اعترافات تؤكد انتظار أوامر «الأمير» لتنفيذ هجمات في تونس أحداث جبل الشعانبي التي اعتبرها جزء من الرأي العام بمثابة الصدمة ،حيث مثّلت الألغام منعرجا في التعامل مع الجماعات الإرهابية المتحصّنة بالجبال خاصّة ..لكن هل كانت الحادثة الأخيرة تصعيدا غير منتظر من الجماعات الإرهابية أم هي نتيجة طبيعية في سياق تصاعدي مع المواجهة قي تنظيم "الموت". بعد عملية عين أميناس التي هزّت الرأي العام الدولي، اعترف جهادي تونسي موقوف لدى الأمن الجزائري أن تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي جهّز خطة شاملة لتنفيذ سلسلة من الهجمات الإرهابية داخل الأراضي التونسية مشابهة للهجوم الذي تم تنفيذه في عين أميناس في الجنوب الجزائري.. هذه المعلومة على خطورتها لا يبدو أنها أخذت على محمل الجدّ من طرف الجانب التونسي خاصّة في غياب إرادة سياسية واضحة لقطع دابر هذه الآفة التي بدأت في الفتك بأبنائنا من الأمنيين في انتظار أن يأتي دور المدنيين.. أبو طلحة التونسي، واسمه الحقيقي عروسي دربالي قال للمحققين الجزائريين حسب ما تناقلته مصادر اعلامية- إن عشرات التونسيين المناوئين للنظام التونسي القائم بقيادة حركة النهضة الإسلامية، يتدرّبون على الجهاد. وقال الإرهابي وهو أصيل مدينة سليانة، إن هناك تنسيقا تاما مع خلايا نائمة داخل تونس تم تجنيد أفرادها في الإعداد لتنفيذ هذه العمليات وتحديد المواقع المستهدفة، مؤكدا أن المخطط يجري العمل عليه من قبل القيادات الجهادية أو أوامر الأمير- لتنفيذه في أقرب الآجال. وفي وقت سابق كانت حذرت واشنطن حسب مصادر ديبلوماسية كانت حذّرت السلطات التونسية في أكثر من مناسبة من خطورة تنامي نشاط عناصر القاعدة في البلاد. وقال كارتر هام القائد الأعلى للقوات الأميركية في إفريقيا "أفريكوم" أثناء زيارة قادته إلى تونس في نوفمبر 2012 إن "القاعدة حاضرة في منطقة شمال إفريقيا (...) وتونس ليست بمعزل عما يحدث في مالي". كما ذكرت تقارير إعلامية غربية أن الأجهزة الأمنية الأوروبية أبلغت السلطات التونسية أن عناصر من تنظيم القاعدة تخطط للقيام بعمليات إرهابية في تونس تستهدف منشآت ومؤسسات حكومية وبعثات دبلوماسية. وشددت الأجهزة الأمنية الغربية على أن تأخذ السلطات التونسية المعلومات التي أبلغتها إياها مأخذ الجد، ملاحظة أن "تنظيم القاعدة بصدد اختبار قدرات ومؤهلات الأجهزة الأمنية والعسكرية التونسية في مواجهة عمليات القاعدة". الحرص العالمي يقابله برود سياسي "غريب" من وزير الداخلية علي لعريض القيادي في حركة النهضة حين أكّد بعد أحداث بوشبكة أن الخلية تنتمي لتنظيم القاعدة غير أنه قلل من خطورتها واعتبرها "حادثة معزولة".
العمليات الإرهابية تفرض تمديد حالة الطوارئ تخوفات من «حرب» استنزاف ضد القوات العسكرية والأمنية تعيش تونس منذ الثورة على وقع تمديد حالة الطوارئ في كل مرّة لاعتبارات أمنية أساسا. فما أن تشارف المدّة على الانتهاء حتى تطفو على السطح أحداث خطيرة تجبر فعلا على التمديد في هذا الإجراء الأمني. و حالة الطوارئ تعرّف بكونها مرحلة من عدم الاستقرار الأمني حيث يمكن لقانون الطوارئ أن يبيح لأي ضابط شرطة أو عسكري توقيف المواطن العادي والاشتباه فيه والتحقيق معه . كذلك من أهم أسباب إعلان حالة الطوارئ هي حالة الحرب أو الحالة التي يمكن أن تهدّد بوقوع الحرب أو تعرض الأمن العام أو النظام العام في البلاد وهو ما يستوجب استنفارا امنيا وعسكريا و حظرا للتجول الذي وقع عدة مرات أو في منع التظاهر و حظر الجولان .. لكن رغم أهمية حالة الطوارئ ومساهمتها في استتباب الأمن الاّ أن الكثير من الملاحظين أبدوا خشية وتخوفات من كون استمرار حالة الطوارئ لأكثر من سنتين قد يساهم في انهاك القوات الامنية وخاصّة القوات العسكرية،ناهيك وان وزير الدفاع السابق طالب وبالحاح بضرورة أن ترفع حالة الطوارئ ويلتحق الجيش بثكناته خاصّة وان قوات الجيش ومنذ الثورة تدعم وبصورة يومية المجهود الامني في المدن والاحياء وحراسة المنشآت العامة والخاصّة وهذا لا يعتبر من اختصاصاتها لكن الهشاشة الأمنية والانفلات الذي شهدته البلاد أناط بعهدة الجيش هذه المهام حتى أن قواتها ساهمت أحيانا حتى في فك الاضرابات والاعتصامات.. هذه المجهودات المتواصلة منذ الثورة مع محدودية عدد القوات العسكرية وعدم تعوّدها على حالة الطوارئ ونقص التجهيزات قد يفضي الى حالة من الارهاق والإجهاد النفسي والبدني الذي قد يؤثّر على مردوديته وادائه في هذا الظرف الدقيق والحسّاس.
التزامن بين الأحداث الإرهابية والأحداث السياسية الساخنة صدفة أم «ميعاد»؟ حادثة الشعانبي لم تكن الأولى في سلسلة الأحداث الإرهابية، بل سبقتها أحداث الروحية في ماي 2011 وأحداث بئر علي بن خليفة في فيفري 2012 وأحداث بوشبكة التي تمّت في ديسمبر الماضي. المثير للانتباه في هذه الأحداث الإرهابية أنّها تزامنت، بشكل يدعو للحيرة، مع أحداث سياسية شغلت الرأي العام على أكثر من صعيد، وهو ما حمل عددا من الملاحظين على التساؤل عن هذا التزامن المريب والدفع بنظرية الفوضى لتشتيت انتباه الرأي العام. وفي هذا السياق، نأمل بدورنا أن يكون هذا التزامن من محض الصدفة لا غير، وهي صدفة غريبة إذا ما وضعنا الأحداث والجدل السياسي .