هذه القيمة الحقيقية لعمولات الوكلاء الأجانب.. والحسابات المجهولة المودعة فيها واصل أمس الاثنين القطب القضائي بشارع محمد الخامس مرجع المحكمة الابتدائية بتونس التحقيق في قضايا رفعت ضد موظفين ومسؤولين بالمجمع الكيميائي التونسي وأعضاء لجنة المبيعات(بينهم من أحيل على التقاعد وبينهم من يباشر عمله إلى اليوم) من قبل محامين نيابة عن مجموعة من زملائهم أو عن مواطنين كان بعضهم أو احدهم يتعامل مع المجمع الكيميائي، ويواجه هؤلاء الموظفين بينهم مسؤولون رفيعو المستوى -وفق هذه الشكايات-تهما خطيرة بالفساد المالي والإداري داخل المجمع الكيميائي التونسي سنوات 2008 و2009 و2010 وقد طالب الشاكون بمحاكمة هؤلاء من أجل استغلال الصفة ومخالفة التراتيب لتحقيق منفعة للنفس أو للغير والإضرار بالإدارة والاستيلاء على أموال عمومية والتصرف بدون أي وجه في أملاك الشعب طبق أحكام الفصلين 96 و99 من المجلة الجزائية، ومن أجل مخالفة قانون الصرف على معنى أحكام مجلة الصرف والتجارة الخارجية بخصوص التحويلات غير الشرعية لفائدة وكلاء مجهولي المصدر. شكايات واتهامات وكانت"الصباح" نشرت مؤخرا فحوى شكايتين رفعتا إلى وكيل الجمهورية لدى المحكمة الابتدائية بتونس الأولى رفعها أحد المحامين نيابة عن وكيل شركة تونسية والثانية رفعها محاميان في حق ثمانية من زملائهما يتهمون فيها مجموعة من موظفي ومسؤولي لجنة المبيعات واللجنة التجارية بالمجمع الكيميائي التونسي بالفساد المالي والإداري مرتكزين في دعاويهم على وثائق قيل أنها تكشف عن عمولات خيالية تصل إلى خمسين مليون دولار يتمتع بها عملاء وسطاء المجمع"وهو مبلغ كاف لخلاص جميع موظفي الدولة وجميع العاطلين عن العمل لمدة سنوات"-وفق ما جاء في إحدى الشكايتين" -وفق قولهم-إضافة إلى عقد صفقات مشبوهة"بتصدير منتجات المجمع من الفسفاط الخام والحبوب الكيميائية نحو عدة مناطق من العالم بصفة غير شرعية وذلك بتغطية من لجنة المبيعات التي بالرجوع إلى قراراتها لسنوات 2008 و2009 و2010 يتضح أنها في عديد المناسبات لم تحترم أحكام الأمر المتعلق بإحداث لجان شراء وبيع في مادة التجارة الخارجية وذلك بتعيين شركات خاصة كوكالات تتعاطى عمولة بمبالغ كبرى.. وإسناد عمولات مشبوهة للوسطاء الأجانب في دول معروفة بتبييض الأموال" -حسب ما جاء في نفس الشكاية-، وأيضا تمكين"شركات أجنبية عن طريق المحاباة ومخالفة التراتيب الإدارية من الحصول على كميات كبيرة من المنتوج الوطني بسعر ضئيل جدا مقارنة بالأسعار المعمول بها في السوق العالمية". وأكد الشاكون أيضا أن إدارة المجمع لم"تحترم مبدأ المساواة بين الحرفاء وتكافؤ الفرص.. وفضلت التعامل مع الشركات الأجنبية ودفع العديد من العمولات المشطة إلى وجهات غير معلومة.. والحال أن إحدى الشركات الوطنية سبق وأن اقترحت أثمانا أعلى مما اقترحته الشركات الأجنبية وكذلك دون اللجوء إلى دفع عمولات مشبوهة" وفق نفس الشكاية. حقائق مذهلة "الصباح" وبحثا عن الحقيقة وإعطاء لكل ذي حق حقه وفي انتظار نتائج الاختبارات وما ستفرزه التحقيقات القضائية قامت بتحقيق مطوّل حول هذا الموضوع اطلعت خلاله كأول وسيلة إعلام في تونس والعالم على وثائق جد مهمة وأخرى سرية عن نشاط المجمع وطرق عقد الصفقات التجارية وكيفية احتساب عمولة