءات أمنية لمكافحة الإرهاب..«خارج الخدمة» !
مرّت المؤسسة الأمنية بعد الثورة بالكثير من التقلبات والارتباك ،نتيجة العلاقة المتوترة بين المواطن الذي قمعه النظام البائد و رجل الأمن الذي اعتبر سوطا تجلد به السلطة التونسيين متى عنّ لها ذلك..
ارتباك المؤسسة الأمنية أدّى الى الاستعجال في الإصلاح وترميم البيت الداخلي ومحاولة تلميع الصورة لاستعادة ثقة المواطن بقرارات من سلطة الاشراف اتسمت بالعشوائية وبتقديم أكباش الفداء..لتجد عديد القيادات الأمنية الكفؤة نفسها محالة على التقاعد الوجوبي بموجب قرارات يرى أكثر من ملاحظ أنها كانت قرارات ارتجالية..
والقصور الأمني الذي نراه اليوم وكل هذا الاضطراب والتذبذب يعزوه يسري الدالي الخبير الأمني الى كون تغيير القيادات الميدانية والتخلّي عن بعضهم وخاصّة أؤلئك الذين لم يثبت أنهم تورّطوا في التعذيب أو القتل أو الفساد المالي والاداري ،أدّى الى ارباك الأمن خاصّة من حيث العمل الاستعلاماتي والاستخباراتي و هو عمل دقيق يتطلّب خبرة وكفاءة..لكن ما حصل هو أنه تمت شيطنة العمل الأمني والزجّ بالكفاءات في قوائم العزل المهني دون تثبّت وأنا أذكر تحديدا العقيد نجيب الضاوي أو ما يعرف بعمّار 404 فهذا كفاءة فنية وتقنية عالية كان مهتما بملفّ متابعة المجموعات الارهابية على الشبكة العنكبوتية وتم عزله بتواطؤ من رجال كمال لطيّف في الداخلية نبيل عبيد وتوفيق الديماسي بعد أن رفض تلميع صورة كمال لطيّف (وانا اتحمّل مسؤوليتي فيما أقوله)فهذا الرجل لم يسرق ولم يقم بأي عمل مخالف للقانون لكنه لم يرق لبعض القوى التي تريد أن تحكم من خلف الستار."

يسري الدالي (خبير أمني)
صد الإرهاب يقتضي إحداث وكالة للمخابرات والأمن القومي
في 2001 أنجز الخبير الأمني يسري الدالي بحثا أمنيا ميدانيا تمّ من خلاله الاستماع الى حقائق صادمة من عينة أمنية تتكوّن من 5700 عون أجمعوا على تدهور الأوضاع على الحدود.. ولكن السلطة وقتها لم تصغ إلى ما ورد في التقرير واستمرت الأوضاع في التدهور..
اليوم يعتقد الدالي أن الأمن الحدودي خسر قيادات أمنية مهمة وأن هناك ارتباكا أمنيا في التصدّي لمخاطر الإرهاب المتسلل إلينا وأنه لا بدّ من وقفة حازمة من جميع الأطراف وأن الإصلاح الهيكلي للمنظومة الأمنية أكثر من ضروري..
التهريب يساعد الإرهاب وينهك الأمن !
ويقدّم يسري الدالي حلولا عملية لإصلاح منظومة التصدّي وتجميع الجهود الأمنية للتصدّي إلى الخطر الإرهابي، ويقول في هذا الخصوص "الحل الأوّل يكمن أنه في غياب كفاءات بشرية وطنية لا بدّ من تركيز شبكة تقنية متطوّرة تعتمد التكنولوجيا الحديثة، وتهتم هذه التكنولوجيا أساسا برصد والتقاط معطيات حول التخابر عبر شبكة الإنترنات التي باتت أحد ثوابت الأعمال الإرهابية.
أما المسألة الثانية فتتمثل في إعادة هيكلة المنظومة الحدودية مع ما يتماشى ومعطيات الوضع الراهن.. فلا يعقل الدفع بأعوان مستجدين للتمركز على الحدود، فالمطلوب في هذا الظرف الدقيق أن تتمركز الخبرات والكفاءات الوطنية على الحدود وأنا أحمّل المسؤولية مباشرة إلى المدير العام للأمن الوطني.. كما ينبغي الاعتناء بمقرات الحرس الوطني الحدودية والتي تفتقد لأدنى المتطلّبات..
ولا بدّ من إرساء منظومة تحفيز للأعوان العاملين على الحدود، فالمنحة الحدودية المسندة لهم اليوم لا ترتقي إلى ما يبذلونه من جهود، وقد قمت سنة 2001 ببحث ميداني تعرّضت فيه الى عينة تقدّر ب5700 عون يعملون على الحدود تضمّ عناصر من الحرس الوطني والشرطة والديوانة، وعند تقديمي للتقرير قلت لعلي السرياطي إن هذا التقرير يضمّ حقائق خطيرة وصادمة من ذلك أن المجموعات الأمنية الميدانية لا تثق في القيادة، وأن شبكة المهربين على الحدود استقوت إلى درجة أنها أصبحت تستغل أبناء بعض رؤساء المراكز لتهريب المخدّرات أو توريطهم في الإدمان لكسر شوكة الأمن.. وهنا أريد أن أؤكّد أن المساعدات الأمنية التي وصلتنا من بعض الدول من المفروض أن توجّه حالا إلى المناطق الحدودية لا أن تتمتع بها كوادر أمنية لا تغادر مكاتبها الوثيرة..
