"مشروع ليلى" مجموعة موسيقية لبنانية اختارت نهجا فنيا بديلا.. يغلب على موسيقاها فن الروك وتمزج في إيقاعاتها عالم الشرق بحديث الموسيقى الالكترونية.. بين نغمات كمان العازف "هايغ بابازيان" الحزينة أحيانا والصاخبة أحيانا أخرى وقيتارة كل من "أندري شديد" و"فراس أبو فخر" و"بايس" إبراهيم بدر يعلو صوت مطرب المجموعة "حامد سنّو" متناغما مع ايقاعات "باتري" كارل جرجس.. هم مجموعة من الشباب جمعتهم الموسيقى وولد بعد لقائهم "مشروع ليلى" بين جدران الجامعة الأمريكية ببيروت ليصبح مع مرور السنوات تجربة فنية تستحق المتابعة والتحليل محليا وعربيا. ليلة أول أمس الثلاثاء 23 جويلية الحالي، أطلت مجموعة "مشروع ليلى" على جمهور الدورة التاسعة والأربعين لمهرجان الحمامات الدولي بعد أن كانت قبل ليلة في مهرجان بنزرت الدولي.. ومع الأعداد الغفيرة الحاضرة بمسرح الهواء الطلق بالحمامات، انطلقت سهرة شبابية حماسية كان فيها للرقص النصيب الأكبر.. بعض الجماهير لم تستوعب كلمات أغاني "مشروع ليلى" على غرار "للوطن" أو "عبدو" أو "إني منيبح" لكن الحرفية العالية لأداء هذه الفرقة على المستوى الموسيقي أبهر الحاضرين اليافعين والذين وجدوا الكثير من أحلامهم وتطلعاتهم في روح التمرد والتحرر، التي كانت السمة الأوضح على وجوه وحركات وأداء "مشروع ليلى". أغاني المجموعة اللبنانية المدرجة في خانة الموسيقى العربية البديلة تعرف الكثير من الانتقاد من بعض التقليديين ومحبي كلاسيكيات الفنون فيما تجد تشجيعا كبيرا من فئة أخرى يغلب عليها الشباب المحب لموسيقى الروك وبين هذا وذاك تحقق "مشروع ليلى" إقبالا جماهيريا كبيرا في حفلاتها المحلية والدولية.. مع الكثير من الجدل والإثارة. وليس غريبا أن يرتبط الجانب الأخلاقي بموسيقى الروك منذ نشأتها في أربعينيات القرن الماضي ويعتبرها منتقدي هذا الفن سلاحهم للتعبير عن رفضهم لمضامين الروك ولعّل مجموعة "مشروع ليلى" وقعت في هذا المأزق مع أغنيتها "شم الياسمين"، حين عبّرت عن تجربة عاطفية شخصية ومع ذلك لم تقف تجارب "مشروع ليلى" عند هذه المسألة، حيث قدمت عديد الأغاني الملتزمة بقضايا الوطن والثورات العربية والحياة الاجتماعية والعاطفية وغيرها من التجارب القريبة من الحياة اليومية لأبطالها ولمجتمعات يطغى فيها الكثير من التناقض بين سلوكها ورغباتها ومبادئها.. فالمتابع لأعمال "مشروع ليلى"، التي يكتب كلمات أغانيها المطرب حامد سنّو- ويظهر من خلال مظهره الخارجي وأدائه الحماسي على الركح مدى تأثره بالفنان العالمي الراحل "فريدي ميركوري"- يكتشف صورة الشباب الباحث عن الحرية من كل القيود الأخلاقية والاجتماعية غير أنه في أحيان كثيرة يصطدم بقسوة واقعه وعلو سقف أحلامه وتطلعاته حتى أنه يبدو منهزما ومكتئبا في غنائه ومن بين عباراته المغناة باللهجة اللبنانية يردد حامد سنّو في أغنية إني منيح:" قوم نحرق هالمدينة ونعمر وحدة أشرف.. كان بدي غير العالم مش عارف كيف العالم غيرني.." فيما يقول في أغنية "للوطن":" بس تتجرأ بالسؤال عن تدهور الأحوال يسكتوك بشعارات عن كل المؤامرات..". عرض ليلة أول أمس بمهرجان الحمامات الدولي كان ناجحا على المستويين الجماهيري والفني فيما مازالت مسألة التنظيم في حاجة لكثير من المجهودات حتى يتسنى للجمهور التمتع بسهرته ويتمكن- في الآن نفسه- الإعلاميين من أداء مهامهم. تجدر الإشارة إلى أن "الصباح" التقت مجموعة "مشروع ليلى" إثر العرض وفي سؤالنا حول القيم التحررية، التي تدعو لها هذه الفرقة الموسيقية في مضامين أعمالها وهل أن "مشروع ليلى" أكبر من مجرد تجربة فنية، أكد لنا مغني المجموعة حامد سنّو أن الموسيقى هي هدفهم الأول والتجربة، التي جمعتهم مشيرا إلى أن ما يهمهم أكثر من تغير قيم أو التأثير على جماهيرهم هو الحفاظ على مصداقيتهم في انتاج أعمالهم والعلاقة الصادقة التي تربطهم بجمهورهم. أمّا عن مسألة النقد، الذي يطال أعمالهم في لبنان أو خارجها فأوضح عازف القيتار فراس أبو فخر أن النقد الفني في العالم العربي أغلبه انطباعي ولا يقوم على أسس موضوعية وقليلون من يملكون القدرة ومهارة النقد البنّاء." وعن ألبومهم القادم بعد "مشروع ليلى"(2009) و"الحل الرومانسي"(2011) بين المسوؤل عن الفرقة الموسيقية اللبنانية أن الألبوم جاهز تقريبا وما يعرقل صدور أعمالهم هو قلة الدعم المالي وغياب المنتجين الذين يشاركونهم الرؤية الفنية وكان حامد سنّو قد غنى خلال سهرة مهرجان الحمامات الدولي أغنية "بحر" من ألبومهم الثالث الذي سيصدر قريبا.