تواصل النقاش حول مشروع القانون الأساسي للعدالة الإنتقالية صباح أمس بالمجلس الوطني التأسيسي في جلسة مشتركة بين لجنتي التشريع العام والحقوق والحريات والعلاقات الخارجية لتختتم الأشغال في الفترة الصباحية بمناقشة الفصل العاشر من الباب الرابع في "جبر الضرر ورد الإعتبار" والذي ورد بدوره بالعنوان الأول "في أسس العدالة الإنتقالية". التباين في الآراء والاختلاف في المفاهيم بدا واضحا لدى النواب الحاضرين في أشغال اللجنة ولكن كان في ذات الوقت مثريا للنقاش ذلك أن الهدف من هذا الجدل والاختلاف أن يتنتهي عند التحديد الدقيق للمصطلحات والمفاهيم الواردة بمشروع القانون طبقا للمنظور الحقوقي والقانوني المتعامل به دوليا. تحديد المفاهيم وصياغة المصطلحات والتدقيق فيها سيترتب عنه كيفية اشتغال الهيئة المزمع إحداثها تحت تسمية "هيئة الحقيقة والكرامة" الواردة بالباب الثاني من مشروع القانون الأساسي، وأيضا سيترتب عنه استرجاع الحقوق والمحاسبة وجبر الضرر ورد الاعتبار، وبالتالي فإن الباب الأول يعتبر من ضمن أهم الأبواب ذلك أن أغلب فصوله تحدثت عن المفاهيم مثل مفهوم العدالة الانتقالية، والانتهاك والضحية والجرائم. وتجدر الإشارة إلى أن أشغال اللجنة المشتركة انطلقت بمناقشة الفصل الثامن المتعلق بنوعية الجرائم حيث ورد في نصه" تنظر المحاكم كل حسب اختصاصها بواسطة قضاة يقع اختيارهم وتكوينهم للغرض في القضايا المتعلقة بالانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان على معنى الاتفاقيات الدولية المصادق عليها" وهي"القتل العمد، الاغتصاب أو أي شكل من أشكال العنف الجنسي، التعذيب، الاختفاء القسري، الإعدام، دون توفر ضمانات المحاكمات العادلة". جوبهت هذه الصياغة الى جانب صياغة الفصل التاسع بقراءات مختلفة من قبل النواب، فأثير جدل أولي حول عدد الجرائم ونوعيتها ترتب عنه عدم الحسم فيه ليقع إرجاء النظر حتى يتقرر إما الإبقاء على المطات أم إلغاؤها والإبقاء على مصطلح الجرائم في المطلق دون ضبطها. الجدل الثاني الذي أثير حول هذا الفصل تعلق بمسألة تحديد معايير اختيار القضاة مع ضرورة التنصيص على الجهة التي ستشرف على هذه العملية، إلى جانب الاتجاه نحو إحداث دوائر مختصة داخل المحاكم تضمن تفرغ القضاة من أجل التسريع في هذا المسار. يبقى هذا النقاش دائماً في إطار القراءة الأولية، فصلا فصلا، لمشروع القانون الاساسي للعدالة الانتقالية حتى يكون لدى النواب فكرة شاملة ومتكاملة حول محتواه في انتظار الاستماع إلى عدد من الخبراء وأعضاء اللجنة الفنية للإشراف على الحوار الوطني حول العدالة الانتقالية.