ومن الضروري أيضا إحداث وكالة للمخابرات والأمن القومي تابعة للوزارة الأولى ولها الاستقلالية المالية والفنية..
ويضيف الدالي: "الأهم من كل ذلك أن يتم إحداث إدارة عامة للحدود، لتجميع الجهود الأمنية المشتتة، وتكون من مهام هذه الإدارة التنسيق العملياتي والاستخباراتي حتى يكون العمل الميداني أكثر نجاعة وذلك لا يتمّ إلا من خلال التركيز على إعادة شبكة المخبرين لسالف نشاطها لأن هذه الأعمال الاستباقية هي التي تحمينا من المخاطر المحدقة بنا..".

القيادات المركزية أهملته: تقرير أمني خطير يكشف مأساة أعوان الحدود
يشكّل الأمن الحدودي جزءا رئيسيا وأساسيا في منظومة الامن القومي والأمن الاستراتيجي..في 2001 تم انجاز بحث ميداني شمل 5700 عون حدودي من مختلف الأسلاك الأمنية ،وكشف هذا التقرير الأمني الذي أعده الخبير الأمني يسري الدالي حقائق صادمة ومثيرة بالنسبة للقيادات الأمنية والتي على ما يبدو أهملته وهو ما جعل المشاكل تتراكم،لتطفو بعد أكثر من 10 سنوات مشاكل الأمن الحدودي للسطح دفعة واحدة في ظرف دقيق وحسّاس ..
ومن أخطر ما ورد في هذا التقرير هو المشاكل المطروحة في الجوانب النفسية والاجتماعية والتي تتمحور أساسا في احساس الأمنيين على الحدود بفقدان القيمة ،قلة العناية النفسية بالأفراد وتشنّج المناخ النفسي والاجتماعي للعمل.
بوادر أزمة الثقة بين القاعدة والحلقات القيادية
الى جانب معاناة الأمنيين من العوز والحاجة المادية ،والأخطر هو تخوّفات الأعوان الحدوديين على أبنائهم من جرّاء كثرة استهلاك المخدّرات واستقطاب أبناء الأعوان كما يعاني الأعوان من النظرة السلبية للمواطن الحدودي لعون الأمن ،كما يعيش الأعوان ضغوطات نفسية ومهنية من جرّاء كثافة ساعات العمل التي تفوق 13 ساعة يوميا مما يسبّب إرهاقا إلى جانب تقلّص انتداب المخبرين في ظل عدم إمكانية التدخّل لفائدته..
ويذكر التقرير أنه أمكن الوقوف على روح معنوية منخفضة وبوادر أزمة الثقة بين القاعدة والحلقات القيادية،بالاضافة الى انهيار صورة القائد الأمثل..بالاضافة الى نقص التجهيزات كنقص كاشف المعادن ونقص في آلات المنظار الليلي..
ويختم التقرير باشارة خطيرة يحذّر من تكرار استقطاب الأعوان بشبكات تهريب المواد المحظورة وخاصة المخدّرات والارتشاء والسلبية .. ولا بدّ من الاشارة الى كون هذا التقرير يقترح في النهاية حلولا على القيادة المركزية التي على ما يبدو لم تعر انتباها الى هذا التقرير الخطير.

التعليمات ضرورية لنجاعة العمل الأمني!
تطالب النقابات الأمنية منذ أشهر بضرورة تضمين الأمن الجمهوري في الدستور، وتقنينه لكي تكون القوات الأمنية في خدمة الوطن والمواطن دون تقييدها بالتعليمات في أداء ما هو منوط بعهدتها من مسؤوليات جسيمة..
لكن يسري الدالي يرى أنه لا يمكن التخلّي بصفة مطلقة عن تعليمات القيادة الأمنية، لكنه يؤكّد أيضا على ضرورة الكف عن المتاجرة بالقانون المنظم لقوات الأمن الداخلي ويجب بصفة مستعجلة مراجعة هذا القانون (القانون عدد 4) والمتعلّق بالتدخّل الأمني ومراجعة التعليمات.. لكن هذا لا يعني التخلّي المطلق عن التعليمات وترك الأعوان الميدانيين يتصرفون تلقائيا، فالانضباط الأمني المؤطر بتعليمات وخطط للتدخّل الأمني يبقى مطلوبا.. لأن التدخلات الأمنية الدقيقة والمتعلّقة بسلامة الأمن القومي تفرض اتباع تعليمات القيادة الأمنية وقاعة العمليات، فأكثر الأجهزة الأمنية تطوّرا في العالم لم تتخلّ عن نظام التعليمات لكن نظام التعليمات في الدول المتقدمة تطوّر وتجاوز مرحلته "البدائية" والتي تقضي تنفيذ الأوامر والتعليمات حرفيا دون مناقشتها، واليوم هذا النظام يقوم على تشريك الأعوان في اتخاذ القرار المناسب، لا أن تكون القيادة متغطرسة ولا تصغي إلى الأعوان..". ويضيف الدالي التعليمات الصادرة عن القيادة هي التي تحدّد الخطة الأمنية الميدانية والخطط التكتيكية اللازمة لمواجهة الحدث..".

