نواب ينتقدون تركيبة المحكمة الدستورية.. وآخرون يطالبون بمجلس إسلامي أعلى تنديد بإلغاء القسم المخصص للرقابة الديمقراطية على الأمن والدفاع استأثرت الأحداث الدامية التي عرفتها مصر باهتمام العديد من نواب المجلس الوطني التأسيسي خلال جلستهم العامة المنعقدة أمس بقصر باردو والمخصصة لمواصلة النقاش العام حول مشروع الدستور. إذ عبّر العديد منهم عن أسفهم الشديد للمنزلق الخطير الذي دخلت فيه الثورة المصرية، ودعا بعضهم إلى ضرورة التنبه الى الأجندات الخارجية التي تسعى إلى إفشال ثورات الربيع العربي، وانتقد البعض الآخر تمرد الجيش وحذروا من امكانية دخول البلاد في حرب أهلية، في حين وجه آخرون خطابات مباشرة إل حركة النهضة ودعوها إلى استخلاص العبرة من الدرس المصري، ورتل جميعهم الفاتحة على أرواح الشهداء. وتكرّرت كلمة التوافق، أكثر من مرّة في جل المداخلات خلال الجلسة الصباحية، لكنها كانت بمفاهيم مختلفة.. فكل طرف يتحدث عن التوافق من وجهة نظره، وبالتالي سيكون أمام لجنة التوافقات عمل كبير تبذله لتقريب الرؤى والارساء على الصيغة التوافقية المنشودة. أكدت النائبة وردة التركي (النهضة) على ضرورة التركيز في الدستور على أهمية العمل كقيمة انسانية، وفي المقابل بينت أن دسترة حق الاضراب يؤدي إلى إبعاد المستثمرين، كما دعت لضمان العلاج المجاني للمرضى النفسيين وتوفير مواطن شغل للمواطنين خاصة في القطاعين الفلاحي والصناعي، وإلى تأسيس هيئة المجلس الاسلامي الأعلى لتكون هيئة وقائية من مغبة التشدد الديني وطالبت بإعادة الأوقاف والأحباس. وعبرت النائبة خيرة الصغيري (النهضة) عن ألمها للوجع الذي يعيشه الشعب المصري، كما وجهت بعض الرسائل أولها إلى أبناء الجهات المهمشة وخاصة أهالي القصرين الذين عانوا طويلا من الاستغلال وأكدت لهم أنها على العهد، أما الرسالة الثانية فهي للأحزاب السياسية وقالت فيها إن الوطن لم يعد يحتمل شيطنة، ودعت إلى الوحدة وآخذت في رسالتها الثالثة الحكومة التي لم تصارح الشعب بحقيقة مقدّراته ولم تدعوه للتقشف والصبر حتى لا تنهار الدولة، وقالت في رسالتها الموجهة لزملائها نواب المجلس :"لماذا نضيّع ما يجمعنا ونتمسك بما يفرقنا". وعبر النائب النفطي المحظي (النهضة) عن أمله في المصادقة على الدستور في أقرب وقت وفي القراءة الأولى. وأكدت النائبة سناء مرسني (النهضة) على تمسكها بالفصل 141 ووصفته بروح الدستور لأن الدين الاسلامي ضامن لوحدة الشعب وهو المشكاة التي تنبع منها كل الحقوق والحريات وأن الدولة المدنية هي التي تحمي الحقوق والحريات وليست الدولة الدينية ولا الدولة اللائكية، وانتقدت التنصيص على حق الاضراب دون ضوابط وخلافا لما ذهب إليه العديد من نواب المعاضة استحسنت مرسني حذف القسم الخاص بالأمن والدفاع حفاضا على حيادهما. تزوير وتعنت في المقابل انتقد نواب المعارضة تزوير أعمال اللجان التأسيسية وقالوا إن حركة النهضة تريد من خلال الدستور الذي تخيطه على مقاسها ضمان استمرارها في الحكم. وفي هذا الصدد أكدت النائبة ربيعة النجلاوي (نداء تونس) تعرض أعمال اللجان التأسيسية إلى تزوير، ووصفت ذلك بالخيانة للوطن، وانتقدت بشدة حركة النهضة ودعت نوابها إلى أخذ العبرة مما حدث في مصر وأن لا يؤسسوا لدستور يضمن لهم الانفراد بالحكم وقالت :"كنتم تدعون لاحترام الدين وعندما وصلتم الى الحكم أصبحتم تتاجرون بالدين، ففي عهدكم سمعنا عن جهاد النكاح وأدخلت الأسلحة إلى تونس ولغّم جبل الشعانبي وجوبه الشعب بالقمع والرش وكفر المعارضون واغتيل لطفي نقض وشكري