1500 شاحنة تهريب بنزين تعبر يوميا الحدود مع الجزائر تهريب 400 ألف بيضة ورصد ل 80 عربة محملة بالأغنام يوميا «القضاء النهائي على التهريب سيتسبّب في فقدان آلاف التونسيّين لمواطن الشغل..» هذا ما كان صرّح به وزير الحوكمة ومقاومة الفساد عبد الرحمان الأدغم مؤخرا... وهو تصريح يلخّص في كلمات ما تعانيه البلاد من آفة التهريب وهي آفة تنهش جسم الاقتصاد الوطني ونزيف متواصل يضرب كل جهود التنمية.. فرغم سعي الحكومة وجميع الجهات المعنية، إلى الحدّ من هذه الظاهرة التي ربما تعتبر الأخطر على الاقتصاد التونسي، إلا أن الأرقام والمؤشرات تؤكد تنامي التهريب وتأثيره السلبي على الحركة الاقتصادية وتسببه في تخفيض حجم العائدات القمرقية لخزينة البلاد والتي تساهم بقرابة الثلث في موارد الدولة في الحالات الطبيعية. كما أثرت هذه الظاهرة على الأسعارالتي شهدت صعودا جنونيا في الأشهرالأخيرة والسبب هو ندرة المواد الأساسية التي اتخذت مسالك غيرقانونية في اتجاه ليبيا والجزائرحيث تباع بأثمان مرتفعة تعود بالربح الوفيرعلى المهربين، وهو ما دفع بالدولة إلى الترفيع في الأسعار لمجابهة النقص في السلع والمواد الأساسية.. والنتيجة اكتواء المواطن بنارالأسعار، والتجاؤه إلى استهلاك المواد المهرّبة التي أصبحت الملاذ الآمن للرفق بقدرته الشرائية.. مما يعني توسّع دائرة التهريب لتمسّ جميع مكوّنات المجتمع. . وتشير بعض الأرقام إلى تطور قيمة المحجوزات من التهريب من 51 مليون دينار سنة 2011 إلى 168 مليون دينارسنة 2012 كما حجزت المصالح الديوانية والأمنية خلال شهري جانفي وفيفري 2013 سلعا بلغت قيمتها 23.5 مليون دينار منها 17 مليون دينار فقط خلال شهر فيفري الفارط.. وهي مؤشرات خطيرة وفوق العادة خاصة أن الميزان التجاري شهد تحسنا خلال الربع الأول من العام الحالي بما يعادل 1.8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي مقابل 2.3 في المائة خلال نفس الفترة من العام الماضي. المحروقات في الصدارة وتحتل المحروقات رأس قائمة السلع المهربة من الجزائر وليبيا حيث عرف سوق المحروقات الموازية ازدهارا ملحوظا بعد الثورة.. وقد حجزت المصالح الديوانية خلال ال3 أشهرالأولى من السنة الحالية 2.7 مليون لترمن المحروقات وصلت قيمتها إلى 4 مليون دينار. وحسب جريدة "الخبر" الجزائرية فان ما لا يقل عن 1.500 شاحنة تهريب بنزين تعبر يوميا نحو الحدود التونسية عبر طريق "لاروكاد" باقليم بلدية أم علي . كما ان اكثر من ألف شاحنة تعبر يوميا الحدود من جهة "تبسة" دون ان تكون محملة باي بضاعة لكن واقع عليها تحويرات فنية تمكنها من حمولة بنزين مضاعفة 3 مرات يتم إفراغها في الجهة الأخرى من الحدود. وقد شهد قطاع التهريب تطورا كبيرا ونقلة نوعية من حيث طريقة العمل، حيث توسّعت مجالاته ليشمل المواد الفلاحية والكهربائية والغذائية والمشروبات الكحولية والسجائر وصولا إلى الأسلحة.. وهوما يشكل خطرا حقيقيا على الأمن الاقتصادي والاجتماعي الذي مازال هشا. كما اتخذ التهريب أشكالا جديدة على غرار المقايضة من دون الحصول على أموال بشكل أن المهرّبين يتبادلون البضائع والمنتجات وفق ما تحتاجه الدول وهو ضرركبير للاقتصاد الوطني باعتبارأن العمليات تتمّ من دون