تنظر اليوم الدائرة الجناحية بالمحكمة الابتدائية بتونس في قضية بنات منظمة "فيمن" الثلاث اللاتي صدر ضدهن حكم منذ عشرة ايام تقريبا عن الدائرة الرابعة عشر بمحكمة الناحية بتونس قضى بسجن كل واحدة منهن لمدة اربعة اشهر ويوما من اجل التجاهر بما ينافي الحياء والاعتداء على الأخلاق الحميدة واحداث الهرج والتشويش بالطريق العام وذلك اثر اقدامهن على تعرية صدورهن خلال احتجاجهن في وقت سابق أمام قصر العدالة بتونس تضامنا مع التونسية أمينة. وقد تباينت الاراء حول الحكم الصادر ضدهن فمنهم من اعتبر ان ما اقدمت عليه المتهمات اكثر من اعتداء على الاخلاق الحميدة وعلى البلاد ورفض الظاهرة مطلقا ومنهم من رأى ان ما حدث يدخل في خانة حرية التعبير وبناء على عدم وجود راي موحد ننفرد بنشر حيثيات الحكم ومبررات تسليط العقاب على المتهمات. جاء في نص الحكم انه"يستخلص من الابحاث المجراة في القضية تعمد المتهمات تعرية صدورهن امام مقر المحكمة الابتدائية بتونس بدعوى مساندة الفتاة التونسية امينة وكتبن على صدورهن وظهورهن عبارات بينها" النهود تغذي الثورة " ورافعات لشعارات ورغم سعي اعوان الامن والحاضرين من رواد المحكمة ثنيهن عن تلك الاعمال الا انهن تمادين في ذلك وتسلقن اسوار قصر العدالة. وحيث اقتضى الفصل 226 من المجلة الجزائية ان " التجاهر عمدا بفحش يعاقب مرتكبه بالسجن مدة ستة اشهر وبخطية قدرها ثمانية واربعون دينارا"، وحيث يستشف من الواقعة وملابساتها ان المتهمات حين اقترفن فعل التعري امام بهو رمز العدالة بتونس لم تجمعهن العفوية والبراءة وحرية الراي المجرد بل اخترن المكان عن دراية لرمزيته وقداسته وفق ما صرحن به بحثا وجلسة وكان فعلهن في ساعة يكثر فيها رواد المحكمة وبحضور مسبق للمصورين والصحفيين مما يجعل من الامر بعيدا عن الحرية الفردية بل قائما على منهج محدد غايته الاساءة الى رمز العدالة واهانة الاخلاق والاداب العامة وهو ما يجعل الركن القصدي ثابتا. وحيث بالرجوع الى التقرير الفني المظروف بالملف والمضمن به عدة صور للمتهمات زمن الواقعة يتضح ان الافعال المقترفة من طرفهن لم تقف عند تعرية الصدور بل كن حاملات لكتابات ولافتات، وحيث ان وجدان المحكمة يعتبر ان العبارات المشار اليها لا يمكن اعتبارها مجرد تعبير بل فيها تجاسر على تقاليد مجتمع تجمعه نواميس واخلاقيات محددة فضلا عن رمزية المكان وحيث وفقا لما تقدم فقد اضحت جريمة الاعتداء على الاخلاق متوافرة في حق المتهمات واتجه التصريح بثبوت ادانتهن. وحيث ازاء اصرار المتهمات على تسلق سور المحكمة رغم محاولات الحاضرين ثنيهن محدثات ذهولا وفوضى بالمكان وحالة من التجاذب بين الحاضرين وفقا لتصريحات الشهود يشكل في جانبهن جريمة احداث الهرج والتشويش. وحيث توافر في جانب المتهمات الاركان القانونية لجرائم نص الاحالة واتجه التصريح بثبوت ادانتهن وتسليط عقاب لا حيف فيه اساسه الموازنة بين خطورة الفعل ووقعه على المجتمع من جهة وشخصية المتهمات ووضعهن الاجتماعي من جهة اخرى، وقضت المحكمة في حق المتهمات بسجن كل واحدة منهن مدة ثلاثة اشهر من اجل التجاهر بما ينافي الحياء كسجن كل واحدة منهن مدة ستة عشر يوما من اجل الاعتداء على الاخلاق الحميدة وسجن كل واحدة منهن مدة خمسة عشر يوما من اجل احداث الهرج والتشويش بالطريق العام".