كانت ولا تزال الاحياء الفقيرة والمهمشة وجهة للجمعيات - بمختلف اهدافها خيرية ،علمية، بحثية، حقوقية، فنية، رياضية، دينية- التي ارتفع عددها بعد الثورة بشكل ملحوظ، لكن ما يلاحظ هو استئثار الجمعيات الخيرية بالنشاط الاكبر في هذه الاماكن مع غياب لباقي اصناف الجمعيات. فما السر وراء هذا الغياب؟ سؤال توجهت به «الصباح الاسبوعي» الى ناشطين في العمل الجمعياتي. تتسارع ابان الازمات والكوارث الطبيعية وفي شهر رمضان وتيرة العمل الجمعياتي عبر القوافل الانسانية والمساعدات المادية والعينية (دواء، البسة، مواد غذائية..) ولعل ما عاشت بلادنا على وقعه طيلة السنتين الماضيتين خير دليل على ذلك. وفي هذا السياق، يقوم «ائتلاف الخير» المتكون من 17 جمعية خيرية منتشرة في عدة مناطق من البلاد هذه الايام بحملة جمع للتبرعات تحت عنوان «قفة رمضان». يقول ابراهيم ناجي كاتب عام جمعية «الكوثر الجاري» (وهي احدى جمعيات ائتلاف الخير): «نعكف هذه الايام على جمع التبرعات بخصوص قفة رمضان لكن ما لاحظناه هو تراجع اقبال الناس على مد المساعدة مقارنة بالسنة الفارطة لاسباب مجهولة رغم ان عملنا خيري ولا علاقة له باي حزب او جماعة دينية سياسية». اختصاص.. وعند سؤاله عن سبب غياب العمل الجمعياتي الثقافي او العلمي وغيرهما في الاحياء الفقيرة والمهمشة في ما تجد الجمعيات الخيرية رواجا كبيرا أجاب محدثنا: «من خلال حملاتنا في المناطق المفقرة والمهمشة في ربوع تونس من القصرين وقفصة وحتى احياء بالعاصمة فقد لاحظنا ان البطون الخاوية غير قادرة على التفاعل او حتى قبول اي فكرة توعوية مهما كان مصدرها وكان لسان حال من التقيناهم في هذه الاماكن يردد 'نريد الغذاء والدواء فقط'». وفي تفسيرها لغياب العمل الجمعياتي التوعوي اكدت تل العز رئيسة «الجمعية التونسية للحرية والكرامة»ان مرد ذلك هو خيار باعثي هذه الجمعيات الذين ارتأوا الاهتمام بعدة جوانب حياتية تمس الفرد اذ لم يقتصروا على العمل الخيري في عملهم بل اختاروا مساعدة الناس من خلال العناية بجوانب معينة مثل الجانب النفسي عبر توفير الاخصائيين والمعالجين النفسيين او الحقوقي من خلال التعويل على محامين وحقوقيين او فني وتثقيفي وذلك عبر تنظيم تظاهرات فنية. علاقة ولائية.. اتهمت العديد من الجمعيات الخيرية الاسلامية بارتباطها باحزاب اسلامية وهو ما نفته رغم تشبث البعض بان هذه الجمعيات لا تقدم مساعدات للمساعدة بل هي لربط نوع من العلاقة الولائية بينها وبين من هم في حاجة للعون اذ تجعل منهم أناسا في امس الحاجة اليها وفقا لقاعدة التبعية وهو ما يسعى عدد من الجمعيات الى ارسائه وفق ما ذهبت اليه الاستاذة سعيدة قراش التي رأت في ذلك استغلالا لفقر الناس خاصة وان بلادنا مقبلة على انتخابات تسبقها حملات انتخابية وذلك من خلال تزوير ارادتهم. وفي حديثها عن غياب باقي اصناف الجمعيات قالت محدثتنا: «هناك نشاط لباقي الجمعيات لكنه يفقتر الى التغطية الاعلامية لابرازه مثلما هو الشان بالنسبة للجمعيات الخيرية لان الحس التضامني لم يكن يوما اصلا تجاريا لاي نوع من الجمعيات او الاحزاب».