المرور بالمسالك القانونية للتصدير. ويبقى الخطر الأكبر هو تهريب المواد المدعّمة التي تتكلف آلاف الملايين على المجموعة الوطنية.. فحسب مصادر رسمية يتم يوميا تهريب بين 400 و500 ألف بيضة مما يصعّب مجهودات الاستعدادات لشهر رمضان كما يتمّ رصد يوميا قرابة 80 سيارة تحمل الأبقارمتجهة إلى ليبيا وهوما يتسبب في ارتفاع كبير في اسعار اللحوم الحمراء. وكانت رئيسة منظمة الأعراف وداد بوشماوي أشارت سابقا إلى ضرورة القضاء على ظاهرة التهريب كخطوة أولى على درب بناء اقتصاد وطني متماسك ومتين.. وهو ما أكده رئيس الجمهورية المنصف المرزوقي الذي اعتبر التهريب آفة تنخر الاقتصاد يجب العمل على القضاء عليها خاصة أنها امتدت لتؤثر سلبا على صندوق الدّعم الذي يمثل حلقة هامة في الدورة الاقتصادية. ضعف الدولة.. شجع على التهريب ظاهرة التهريب ازدادت حدة في تونس بعد الثورة ، وذلك نتيجة الانفلات الأمني خاصة على الحدود حيث تزدهر المبادلات التجارية الموزاية لتخرج الأمور على السيطرة حيث صارت المواد الأساسية والمحروقات تباع على قارعة الطريق على مرأى السلطات التي لم تحرك ساكنا.. وقد أكد رئيس الحكومة علي العريض خلال الأسبوع الفارط في ندوة صحفية حول مشاكل الديوانة أن شبكات التهريب استغلت الفراغ الأمني وضعف مؤسسات الدولة لتوسع نشاطها من جهته صرح وزير الحوكمة ومقاومة الفساد عبد الرحمان الأدغم أن مافيا التهريب تستنزف بين 20 و30 بالمائة من الناتج الوطني الخام.. وتنامي هذه العصابات يعود بالأساس إلى تراجع دور الدولة في الحد من الظاهرة نتيجة الظروف الأمنية التي مرت بها البلاد بعد الثورة. واعتبرالأدغم أن القضاء النهائي على التهريب سيتسبّب في فقدان آلاف التونسيين لمواطن الشغل.. وهو ما يتطلب حكمة في معالجة هذه المسألة الشائكة. كما أن هناك صعوبات وعراقيل تعترض أعوان الديوانة والحرس الوطني خاصة من ناحية النقص في المعدات والتجهيزات الخاصة وعدم توفر العدد الكافي من الأعوان للقيام بالدوريات اللازمة لتغطية المناطق الترابية المعنية بالتهريب.. وهوما يجعل مسألة السيطرة على التهريب والمهربين أمرا مستعصيا في الوقت الراهن جهود.. ولكن رغم الجهود المبذولة من الحكومة لإيقاف هذا النزيف القاتل، إلا أن الأخبار الواردة يوميا تؤكد تصاعد وتيرة عمليات التهريب.. وتؤكد عدم قدرة السلطات على الحدّ من هذه الظاهرة.. وكانت اللجنة الوطنية للتحكم في الأسعار قد أصدرت عدّة توصيات وقرارات خلال سنة 2012 وفي بداية سنة 2013 للحدّ من ظاهرة التهريب؛ وقد تناولت بالخصوص تدعيم وتفعيل الجانب التشريعي والترتيبي لمقاومة هذه الظاهرة كالتعجيل بإصدارالنصوص الترتيبيّة المنصوص عليها بمجلة الديوانة والتي لم تصدر بعد، بالإضافة إلى تدعيم العمل الميداني من خلال تكثيف الرقابة الحدودية وتكثيف المراقبة على الطرقات والترفيع من دوريّات المراقبة المشتركة مع العمل على تغطية كامل الفضاء الحدودي. ومن ضمن هذه القرارات التصرّف في المحجوزات و تفعيل الاتفاقيات في مجال التصرّف في المحجوزات بين المتدخلين العموميّين، إلى جانب تحسين ظروف ووسائل العمل وتحسين ظروف عمل الأعوان بتوفيرالوسائل اللوجستية اللازمة من وسائل نقل واتصال وجميع معدات العمل الضرورية.