بلعيد..". وأضافت :"إنني أخجل من ايهامكم الناس بانكم المتحدثون باسم الاسلام.. فنحن مسلمون قبلكم ومسلمون بعدكم، وإن كان تمسككم بالسلطة من أجل الاسلام فأقول لكم اذهبوا فان الاسلام لن يسقط دونكم لأنه لم يسقط بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم". كما أكدت النائبة أن الدستور هو دستور حركة النهضة وفصّل على هواها ودعت لحذف عبارة حسب ما يضبطها القانون حيثما وجدت والتنصيص على المعاهدات الدولية التي صادقت عليها تونس وإحترام مجلة الأحوال الشخصية وعبرت عن مخاوفها من الفصل 16 لأنه يسمح بتسليح المليشيات التي لا تنتمي إلى الامن والجيش، ولاحظت أن أهم شيء هو أن المشروع لم يضمن حقوق الفقراء والمناطق الداخلية. وبينت النائبة ريم محجوب أنه يجب على الجميع الاتعاظ من التجربة المصرية واستخلاص الدروس وتوحيد الشعب من خلال كتابة دستور جامع لكل التونسيين، وطالبت بالتنصيص في الفصل 141 على شرطي التناسب والضرورة في مجتمع مدني ديمقراطي، وانتقدت التركيبة المزدوجة في المحكمة الدستورية وبينت أنها يمكن أن تؤدي إلى تسييسها، وعبّرت عن خشيتها من عودة الاستبداد بسبب غياب التوازن بين السلط الثلاث وفسرت ذلك بإطناب بالعودة إلى العديد من الفصول، ودعت إلى التنصيص صراحة على مدنيّة الدولة لأن قراءة الفصل 144 والفصل141 تصاحبهما تأويلات للفصل الأول المتفق عليه، ويمكن من خلال هذه التأويلات فتح الباب لدولة عقائدية. كما دعت النائبة إلى منع التوظيف السياسي والحزبي للمساجد والمؤسسات التربوية وإلى دسترة حق المعارضة والرقابة الديمقراطية للأمن والدفاع. وأضافت أن النقاط الخلافية تكررت على لسان العديد من النواب، وهي ترى أن تكوين لجنة التوافقات هو الفرصة الأخيرة للسمو بالدستور عن التجاذبات السياسية. واستحسن العربي عبيد النائب الثاني لرئيس المجلس الوطني التأسيسي الذي أدار الجلسة هذه المداخلة وقال إنها في جاءت صلب الموضوع، لكن هناك من النواب من طالبه بعدم إبداء رأيه والبقاء على الحياد. التداين الخارجي اكد النائب ضمير المناعي على ضرورة التنصيص بصريح العبارة على التمييز الإيجابي لفائدة المناطق الداخلية على ألا تقل فترته عن خمسين سنة وذلك بهدف تصحيح المسار التنموي. وأشار إلى ضرورة حماية الجيل القادم من تبعات التداين الخارجي وذلك من خلال دسترة عدم اللجوء إلى التداين إلا في حدود أقصاها خمسين بالمائة من الناتج الخام على أن تكون القروض موجهة للتنمية وليس للاستهلاك. كما تطرق لموضوع مدنية الدولة، وبين أن هناك فصلا ينص على مدنية الدولة لكن هناك فصولا أخرى تغرق هذه المدنية. وبينت النائبة سلمى مبروك التي مازالت ترتدي الشارة الحمراء تعبيرا منها عن رفضها لمشروع الدستور أنها لن تتحدث عن مشروع دستور بل على مسودة، نظرا للتحريف الذي حدث كما أنه لا يستجيب لإرادة الشعب. ولاحظت أن الأمر يتعلق بأخذ السيادة من الشعب وإعطائها للأغلبية، وانتقدت تركيبة المحكمة الدستورية وقالت إنها ستكون مسيّسة ولن يعوّل عليها الشعب في مراقبة دستورية القوانين، واستنكرت غياب البعد المتعلق بالمطالب الاجتماعية التي قامت على أساسها الثورة، إذ لم يقع التطرق لمسؤولية الدولة في توفير الشغل، ونبهت إلى مخاطر تحريف الفصول المتّصلة بحقوق المرأة والطفل وبينت أنه لم يقع التنصيص على مقاومة العنصرية واحترام حرمة الوطن واستبعاد البعد المتوسطي لتونس، كما دعت لتسريع نسق أعمال اللّجنة التوافقية قبل الدخول إلى مرحلة التصويت فصلا فصلا، وعبرت عن رغبتها في التوصل إلى نص توافقي..