يشارك الشعب الإيراني اليوم في الانتخابات الرئاسية الثامنة بعد ثورة فيفري 1979 التي أطاحت بنظام الشاه.. وهي انتخابات ستتزامن مع الاقتراع العام على أعضاء المجالس البلدية.. لكن المواقف من هذه الانتخابات متباينة جدا عالميا وداخل ايران التي يمر اقتصادها بأوضاع صعبة جدا بسبب تشديد الحصار الدولي عليها وتلويح اسرائيل وواشنطن بتوجيه ضربة عسكرية ضدها "لإجبارها على وقف مشروعها النووي".. فهل تأتي هذه الانتخابات سياسيا بالجديد داخليا وإقليميا ودوليا؟ وما هي انعكاساتها المرتقبة على علاقات الدول العظمى بها وبمنطقة الخليج وحلفاء طهران في العراق وسوريا ولبنان وفلسطين؟ في الوقت الذي تنوه فيه الأوساط الرسمية الإيرانية بالصبغة الديمقراطية للنظام الإيراني الذي شهد منذ ثورته 34 عملية انتخابية عامة بينها 8 انتخابات رئاسية، يشكك معارضوه الإيرانيون والأجانب في هذا التقييم ويستدلون بعدة عناصر من بينها "السلطات الواسعة" التي تتمتع بها مؤسسة "مرشد الثورة" ومصالحها الإدارية المركزية والقوات الخاصة التابعة إليها.. إقصاء مرشحين إصلاحيين ووسطيين ولعل من اخطر ما يؤكد عليه منتقدو النظام السياسي المعتمد في إيران والانتخابات الحالية أمران: * إنه نظام يقوم على أكثر من رأس: مؤسسة المرشد، التي تقود مؤسسة الحرس الثوري القوية والعملاقة وتشرف على السياسة الخارجية والعسكرية، ومؤسسة رئاسة الجمهورية التي تشرف على السياسة الاقتصادية والشؤون الداخلية وبعض ملفات السياسة الخارجية، ومؤسسات "موازية" مثل مؤسسة تشخيص مصلحة الدستور التي يشرف عليها الرئيس الأسبق الهاشمي رفسنجاني، ومؤسسات منتخبة لها نفوذ يكبر ويتراجع حسب الفترات مثل البرلمان والمجالس الجهوية والبلدية.. * إن الانتخابات الرئاسية الحالية التي ترشح لها مئات الشخصيات "أقصت مرشحين إصلاحيين بارزين" ومرشح التيار الوسطي الاصلاحي الهاشمي رفسنجاني.. وزاد الأمر تعقيدا انسحاب المرشح الاصلاحي محمد رضا عارف، أي أن الإصلاحيين أصبح لهم مرشح واحد من بين المرشحين الثمانية هو حسن روحاني.. وهو مجدد إسلامي من نوع الرئيس السابق محمد خاتمي.. تيار "المبدئيين" لكن أصحاب وجهة النظر الرسمية يقللون من انتقادات الإصلاحيين والوسطيين.. ويعتبرون أن "الشروط" لم تتوفر في المرشحين الذين لم تقرهم لجنة البت في الانتخابات (هيئة تشخيص مصلحة النظام).. والتي هي بمثابة "أعلى هيئة للتحكيم السياسي" في البلاد.. ويرفض أنصار مرشد الثورة وصف منافسي "التيار الإصلاحي" ب"المحافظين".. ويصفونهم ب"المبدئيين".. أي الأكثر تمسكا بالمبادئ..؟! وفي كل الحالات، يعتبر هؤلاء أن التوافق كبير بين مختلف الفرقاء السياسيين حول وجود "مرجعية عليا" للنظام الإيراني أي مؤسسة "مرشد الثورة"، وإن اختلفوا حول درجة توسيع صلاحياتها ونفوذ القوى التابعة إليها مثل المصالح الأمنية الخاصة التابعة لمؤسسة "حراس الثورة".. اتهامات خطيرة.. ولكن... إلا أن الملفت للانتباه أن الانتقادات أصبحت تصدر عن رموز النظام خلال العقود الثلاثة الماضية مثل الرئيس الأسبق الهاشمي رفسنجاني والرئيس السابق محمد خاتمي ورئيس البرلمان السابق خروبي والرئيس الأول لإيران بعد الثورة ابو الحسن بني صدر.. وقد بلغت