في مثل هذا الوقت من السنة الماضية لا صوت يعلوفوق صوت الأحزاب حيث نشطت بشكل كبير طال حتى الأعمال الخيريّة في السرّ والعلن وما إن انتهت الانتخابات حتى انتهى كلّ شيء. وبعد انتخابات أكتوبر الماضي خلت الساحة من كلّ نشاط اجتماعي للأحزاب الناجحة في الانتخابات والفاشلة منها على حدّ سواء وبالمقابل تضاعفت الجمعيّات الخيريّة ونشطت خلال هذا الشهر الكريم بشكل لافت جدّا حيث أصبحت متوزّعة في كلّ قرية وكلّ مدينة، منها من يعمل في صمت ومنها من يعمل في علن حيث تجمع التبرّعات والهبات وتوزّع على مستحقيها وعندما توجّهنا بالسؤال حول هذه الظاهرة إلى أحد الناشطين في الحقل الجمعياتي أعلمنا أنّ الجمعيات الخيريّة أغلبها غير مسيّسة وهي تعمل على تخفيف المعاناة على الفقراء وتحاول أن تساعد ضعاف الحال بما يتوفر لديها بعيدا عن الإشهار والضجيج وبعيدا عن المصالح الضيّقة والأجندات السياسيّة الانتخابيّة التي كانت تمارسها عديد الأحزاب لغايات ربحيّة منفعيّة بحتة انتهت بانتهاء اللعبة الانتخابيّة «وما يدوم في الوادي إلّا حجره» على حدّ تعبير محدّثنا.
ولعلّ من بين الجمعيات الخيريّة التي تنشط بشكل منظم ومدروس يثير الإعجاب في معتمديات صفاقس هي جمعيّة «الرحمة» التي ساهمت في مدّ يد العون للعديد من المعوزين وضعاف الحال بدءا بتحسين المساكن وصولا إلى قفّة رمضان وتخصيص جرايات لأصحاب الدخل المنعدم وغيرها.
ورغم محاولة التكتّم فإنّ الشروق تمكّنت من رصد ما قامت به الجمعيّة الخيريّة الرحمة فرع عقارب أياما قبل شهر رمضان حيث زارت عائلة تقطن بمنطقة السوالم تشكو حالة صعبة جدّا حيث تمّ مدّها بملابس جاهزة وأغطية صوفيّة ورصد 50 دينارا كجراية شهريّة لهذه العائلة وقامت هذه الجمعيّة أيضا بمساعدة فتيات على توفير جهاز العرس، أمّا يوم 26 جوان الماضي فقد قامت هذه الجمعيّة بزيارة ميدانيّة لمنطقة أولاد الحاج سعد الريفيّة وتمّ توزيع 1 طن من الملابس الصيفيّة على متساكني المنطقة وغير ذلك من الأعمال الأخرى التي لا تحصى. والجميل أنّ هذه الجمعيّة تتكتّم على أسماء الأشخاص الذين شملتهم المساعدة لاجتناب الحرج.
ولكن الشيء اللافت هو المساعدات الكبيرة والنشاط المتواصل الذي قامت به هذه الجمعيّة خلال شهر رمضان شأنها شأن عديد الجمعيات الأخرى على غرار «البركة» وغيرها والتي كان نشاطها طاغيا حتى على نشاط السلط الرسميّة التي تبقى في حاجة إلى تضافر جهود كلّ فسيفساء المجتمع المدني بمختلف فئاته وتكوّناتها السياسيّة من أجل الصالح العام والمواطن التونسي الذي هورأس المال.