العملاء(الممثلون التجاريون) وتحويلها إلى حسابات جارية دولية والقانون المنظم لها. هذه الوثائق التي اطلعت عليها"الصباح" ومن بينها قرارات قضائية وأخرى صادرة عن مجلس المنافسة وعقود قانونية بين المجمع وكل عملائه في مختلف أنحاء العالم ووثائق تتضمن القيمة المالية للعمولات المستحقة لهؤلاء تؤكد غياب التجاوزات المالية والإدارية داخل الجهاز الإداري والمالي للمجمع، إذ اطلعنا على أرقام مغايرة تماما للأرقام الواردة بالشكايات المرفوعة. فعلى مستوى العمولات المسندة للممثلين التجاريين للمجمع في كل أنحاء العالم تبين من خلال عدة وثائق اطلعت عليها"الصباح"أنها كانت معتمدة في الأسواق الاستراتيجية منذ سنة 1977 وخاصة في الأسواق الهندية والإيرانية والبولونية والإيطالية وسوق بنغلاداش(انظر وثيقة رقم 1 نسخة من عقد بين المجمع وممثل تجاري أجنبي يعود إلى سنة 1984)، حيث يكلف الممثل التجاري في سوق ما بجمع كل المعلومات حول هذه السوق وتسهيل مهمة المجمع وتسويق منتجاته خصوصا بالأسواق الاستراتيجية والتقليدية قصد المحافظة على مكانته بها أمام المنافسة الشرسة من المنتجين الآخرين وتطوير صادرات المجمع بالبلد موضوع التمثيلية ومتابعة تنفيذ العقود الممضاة مع الحرفاء واستخلاص المبيعات والسعي إلى فض كل ما يطرأ من صعوبات أثناء تنفيذ العقد التجاري مقابل عمولة محددة وفق عقد قانوني مصادق عليه، وهو نفس الإجراء المعتمد من بقية المنافسين من بينهم المغرب باعتبار خصوصية هذه الأسواق والتي لا تتجاوز مجمعة(العمولات) اليوم صفر فاصل 19 في المائة أي أنها لم تتجاوز خلال سنوات 2008 و2009 و2010 الأربعة ملايين دينار أي حوالي 0،2 في المائة(صفر فاصل صفر صفر اثنان في المائة) مقارنة برقم المعاملات الجملي للتصدير فيما أن إحدى الشكايتين المرفوعة من قبل مجموعة من المحامين تحدثت عن رقم 50 مليون دولار سنويا(!!) واحتراما لمبدأ المنافسة في السوق العالمية وسرية المعاملات بين المجمع وممثليه التجاريين نعتذر عن نشر أسماء الوكلاء والعمولة التي يتحصلون عليها من المجمع، ولكن نشير إلى أن العمولة تمر حتما عبر البنك المركزي وبنوك أخرى مختلفة وتنزل نسبة منها في حسابات جارية للممثلين التجاريين ببلدهم وتنزّل النسبة الباقية في حسابات جارية تابعة لهم ولكنها مفتوحة في بلدان أخرى(وفق ماهو منصوص عليه في العقود) إثر موافقة البنك المركزي. استراتيجية مصادق عليها ووفق بعض الوثائق الأخرى التي اطلعت عليها"الصباح" فإن المجمع الكيميائي التونسي يعتمد في مبيعاته بغية مواجهة المنافسة الشرسة بالأسواق العالمية من المنتجين الآخرين على استراتيجية صادق عليها مجلس الإدارة والمتمثلة في التعامل مع: - مؤسسات حكومية أو تعاضديات هامة تعنى بتزويد أسواقها الوطنية بالأسمدة. -شركات صناعية هامة تستعمل مادتي ثلاثي الفسفاط الرفيع وثاني فسفاط الأمونيا كمواد نصف مصنعة لصناعة الأسمدة المركبة. -شركات عالمية للتجارة(TRADERS) وهي شركات متعددة الجنسيات لها قنوات توزيع منظمة عبر عدة بلدان وقارات وتتمتع بموارد بشرية ومالية هامة وخبرة لوجستيكية متميزة مع مجهزي البواخر ومسدي الخدمات والسلط المينائية بالدول المتواجدة بها إضافة طبعا إلى الممثلين التجاريين. الأسعار المشبوهة لا يقبلها النظام