أيا كان المرشح الفائز بالانتخابات الرئاسية التي أجريت أمس في إيران والتي لا يستبعد أن تشهد تنظيم جولة ثانية لها باعتبار صعوبة جمع أي من المرشحين الأربعة لها لنسبة خمسين في المائة فما فوق من الأصوات، لا يمكن للمرء أن يتوقع حدوث تطور ذي بال في السياسة التي انتهجتها طهران إلى حد الآن سواء في ما يتعلق بالملف النووي الذي يشكل مصدرا للتوتر مع المجموعة الدولية، أو بالتحالفات والمواقف الإستراتيجية التي تبنتها في عديد القضايا ذات البعد الدولي كالعلاقات مع نظام الرئيس السوري بشار الأسد أو مع "حزب الله" الشيعي اللبناني ولعل السبب بسيط للغاية وهو الدور المهيمن الذي يضطلع به المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي على سلطة اتخاذ القرار في كل ما له طابع إستراتيجي، ليس على المستوى الداخلي فحسب، بل وأيضا على مستوى ضبط إيقاع وتوجهات السياسة الخارجية لجمهورية إيران الاسلامية، وهو دور يجعل في الواقع من الرئيس الإيراني رئيسا بلا صلاحيات حقيقية -سواء كان من المنتمين إلى التيار الاصلاحي المعتدل أو إلى التيار المحافظ المتشدد- تسمح له بإحداث تغييرات في العمق إن كان على مستوى بنية النظام السياسي أو على مستوى توجهاته وخياراته الأساسية ولا شك أن إشارة الرئيس المتخلي محمود أحمدي نجاد - المعروف رغم ذلك بقربه الشديد من خامنئي- أخيرا في حديث صحافي قد يكون الأخير قبل مغادرته السلطة، إلى أنه لم يكن له أي رأي في الملف النووي الايراني أو المفاوضات الجارية بشأنه، "لأن المفاوض الايراني كان يتلقى تعليماته من المرشد الأعلى مباشرة"، تغني عن البحث عن مزيد الأدلة بهذا الشأن بعبارة أخرى، وأيا كانت هوية الرئيس الجديد الذي سينبثق عن الانتخابات الرئاسية ليوم أمس، سيكون من الغباء المراهنة على حدوث "انقلاب ما" في التوجهات الكبرى لطهران، خصوصا مع ثقل التركة التي خلفها له سلفه إن على الصعيد الداخلي أو على الخارجي، وأبرزها حالة الانهيار الاقتصادي الناجمة عن العقوبات الاقتصادية المفروضة من الغرب، والتي جعلت العملة الايرانية تخسر أكثر من نصف قيمتها، وارتفاع معدلات التضخم الى نسب قياسية ربما أقصى ما يمكن توقعه نهجا أقل تصادما في المحادثات مع القوى الكبرى بشأن البرنامج النووي المثير للجدل وهو أمر يبدو من خلال تركيز جميع المرشحين الرئاسيين تقريبا عليه في حملاتهم الانتخابية، أنه بات الآن مدعوما من المرشد الأعلى الحاكم الفعلي في إيران