اعتبر الأستاذ محمد القوماني المحلل السياسي ورئيس حزب الاصلاح والتنمية ان محاولات توحيد عدد من الاحزاب وتكوين الجبهات مسألة طبيعية بعد انتخابات المجلس الوطني التأسيسي التي كانت محطة تعرفت فيها الاطراف السياسية على بعضها وعلى قدراتها وأكدت الحاجة الى احزاب قوية. ومن جهة اخرى اعتبر القوماني ان الاحزاب التي لم تلتحق بأحد التكتلات ستجد نفسها قريبا مضطرة الى التموقع صلب احدى الجبهات أو التكتلات الموجودة أو انها ستجد طريقها الى تأسيس جبهات اخرى تختلف عن الموجود، مشيرا الى ان الدساترة بمن فيهم نداء تونس سيواجهون مشاكل بسبب وجود مسؤولين تجمعيين معهم. كيف تقرؤون محاولات تكوين الجبهات السياسية وتوحيد الأحزاب الصغيرة؟
أعتبر ان تحول عدد كبير من الأحزاب الى كتل سياسية اما في صورة احزاب مندمجة او جبهات يعد أمرا ايجابيا في هذه المرحلة لأن ظاهرة تكوين الأحزاب بعد الثورة تعد ظاهرة طبيعية ورد فعل على حالة المنع السابقة وتكونت الاحزاب في وضع كانت فيه الاطراف المختلفة لا تعرف بعضها جيدا ولم تكتشف صعوبات العمل الحزبي لكن تجربة انتخابات 23 اكتوبر وحكم الترويكا بين الحاجة الى احزاب قوية او كتل سياسية فاعلة حتى تقدر على التأثير في المشهد السياسي وتكون لها حظوظ في الاستحقاقات الانتخابية ولا تكون مجرد تعددية شكلية.
وعلى هذا الاساس نقدر ان محاولات الاندماج التي حصلت خلال الفترة الأخيرة او تشكيل جبهات سياسية على غرار الجبهة الشعبية يعد امرا ايجابيا لصالح الديمقراطية من أجل خلق التوازن وربما الوضع الذي تحظى به حركة نداء تونس من هذه الوجهة يعتبر امرا ايجابيا لانه يساهم في هذا التوازن.
ما هو مصير الاحزاب التي لن تدخل في تلك الجبهات والتكتلات؟
بالنسبة لحزبنا الاصلاح والتنمية فإننا كنا من اول الداعين الى اعادة تشكيل المشهد الحزبي بعد الانتخابات ونحن لا نرى انفسنا في عمليات الاندماج او الجبهات الحاصلة حتى الآن لأننا لا نشاركها المنطلقات والتوجهات العامة ونحن الآن نوشك ان نعلن مع اطراف سياسية اخرى متكونة من مجموعات وشخصيات سياسية تكوين حزب جديد نريده ان يكون وازنا وفاعلا له كتلة نيابية وله وجود حزبي في مختلف الولايات بوجوه ذات مصداقية وله قيادة سياسية مناضلة وكفأة وهذا الحزب الذي انهينا الاتفاق على ارضيته سيكون حزبا منحازا الى الثورة وملتزما بأهدافها وله توجه ديمقراطي اجتماعي ويستند الى الثقافة العربية الاسلامية والى قيم الحداثة والتقدم.
هذا الحزب نريد ان يعطي للتونسيين والتونسيات آمالا واختيارات خارج الاستقطابات المعلنة الى حد الآن واعتقد ان الاحزاب والشخصيات الأخرى التي ما زالت خارج هذه التشكيلات ستكون اما مجبرة على الانضمام الى احدها بحسب التقارب في التوجهات او سيكون محكوما عليها بالهامشية ما لم تظهر افكار اخرى قوية تحتاج الى تشكيلات حزبية اخرى خارج الموجود ونعتقد ان التشكيلات الحالية ايضا ستلتقي في تحالفات انتخابية خلال الاشهر القادمة بعد ان تتوضح الروزنامة الوطنية.
هل تعتقد ان تحالف الترويكا سيتواصل في الانتخابات القادمة؟
بالنسبة للترويكا ارى انها تجربة جيدة كفكرة للحكم لكن تبين ان هذا التحالف بني على هشاشة كبيرة لأنه بني على اتفاق قيادات وليس على تحالف حقيقي بين أحزاب كما انه لم يبن على برنامج واضح وانما على محاصصة في الحكم كما ان تجربته في الحكم عرفت تعثرا وصعوبات لم تحسن الترويكا تقديرها وهذا ما خلق التصدعات داخل المؤتمر والتكتل واضعف القاعدة الانتخابية للتحالف في تقديري ان هذا التحالف سيستمر لان مصالح كثيرة صارت تربط هذه الأطراف ببعضها وربما يتوسع في افق الانتخابات القادمة الى أطراف أخرى.
هل يمكن ان نشهد تحالفا بين نداء تونس والحزب الجمهوري وحزب المسار؟
اعتقد ان نداء تونس الى حد الآن رقم مهم في الخارطة ووجوده مفيد لعملية التوازن السياسي رغم اختلافي الجوهري مع هذا التجمع حول شخصية الباجي قائد السبسي وليس حول ارضية مشتركة او أهداف وانا اشك بانه سيتم تحالف انتخابي بين نداء تونس وبين الجمهوري والمسار والأقرب ان نداء تونس سيجد صعوبات في تحالفه مع أطراف اخرى بسبب شبهة بصمات النظام القديم في هذا التجمع الجديد ولأن نداء تونس لا يصنف ضمن الأحزاب المنحازة الى الثورة واهدافها رغم اهمية بعض الشخصيات الموجودة فيه.
وكيف تنظرون الى مستقبل الكتلة الدستورية؟
بالنسبة للأحزاب ذات الاصول الدستورية او التجمعية وخاصة التي على راسها شخصيات تحملت مسؤوليات في النظام السابق اراها مازالت تبحث عن نفسها ضمن المشهد الجديد ولم يستقر لها حال ومنذ تأسيسها الى الآن عرف اغلبها عمليات اندماج وانفصال وترحال من تجربة الى أخرى ومصيرها ايضا مرتبط بما سيستقر عليه الموقف الأغلبي في المجلس التأسيسي وخارجه حول ما يسمى قانون تحصين الثورة او منع مسؤولي التجمع السابقين من ممارسة السياسة لفترة معينة.