الحراك الثقافي في تونس هذه الأيام بدأ يتجه أكثر للشارع بعد اغتيال الشهيد محمد البراهمي ولعل الحركة الثقافية الثورية كانت أبرز الهياكل، التي نشطت ضد عمليات الاغتيال والممارسات القمعية خاصة وأنها كانت تستعد منذ فترة للتمرد على الواقع الثقافي المهمش في البلاد والذي أصبح أكثر خطورة بعد تعدد الاعتداءات على الفنانين والمثقفين.. اغتيال الكلمة الحرة هو أفضل محفز للنخبة حتى ترفض الانصياع والمطالبة بالحفاظ على مكاسب البلاد من حريات عامة وفردية وحقوق الرأي والتعبير والإبداع. الحركة الثقافية الثورية كانت حاضرة بمؤسسيها ومناصريها ليلة الجمعة وفي ساعات الصباح الأولى من يوم أمس السبت أمام المسرح البلدي بالعاصمة ثم توجهت بدعم من القوى الوطنية إلى المجلس الوطني التأسيسي بباردو رافعين شعارات تندد باغتيال محمد البراهمي وتطالب بحل المجلس وإسقاط الحكومة. من جهتهم ساند المنتمون للحركة الثقافية الثورية المقيمين بعدد من الدول الغربية التحركات على غرار ما حدث بسويسرا وألمانيا حيث خرج في العاصمة برلين مثقفون تونسيون ومصريون رافعين صورا للشهيدين محمد البراهمي وشكري بلعيد. نزول النخبة الثقافية للشارع دعما لمختلف القوى الوطنية ومكونات المجتمع المدني يمكن أن يؤجج بقية التونسيين الساخطين على حال البلاد السياسي والاقتصادي على غرار ما حدث في مصر فقد كان لاعتصام المثقفين وغضبهم دور كبير في تأجج الشارع المصري وتأطيره. وفي هذا السياق، شددت المخرجة المصرية نيفين شلبي على أن مصر لن ترضخ للإرهاب والعنف مشيرة إلى أن مسار تصحيح الثورة في مصر وتونس متواصل وعن اغتيال الشهيد محمد البراهمي، قالت مخرجة الوثائقيات المصرية: "تشرفت بلقاء وصداقة الشهيد الثوري التونسي محمد البراهمي، الذي تم اغتياله غدرا.. فهذا الرجل ساعدني عندما ذهبت لتونس لأول مرة بمفردي لتصوير فيلم عن الثورة التونسية وساعدني بكل حب وود لمجرد كوني مصرية لعشقه لمصر وحبه لجمال عبد الناصر". ورغم خصوصية كل بلد والفرق الشاسع بين قيمة الفن والثقافة في مصر وقدرتها على التأثير على اقتصاد البلاد وسياستها وبين القطاع الفني والثقافي المهمش في بلادنا إلا أن نخبتنا بأعدادها القليلة عليها اليوم تحمل مسؤوليتها التاريخية في تأطير ثورة تفتقر لكثير من الوعي الفكري والسياسي نسجا على المنوال المصري حتى لا يسيطر الإرهاب على مختلف أوجه حياتنا وتتخذ الثورة التونسية مسارها الصحيح. "لا للعنف لا للإرهاب" هي المليونية المصرية، هي الحشود بالملايين التي خرجت أول أمس بالقاهرة تنديدا بالإرهاب ورفضه رفضا قطعيا وشارك في صفوفها الأمامية فنانو مصر بدعم من نقابتهم وبمساندة رموزهم الفنية ونجومهم ومنتجيهم على غرار عادل إمام وخالد يوسف وأحمد السقا والهام شاهين وحسين فهمي ونادية الجندي ونبيلة عبيد وميرفت أمين ومحمود قابيل ونيلي كريم.. فهل يكون هذا المشهد في الأيام القليلة القادمة تونسيا؟؟