الجهاديون الجدد على خطى القاعدة: بعد استهداف الأمنيين..دور المدنيين قادم !
بعد مقتل بن لادن تم اكتشاف وثائق جمعتها قوات أمريكية في "أبوت آباد" شمال باكستان ،المكان الأخير الذي كان يسكن فيه زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن تتمثّل في رسائل البريد الإلكتروني لزعيم تنظيم القاعدة، يتساءل فيها عن إمكان تغيير اسم منظمته.. وفي القائمة الطويلة التي حررها بن لادن اسما "أنصار الشريعة" و "أنصار الدين"، وقد مثلت هذه الوثائق شواهد تؤكد الروابط بين "أنصار الشريعة" وتنظيم القاعدة.
و برزت جماعات أنصار الشريعة التي تعمل من أجل هدف واحد، إقامة دولة إسلامية في البلدان المتحررة من الدكتاتورية،في خضمّ ثورات الربيع العربي وتغيير الأنظمة السياسية.
الجهادية الجديدة
ويشكّل تنظيم أنصار الشريعة الإسلامية اتجاها جديدا في عالم الجهادية كتب عنهم الباحث الأمريكي آرون زيلين في مجلة السياسة الخارجية الأمريكية أنّها تحوّل في تنظيم القاعدة يهدف الى السيطرة على المدن الصغيرة والأحياء المهمّشة لإبعاد السلطات المحلية منها و إعلان تطبيق الشريعة، وهو ما نعيشه اليوم في تونس خاصّة بعد تغلغل هذا التيار في أحياء مهمشة كدوار هيشر وفي ولايات مسحوقة ومنسية..
وتبنّى أنصار الشريعة نفس رؤية وتوجهات القاعدة من خلال الولاء للأمير أو الزعيم واتباع فتاوى شيوخ الجهادية..
وفي السابق كان تنظيم أنصار الشريعة يؤكد باستمرار أن تونس ليست أرض جهاد، لكن كل الأحداث المتتالية تشير الى أننا تجاوزنا هذه المرحلة فلم نعد بلد عبور للأسلحة بل بلد استقرار بالاضافة الى الحوادث المتعاقبة والتي تم فيها رفع السلاح في وجه الجيش التونسي..ووصلنا حدّ زرع الألغام.
تونس..خزّان جهادي
اليوم يشهد المشهد الجهادي في تونس تغيرات وتحوّلات كبيرة خاصّة مع خروج عشرات الجهاديين الى الجبهة السورية و الى مالي في وقت سابق ..وهو مادفع بالبعض للحديث على ان تونس أصبحت خزّانا جهاديا..
وتؤكّد جميع التقارير الأمنية و الإخبارية أن تونس تحولت فعليا إلى ملاذ آمن لتنظيم القاعدة والحركات المرتبطة بها، هذه الحركات قادرة على أن تستقطب الشباب التونسي العاطل عن العمل، والذي لا يتمتع بمستوى تعليمي متقدم لكي ينخرط في عمليات إرهابية.
تطبيق الشريعة ..الهدف المعلن
الهدف المعلن الذي تتبناه السلفية الجهادية ويدافع عنه أنصار الشريعة، يكمن في"تطبيق حكم الله" والشريعة الإسلامية، دون اعتراف بالديمقراطية ..
فتحكيم الشريعة الإسلامية فريضة واجبة، بالنسبة لأنصار الشريعة مع رفض وتكفير أي نظام غير النظام الإسلامي الصلب، وتأكيد أهمية الجهاد في مواجهة القوى الدولية..
وتتفشّى اليوم في تونس موجة تكفير غير مسبوقة تُعلن من فوق المنابر خاصّة مع فقدان وزارة الشؤون الدينية لسيطرتها على عدد كبير من المنابر..
وحسب الأدبيات الجهادية ،وخاصّة بالنظر الى التجربة الجزائرية المجاورة فان مخطّط الإرهاب الذي يعتمد التكفير ثم التفجير يبدأ أوّلا باستهداف الطواغيت وهم عادة رجال الأمن والجيش.لتأتي مرحلة استهداف الأمنيين من خلال تفخيخ الاماكن العامة والمزدحمة ولهذه المرحلة حسب عدد من الخبراء غير بعيدة عنّا..لذلك لا بدّ من احياء شبكة المخبرين القديمة والحيطة الكاملة وعدم الاستهانة بالأمر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.