انتقادات رفسنجاني وبني صدر ورموز سياسية رسمية ومعارضة أقصاها من حيث حدّتها.. لا سيما بسبب منع الهاشمي رفسنجاني من الترشح مجددا للمنصب الذي سبق أن تولاه ما بين 1989 و1997.. لكن هذه الانتقادات على أهميتها تبقى "ثانوية".. رغم انخراط الرئيس الحالي محمود أحمدي نجاد في جانب منها بسبب حرمان أحد أقربائه من الترشح.. هذه الانتقادات ثانوية جدا لأن أغلب من صدرت عنهم سيتابعون تحمل مسؤوليات في "النظام".. أي في مؤسسات استراتيجية تابعة للدولة ومقربة من مؤسسة "مرشد الثورة".. مثل هيئتي تشخيص مصلحة النظام والدستور وهيئتي السياسة الخارجية والعسكرية الموازية.. معارضة في الخارج في الأثناء، قد تتابع بعض العواصم الغربية رهانها على دعم قيادات المعارضة في المهجر وخاصة في أمريكا وبريطانيا وفرنسا حيث أنشئت قنوات حكومية بالفارسية تابعة لقناتي "بي بي سي" و"الحرة".. ومهمة مثل هذه القنوات تنظيم حملات إعلامية دائمة ضد نظام طهران وضد مشروعه النووي .. ولاشك ان الحملات الاعلامية وتلك التي تقودها هيئات حقوقية غربية وإيرانية مستقلة ضد النظام الإيراني تحقق بعض أهدافها.. ومن بينها إضعاف نسب المشاركة في الانتخابات.. لكن التجربة أثبتت بالنسبة لبعض البلدان مثل إيران وتركيا واليابان أن نسبة "التعصب للوطن" تزداد عند أي تدخل أجنبي.. عقوبات اقتصادية كما اثبتت التجارب في مثل هذه البلدان ان مفعول العقوبات الاقتصادية عكسي تماما وأن حصيلة سنوات من تشديد العقوبات والتلويح بالحرب إضعاف الاصلاحيين ودعم التيار"المحافظ "، الذي يبرز بالنسبة للرأي العام وصناع القرار "أكثر وفاء للوطن وأشدّ إخلاصا للشعب ومصالحه".. وقد ارتفعت المعاناة الاقتصادية والاجتماعية بشكل كبير جدا بسبب الحصار الاقتصادي الشامل المفروض على إيران وعلى كل الشركات التي تتعامل معها.. ويمكن ان تؤثر تلك المعاناة في نسب المشاركة في الاقتراع العام لكن يصعب أن تؤدي إلى ثورة أو إلى تصويت بكثافة للاصلاحيين والوسطييين.. سعيد جليلي وروحاني في هذا السياق العام، يبدو المرشح المحافظ سعيد جليلي الأوفر حظا للفوز.. إلى جانب فوز المرشح الاصلاحي روحاني بمرتبة متقدمة.. قد تتحسن، بعد أن أصبح المرشح الوحيد لتياره.. لكنها قد تضعف لأن قطاعا من الشباب والاصلاحيين قد يمتنعون عن التصويت.. وفي كل الحالات، فإن الورقة الأولى والرئيسية التي يمكن أن تبرر حصول تغيير جدي بعد الانتخابات هي "تعديل" السياسة الخارجية الايرانية من عدد من الملفات.. على رأسها المشروع النووي والترحيب بمبدإ الحوار مع واشنطن وتل أبيب حول قضايا أمنية وسياسية واقتصادية ملحة.. كمال بن يونس =MsoPla�Px x?�@�tyle='text-align:justify;direction:rtl; unicode-bidi:embed'تيار "المبدئيين"