وفيما يخص الصفقات التي وردت بإحدى الشكايات وقيل إنها مشبوهة فقد تبين من خلال التحقيق الذي أجريناه أن جميع مبيعات المجمع الكيميائي تخضع إلى التشريع الجاري به العمل في التجارة الخارجية المنظمة لشروط البيع من خلال لجنة مبيعات تتركب من أعضاء ممثلين عن الوزارة الأولى(هيئة مراقبي الدولة) ووزارة المالية ووزارة التجارة ووزارة الصناعة والبنك المركزي إلى جانب التقيد بتشريع الصرف والتجارة الخارجية ودليل إجراءات مصادق عليه من قبل مجلس إدارة الشركة ووزارة الإشراف، أما مسألة السعر فإنها تحدد وفق الوثائق المطلع عليها حسب الوجهة والسوق وطريقة الخلاص والزمن وتصادق عليها لجنة المبيعات، وإن كان السعر غير الذي تم تحديده فإن النظام المعلوماتي المتعلق بتطبيقة(Application) المبيعات لا يسمح بقبول أي سعر مغاير للسعر الذي تم تحديده من قبل لجنة المبيعات. مبدأ المساواة ورفض التعامل في سياق آخر جاء في شكايتين ضد المجمع الكيميائي إحداهما صادرة عن وكيل شركة بارا العالمية أن إدارة المجمع لم"تحترم مبدأ المساواة بين الحرفاء وتكافؤ الفرص.. وفضلت التعامل مع الشركات الأجنبية ودفع العديد من العمولات المشطة إلى وجهات غير معلومة.. والحال أن إحدى الشركات الوطنية(شركة بارا العالمية) سبق وأن اقترحت أثمانا أعلى مما اقترحته الشركات الأجنبية وكذلك دون اللجوء إلى دفع عمولات مشبوهة"، وبالتثبت في الأمر من خلال بعض الوثائق ومن بينها قرار صادر عن مجلس المنافسة بتاريخ 31 ديسمبر 2012 يتبين أن قطع المجمع العلاقة التعاقدية مع هذه الشركة(تقدمت بقضية إلى القضاء أيضا)يؤكد التزام المجمع "بالخطوط العريضة لاستراتيجيته التجارية وعدم حياده عنها حتى عندما تعلق الأمر بشركات عملاقة على غرار شركة(..) إذ قام برفض عدد من عروضها عندما كانت لا تتفق مع استراتيجيتها التجارية" خاصة بسبب"عدم إنجاز المدعية(شركة بارا العالمية) لالتزاماتها وتشكي عديد المصادر من تصرفاتها واعتمادها على أساليب ملتوية في التعامل وإضرارها بسمعة المدعى عليها (المجمع) ومصالحه المالية"، وأيضا تكبد المجمع لغرامات تأخير بلغت قيمتها 252 ألف دولار أمريكي بسبب تأخير بواخر تم تأجيل شحنها إلى ما بعد الفترة المتفق عليها مع الحرفاء كنتيجة لانتظار شحن سفينة(..) التي استأجرها وكيل شركة بارا العالمية الشاكية، إضافة إلى أنه "لا يعتبر من باب الاستغلال المفرط لوضعية هيمنة ولا يمكن أن يعتبر تعسفيا بل هو نتيجة سوء تصرف المدعية(شركة بارا العالمية) ويندرج في إطار الحفاظ على المصالح المشروعة للمدعى عليها(المجمع الكيميائي) ومن خلاله الحفاظ على مصالح قطاع هام يعتبر من ركائز الاقتصاد الوطني" وفق ما جاء في قرار مجلس المنافسة إثر تشكي شركة بارا العالمية من حرمانها من تصدير منتجات المجمع. وبالتالي وأمام تناقض الأرقام والمعطيات المقدمة من الشاكين والمجمع الكيميائي التونسي يبقى القضاء هو الفيصل لكشف الحقيقة.. حقيقة فساد مالي وإداري يتردد أنه استشرى في لجنة المبيعات واللجنة التجارية بالمجمع الكيميائي التونسي سنوات 2008 و2009 و2010 وفق بعض الأطراف.. وفساد مالي وإداري لا وجود له إلا في مخيلة بعض الذين يريدون تشويه صورة المجمع والقطاع ككل وضرب الاقتصاد الوطني وفق موظفين ومسؤولين بالمجمع..