مثلما يحصل يوميا من جراء قصف وحدات الجيش الوطني للمغارات والكهوف الموجودة بمرتفعات الشعانبي في اطار العمليات الجارية هناك للبحث عن المجموعة الارهابية المتحصنة فيها اندلع ليلة الاربعاء حريق ولكن هذه المرة كان هائلا وذلك بجبل "التلة" في الجهة المطلة على مدينة فوسانة والحدود الجزائرية في مساحة غير بعيدة عن اعلى قمة بالجمهورية التونسية ومحطة الارسال الاذاعي والتلفزي اثر اصابة قذائف هاون بعض الاحراش الجافة المحاذية لما يعرف ب"الكهوف الحمراء" ولئن كان الحريق في اوله محدودا كسابقيه فان الرياح القوية التي هبت على جهة القصرين كامل يوم وليل الاربعاء ادت الى اتساع مساحته لتشمل في وقت وجيز عشرات الهكتارات وحسب مصادر من ادارة الغابات فانه الاكبر في الشعانبي منذ سنوات وخلف خسائر كبيرة حيث ادى الى اتلاف حوالي 200 هك من غابات الصنوبر الحلبي والغطاء النباتي المتنوع ومآوى الحيوانات والطيور التي تعيش فيها صعوبة السيطرة على النيران بسبب قوة الرياح ومحدودية الامكانيات المتوفرة لادارة الغابات وصعوبة التضاريس التي منعت شاحنات الحماية المدنية من الوصول الى مكانه لم يتم الى حد مساء امس اطفاؤه خاصة وانه شمل مساحات متباعدة وفي هذا الاطار تحدثت "الصباح" الى المدير الجهوي للحماية المدنية بالقصرين الرائد فتحي التواتي الذي قال لنا: "لقد تدخلنا وساهمنا في اخماد النيران لكن وعورة المنطقة التي اندلعت فيها والقريبة من اعلى قمة منعت الشاحنات من بلوغ كل اماكن الحريق وفرضت علينا الاعتماد على الوسائل اليدوية.. وكان في الحسبان الاستعانة منذ يوم الخميس بطائرة للجيش الوطني في عمليات الاطفاء الا ان الطقس المتميز بالرياح لم يسمح باستعمالها لما في ذلك من خطر" هذا ولئن لا يمكن مشاهدة اثار الحريق من مدينة القصرين فان عددا من مستعملي طريق فوسانة اكدوا لنا انهم عاينوا النيران بكامل الوضوح من قرى "البريكة" و"الزداورية" و"اولاد نصر الله" والدخان المتصاعد منها اتساع مساحة الحريق وحيوانات المحمية مهددة في آخر تطورات الحريق اتصلت "الصباح" مساء امس الجمعة بمدير دائرة الغابات بالقصرين عمر المباركي الذي كان عائدا لتوه من الشعانبي فقال لنا: "للاسف فان الرياح القوية ادت الى اتساع نطاق الحريق واتت النيران امس على 10 هكتارات اضافية لترتفع الخسائر الى 210 هك وهي مرشحة للارتفاع واصبحت ألسنة اللهب على بعد 1 كلم فقط من المحمية التي توجد فيها قطعان غزال الجبل والاروية المغاربية التي اضحت مهددة بدورها وفرت الى مناطق اخرى من المحمية التي تمسح حوالي 7000 هك وتمثلت الخسائر في احتراق مساحات كبيرة من النباتات النادرة فضلا عن الاف اشجار الصنوبر الحلبي" وما لم يشا السيد المباركي التصريح به الا اننا استنتجناه من كلامه ومن بعض المصادر الاخرى ان كارثة بيئية كبيرة حلت بالشعانبي وان اعدادا من الحيوانات الصغيرة والحشرات والزواحف احترقت لان السلط المعنية لم توفر الامكانيات اللازمة للسيطرة على الحريق حيث لا توجد بالجبل حاليا غير شاحنتي اطفاء تابعتين لادارة الغابات ومعهما 15 عاملا يصارعون السنة اللهب في اماكن وعرة وقد اضطروا الى فتح مسالك بالجرافات لبلوغ المناطق المرتفعة فيما لم يتدخل الجيش بالطائرات المتخصصة في عمليات الاطفاء الجوي الى حد مساء الامس.. والاخطر من ذلك ان الحريق تحول بفعل الرياح الى حرائق منفصلة تبعد بعضها 10 كلم وقريبا ستبلغ محطة الارسال الاذاعي والتلفزي قرب احدى قمم الشعانبي العثور على قذيفة ضد الدبابات من الحرب العالمية الثانية صباح اول امس الخميس وبينما كان عناصر من فرقة الابحاث والتفتيشات الديوانية بالقصرين تقوم بحصص تدريبية في الرماية بالسفح الشمالي لجبل الشعانبي غير بعيد عن قرية "بولعابة" والطريق الوطنية عدد 13 المؤدية الى الحدود الجزائرية عثر اعوانها على جسم كبير ظنوا في الاول انه لغم فقاموا باعلام الجيش والحرس الوطنيين بامره فقدموا وطوقوا المكان ثم تولت وحدة عسكرية متخصصة في تفكيك الالغام والمتفجرات معاينته واخراجه من الارض فتبين انه قذيفة ضد الدبابات تعود الى الحرب العالمية الثانية ما تزال غير مستعملة تولت اخذها الى مكان بعيد عن القرية و تفجيرها.. وهي القذيفة الثانية التي تم العثور عليها في نفس المنطقة منذ بداية عمليات تمشيط جبل الشعانبي.. علما بان المكان المذكور كان مسرحا لاحدى اكبر معارك الدبابات في مسرح شمال افريقيا بين قوات الحلفاء و الجيش الالماني في شتاء 1943 تواصل التمشيط رغم الحريق الكبير بالجبل فان عمليات التمشيط تواصلت في بقية ارجاء الجبل باستعمال القصف الموجه والتقدم على الارجل وبالمدرعات والكلاب المدربة وبلغت مناطق جديدة لتامينها واقتحام مغاورها وكهوفها ثم اغلاقها حتى لا يتم استغلالها من جديد.. وفي ظل التكتم الكبير حول ما يجري داخل المنطقة العسكرية المغلقة فان مصادر خاصة موجودة على عين المكان اكدت لنا انه لم يحصل اي جديد يذكر ولم يقع العثور على اي احد من الارهابيين وان المساحات المتبقية التي لم يشملها التمشيط وهي الاكثر وعورة من حيث التضاريس وكثافة الغابات قد تكون الملجا الاخير للعناصر الارهابية وان الايقاع بهم اصبح مسالة وقت لا غير