لكن أصحاب وجهة النظر الرسمية يقللون من انتقادات الإصلاحيين والوسطيين.. ويعتبرون أن "الشروط" لم تتوفر في المرشحين الذين لم تقرهم لجنة البت في الانتخابات (هيئة تشخيص مصلحة النظام).. والتي هي بمثابة "أعلى هيئة للتحكيم السياسي" في البلاد.. ويرفض أنصار مرشد الثورة وصف منافسي "التيار الإصلاحي" ب"المحافظين".. ويصفونهم ب"المبدئيين".. أي الأكثر تمسكا بالمبادئ..؟! وفي كل الحالات، يعتبر هؤلاء أن التوافق كبير بين مختلف الفرقاء السياسيين حول وجود "مرجعية عليا" للنظام الإيراني أي مؤسسة "مرشد الثورة"، وإن اختلفوا حول درجة توسيع صلاحياتها ونفوذ القوى التابعة إليها مثل المصالح الأمنية الخاصة التابعة لمؤسسة "حراس الثورة".. اتهامات خطيرة.. ولكن... إلا أن الملفت للانتباه أن الانتقادات أصبحت تصدر عن رموز النظام خلال العقود الثلاثة الماضية مثل الرئيس الأسبق الهاشمي رفسنجاني والرئيس السابق محمد خاتمي ورئيس البرلمان السابق خروبي والرئيس الأول لإيران بعد الثورة ابو الحسن بني صدر.. وقد بلغت انتقادات رفسنجاني وبني صدر ورموز سياسية رسمية ومعارضة أقصاها من حيث حدّتها.. لا سيما بسبب منع الهاشمي رفسنجاني من الترشح مجددا للمنصب الذي سبق أن تولاه ما بين 1989 و1997.. لكن هذه الانتقادات على أهميتها تبقى "ثانوية".. رغم انخراط الرئيس الحالي محمود أحمدي نجاد في جانب منها بسبب حرمان أحد أقربائه من الترشح.. هذه الانتقادات ثانوية جدا لأن أغلب من صدرت عنهم سيتابعون تحمل مسؤوليات في "النظام".. أي في مؤسسات استراتيجية تابعة للدولة ومقربة من مؤسسة "مرشد الثورة".. مثل هيئتي تشخيص مصلحة النظام والدستور وهيئتي السياسة الخارجية والعسكرية الموازية.. معارضة في الخارج في الأثناء، قد تتابع بعض العواصم الغربية رهانها على دعم قيادات المعارضة في المهجر وخاصة في أمريكا وبريطانيا وفرنسا حيث أنشئت قنوات حكومية بالفارسية تابعة لقناتي "بي بي سي" و"الحرة".. ومهمة مثل هذه القنوات تنظيم حملات إعلامية دائمة ضد نظام طهران وضد مشروعه النووي .. ولاشك ان الحملات الاعلامية وتلك التي تقودها هيئات حقوقية غربية وإيرانية مستقلة ضد النظام الإيراني تحقق بعض أهدافها.. ومن بينها إضعاف نسب المشاركة في الانتخابات.. لكن التجربة أثبتت بالنسبة لبعض البلدان مثل إيران وتركيا واليابان أن نسبة "التعصب للوطن" تزداد عند أي تدخل أجنبي.. عقوبات اقتصادية كما اثبتت التجارب في مثل هذه البلدان ان مفعول العقوبات الاقتصادية عكسي تماما وأن حصيلة سنوات من تشديد العقوبات والتلويح بالحرب إضعاف الاصلاحيين ودعم التيار"المحافظ "، الذي يبرز بالنسبة للرأي العام وصناع القرار "أكثر وفاء للوطن وأشدّ إخلاصا للشعب ومصالحه".. وقد ارتفعت المعاناة الاقتصادية والاجتماعية بشكل كبير جدا بسبب الحصار الاقتصادي الشامل المفروض على إيران وعلى كل الشركات التي تتعامل معها.. ويمكن ان تؤثر تلك المعاناة في نسب المشاركة في الاقتراع العام لكن يصعب أن تؤدي إلى ثورة أو إلى تصويت بكثافة للاصلاحيين والوسطييين.. سعيد جليلي وروحاني في هذا السياق العام، يبدو المرشح المحافظ سعيد جليلي الأوفر حظا للفوز.. إلى جانب فوز المرشح الاصلاحي روحاني بمرتبة متقدمة.. قد تتحسن، بعد أن أصبح المرشح الوحيد لتياره.. لكنها قد تضعف لأن قطاعا من الشباب والاصلاحيين قد يمتنعون عن التصويت.. وفي كل الحالات، فإن الورقة الأولى والرئيسية التي يمكن أن تبرر حصول تغيير جدي بعد الانتخابات هي "تعديل" السياسة الخارجية الايرانية من عدد من الملفات.. على رأسها المشروع النووي والترحيب بمبدإ الحوار مع واشنطن وتل أبيب حول قضايا أمنية وسياسية واقتصادية ملحة..