لمناقشة مشروع القانون الجديد المتعلق بإجبار أطباء الاختصاص على العمل لمدة ثلاث سنوات بالهياكل الصحية العمومية، استمع نواب لجنة الشؤون الاجتماعية بالمجلس الوطني التأسيسي أمس بقصر باردو تباعا إلى ممثلي النقابة العامة لأطباء الصّحة العمومية والصيادلة وأطباء الأسنان للصحة العمومية ونقابة الأطباء الداخليين والمقيمين، ثم إلى ممثلين عن النقابة التونسية لأطباء القطاع الخاص، وبعد ذلك إلى وزير الصحة العمومية. ويأتي هذا اللقاء المطول الذي أداره رئيس اللجنة النائب عبد المنعم كرير في إطار مناقشة مشروع القانون المتعلق بتنقيح القانون عدد 21 لسنة 1991 المؤرخ في 13 مارس 1991 المتعلق بممارسة مهنتي الطب وطب الأسنان وتنظيمها والواقع نشره بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية عدد 19 بتاريخ 15 مارس 1991. وينص هذا المشروع على إضافة فصل جديد هو فصل 24 مكرر إلى القانون عدد 21 لسنة 1991 المؤرخ في 13 مارس 1991 المتعلق بممارسة مهنتي الطب وطب الاسنان وتنظيمها ونصه :"يتعين وجوبا على الأطباء المحرزين على شهادة طبيب مختص أو شهادة معادلة ممارسة أعمالهم لمدة ثلاث سنوات بالهياكل الصحية العمومية لمقتضيات الاتفاقيات المبرمة معهم والواجبات المنصوص عليها بالأنظمة الأساسية الخاصة المنطبقة على نظائرهم المنتدبين بالهياكل الصحية العمومية ما لم تتعارض وأحكام القانون ويتمتعون بنفس نظام التأجير والمنح المخولة لهم. وتمنح وزارة الصحة للأطباء المعنيين الذين أتموا المدة المستوجبة للعمل بالهياكل الصحية العمومية شهادة في الغرض تكون شرطا للممارسة في القطاع الحر بصفة طبيب مختص". وعبّر سامي السويحلي ممثل النقابة العامة لأطباء الصحة العمومية والصيادلة وأطباء الأسنان للصحة العمومية، عن رفض النقابة هذا المشروع لأنه لا يحل بمفرده مشكل التفاوت بين الجهات في الخدمات الصحية. وذكر أن حل معضلة منظومة الصحة العمومية يتطلب حوارا جادا بين وزارة الصحة العمومية والأطراف الاجتماعية من أجل إيجاد تصور شامل لتطوير المنظومة الصحية العمومية، وتحسين ظروف عمل الأطباء وتحسين وضعياتهم المالية وتحفيزهم على العمل في القطاع العمومي. وتحدث النقابي بكثير من الحماس عن معاناة الأطباء بسبب النقائص التي يعاني منها القطاع الصحي وفسر أنها عديدة وقدم مثالا عن أقسام أشعة موجودة في مؤسسات صحية عمومية لا تتوفر على أجهزة سكانار. أما سليم بن سعد ممثل الاتحاد العام لطلبة تونس (كلية الطب) فأكد أن مؤسسات الصحة العمومية في المناطق الداخلية وحتى في المناطق الساحلية تعاني من نقص التجهيزات والأدوية وذكر أن حل المشكلة لا يتم باتخاذ خطوات زجرية وبإجبار الأطباء على العمل في القطاع العام. وعبّر عن رفضه هذا المشروع واعتبره شعبويا وعقوبة جماعية للأطباء، كما أثار الشاب مشكلة الاعتداءات المتكررة على الأطباء. أما مجدي المحرسي والطيب الزواوي ممثلا النقابة التونسية لأطباء القطاع الخاص، فبيّنا أنّ الصحة حق لكل مواطن، وهو مبدأ متفق عليه، لكن لا يعني ذلك إجبار الطبيب على العمل في منطقة معينة، واقترحا أن يقوم القانون على الترغيب وليس الترهيب والفرض، وأن يضمن حوافز مادية لأطباء الاختصاص الذين يعملون في الجهات الداخلية، وطالبا بالتقليص من المدة المقترحة في مشروع القانون من ثلاث سنوات إلى سنة واحدة. على أن يقع تنفيذ هذا القانون الاستثنائي على مدى خمس سنوات فقط وتحديد الاختصاصات المعنية بدقة وتوخي الليونة. نقائص فادحة ذكر عبد اللطيف المكي وزير الصحة العمومية أن النقابات من حقها أن تعترض على مشروع القانون، ولكن ليس من حقها تعطيل مسار الإصلاح، لأن تطوير القطاع الصحي لا يمكن أن يتحقق دون توفر أطباء الاختصاص، ولهذا السبب فتحت وزارة الصحة مناظرة لانتداب 308 طبيب اختصاص لكن عدد الأطباء الذين تسلموا مهامهم فعلا بلغ 97 فقط. ويبلغ عدد أطباء الاختصاص حاليا في كامل الجمهورية 1177 منهم 523 في المناطق الداخلية. وأضاف: "هذا المشروع معقول ويندرج في إطار التضامن الوطني، وسيسمح لأطباء الاختصاص بمزيد من الخبرة وسيقرّب طب الاختصاص من المواطن". وطمأن المكي أن توجيه أطباء الاختصاص إلى المناطق الداخلية سيكون في إطار عادل وشفاف. وذكر أن هؤلاء الأطباء سيحظون بنفس حقوق زملائهم مفسرا أن مدخولهم الشهري يمكن أن يصل باحتساب الحوافز إلى خمسة آلاف دينار. وعن سؤال يتعلق بالعلاقة بين الوزارة والنقابة بين أن النقابة تريد أن تعيّن مع الوزارة، المدير ورئيس القسم، وأن تقرر كيفية الإصلاح، وهذا ليس من دورها، إذ يمكنها أن تقترح لكن القرار يجب أن يرجع لأصحاب القرار في البلاد حتى لا يضرب مفهوم الدولة.. وندد العديد من النواب وجلهم من حركة النهضة ب "موقف النقابة الرافض لمشروع القانون" وذهبت النائبة سناء مرسني إلى توجيه نقد لاذع للنقابات وللاتحاد العام التونسي للشغل. وفي المقابل دعا آخرون الوزير إلى التحاور مع النقابة ووضع حد للاعتداءات المتكررة على الاطارات الصحية وتمكين أطباء الاختصاص العاملين في المناطق الداخلية من حوافز مادية إضافية زيادة على تحسين التجهيزات الصحية. وفسّر المكي أن العلاقة بين الوزارة والنقابة ليست نزاعية واستدرك أن تتدخل النقابة في انتداب الأطباء غير مسموح به لأن الانتداب هو وظيفة الادارة ومن يريد أن يتجاوز دور النقابة فيمكنه أن يؤسس حزبا سياسيا ويمارس السياسة ويترشح للانتخابات.