يعتبر تصريح الرئيس الفرنسي هولاند بشأن التزام فرنسا بإعادة الأموال التونسية المنهوبة من قبل المخلوع وعائلته، مهما وبادرة نحو زحزحة هذا الملف لا سيما وأن انتقادات عديدة وجهت سابقا إلى فرنسا من طرف المجتمع المدنى الناشط في مجال استرجاع أموال تونس المهربة للخارج، الذي لم يلمس مساعدة جدية من السلطات الفرنسية في ملف استرجاع الأموال. وتبدو تصريحات هولاند جدية هذه المرة خاصة وأنه تحدث عن ارسال قاض فرنسي إلى تونس لمتابعة الموضوع. وبعيدا عن القراءات السياسية بشأن التزام فرنسا الجديد هل يدخل في إطار ضغوطات من البرلمان الأوروبي مارسها بعض النواب الذين زاروا تونس مؤخرا وتمركز اهتمامهم حول ملف استرجاع الأموال المنهوبة لمساعدة تونس على انجاح تجربة الانتقال الديمقراطي أم هو تغيير في المواقف مرتبط بشروط فرنسية في صيغة تنازلات أو تحالفات سياسية مفروضة قد تكشفها الأيام القادمة، يمكن الإشارة إلى أنه مهما يكن من أمر فالتزام فرنسا بإعادة الأموال المنهوبة يعدّ نقطة إيجابية في جدول أعمال زيارة هولاند. ويقول في هذا الصدد الدكتور سامي الرمادي رئيس الجمعية التونسية للشفافية المالية في تصريح ل»الصباح» أن فرنسا أقدمت خلال الأشهر الماضية على تكليف قاض بمتابعة ملف الأموال التونسية المنهوبة في فرنسا كما كلفت موظفا من جهاز الشرطة المالية للغرض ذاته. ويقول سامي الرمادي إنه رغم ما يشوب هذا الملف من تعقيدات وتشعب ورغم تواضع الإمكانيات المادية والبشرية التي سخرتها فرنسا ولا تستجيب لمتطلبات المجتمع المدني، إلا أن الثقة تظل كبيرة في السلطات الفرنسية على حدّ تعبيره باعتبار فرنسا الشريك التاريخي لتونس وأيضا لأنها من أول البلدان المكافحة في مجال التهرب الجبائي والمالي. أرصدة مجهولة وحول حجم الأموال التونسية المنهوبة في فرنسا يشير رئيس الجمعية التونسية للشفافية المالية أنها غير معلومة بأكملها وحتى الإنابات الدولية الصادرة من القضاء التونسي لم تتضمن جردا كاملا بل نصت فقط على المعلومات المتوفرة والتي أمكن الحصول عليها حول الحسابات البنكية والممتلكات المنقولة وغير المنقولة للرئيس السابق وعائلته. وأشار سامي الرمادي إلى أن عربون التعاون والصداقة المطلوب تقديمه من فرنسا يتمثل في مد السلطات التونسية بالمعلومات غير المتوفرة لديها حول بعض الحسابات البنكية والممتلكات المجهولة للمخلوع وعائلته. وكذلك توفير معطيات حول البلدان والوجهات التي حولت إليها مبالغ من الحسابات البنكية للمخلوع وعائلته في فرنسا. ويؤكد الرمادي أن الجمعية على علم بعديد الحسابات البنكية التي تم افراغها وتحويل مبالغها إلى بلدان الجنات الضريبية أو إلى البلدان التي ليس لتونس معاهدات معها ولم تمض على معاهدة الأممالمتحدة لمكافحة الفساد على غرار السيشال التي تقدّم اللجوء اليوم لمهربي الأموال. واعتبر الرمادي فرنسا قادرة على مدّ تونس بكشوفات عن المبالغ الإجمالية والحسابات البنكية في فرنسا وخارجها التي حولت إليها أموال بعد 14 جانفي. ويضيف الرمادي أن المطلوب من فرنسا أيضا التعجيل باسترجاع هذه الأموال المهربة والتعاون غير المشروط مع السلطات القضائية المالية في تونس على غرار البنك المركزي ولجنة استرجاع الأموال المنهوبة. هذا إلى جانب توفير الدعم المالي واللوجستى إلى القطب القضائي المالي ومساعدته في تأمين التكوين الضروري في مجال التحاليل المالية.