الحرب..الاحتلال..المرض..التلوث..الجفاف والفقر كلها مآس يمكن أن تفقدنا الحق في الماء وهو الحياة من هذا المنطلق اختارت مصممة الغوريغرافيا والراقصة نوال الاسكندراني الماء موضوعا لعملها الإبداعي الجديد الخاص بافتتاح مهرجان الحمامات الدولي في دورته التاسعة والأربعين تحت عنوان "إلى حد الماء" أو " EAU SECOURS". افتتاح مهرجان الحمامات الذي غاب عنه وزير الثقافة، تميز بنخبوية جمهوره المحب للرقص والمسرح كما حضره عدد من الوجوه الدبلوماسية على غرار السفير الفلسطيني وبعض الفنانين المسرحييّن منهم فاضل الجعايبي وتوفيق الجبالي وعزالدين قنون انطلق عرض "إلى حد الماء" في حدود الحادية عشرة إلا ربع بصعود أجساد شفافة إلى المسرح ترافقها أصوات الأمواج ممزوجة بإيقاعات الموسيقى وغناء جوهر الباسطي..ومع المؤثرات السمعية البصرية للشاشة العملاقة خلف الراقصين يتحرك أبطال "إلى حد الماء" في مختلف اتجاهات المسرح ولكل راقص حكايته مع الماء فالمعضلة تختلف من بلد إلى آخر..البعض يعاني الجفاف والبعض الآخر التلوث وآخرون الحرب والاحتلال ولعّل الحكاية الفلسطينية في عرض "إلى حد الماء" كانت الأبرز وحاولت من خلالها نوال الاسكندراني تسليط الضوء على هذه المأساة، حيث اعتبرت الفنانة التونسية أن افتكاك إسرائيل للماء من الفلسطينيين ثم إعادة بيعه لهم هو جريمة فيما كشف الراقص المصري محمود رباعي أن قدوم صديقة ايطالية لبلاده وشربها للماء وإصابتها بفيروس نقلت إثره للمستشفى جعله يكتشف أن الماء، الذي يشربه كل الشعب المصري ملوث..الحكايات ورغم اختلافها تلتقي في فكرة واحدة وهي أن الماء هو الحياة ومع اللوحات الراقصة لعرض "إلى حد الماء" تستعرض نوال الاسكندراني قيمة الماء في حياة مختلف الشعوب والحضارات من خلال حركات وتصورات راقصيها المحترفين. وكان مشهد الصراع على قطرات الماء لوحة ختام عرضها في إشارة للخلافات السياسية والعنف والتطرف الديني، الذي ينتشر تدريجيا في تونس وبقية دول الثورات العربية نوال الاسكندراني، أكدت اثر افتتاح الحمامات أن عرض "إلى حد الماء" أخذ منها سنتين على مستوى الإنتاج وشهرين ونصف على مستوى التحضيرات مع الراقصين، الذين يمثلون أكثر من بلد حيث ضمّ العرض كوريغرافيين من تونس وفلسطين وفرنسا والبرازيل ومصر مشيرة إلى أن هذا العمل عرف عديد الصعوبات المالية رغم تعدد الأطراف المشاركة في إنتاجه ودعمه ومنها مهرجان رام الله للرقص المعاصر والمسرح الوطني ومهرجان "انتياترو" الايطالي والصندوق العربي للثقافة والفنون تجدر الإشارة إلى أن افتتاح مهرجان الحمامات الدولي في دورته التاسعة والأربعين - المهداة لفلسطين- ورغم نخبوية جمهوره، لم يكن بالبريق الذي عودنا عليه ولعّل الكلمة الافتتاحية لمديره فتحي الهداوي، التي أكثر فيها من الحديث عن الصعوبات خير دليل على المشاكل التي يعاني منها المهرجان كما علمنا من مصادر مطلعة أن تذاكر حفل الافتتاح لم تكن جاهزة في شبابيك البيع