نعيش في تونس مرحلة جد صعبة ولعلّه لم يسبق لنا ومنذ عقود طويلة أن واجهنا تحديات بمثل حجم وخطورة التحديات التي نواجهها اليوم. الشارع في حالة غليان على وقع تكرار الإغتيالات السياسية المسار الديمقراطي متعثر والثقة شبه مفقودة بين مختلف الأطراف السياسية والإجتماعية الفاعلة في البلاد والأخطر من ذلك أن تونس أصبحت في حرب مفتوحة ضد الإرهاب. المشهد العام ضبابي بل مظلم. فنحن مازلنا لم نستوعب جيدا عملية الاغتيال السياسي الثانية التي استهدفت الشهيد محمد البراهمي النائب بالمجلس الوطني التأسيسي والمنسق العام للتيار الشعبي والقيادي بالجبهة الشعبية حتى نزل خبر استهداف الإرهابيين لجنود تونسيين في جبل الشعانبي بالقصرين والتنكيل بجثثهم أياما قليلة بعد اغتيال الشهيد البراهمي نزول الصاعقة. الوضع ازداد احتقانا وضاعف في حجم الإنفعال والغضب لدى قسم هام من الشعب التونسي الذي خرج في مظاهرات بالعاصمة وبالجهات وعدد منهم مدعوم بالنواب المنسحبين من المجلس الوطني التأسيسي دخلوا في اعتصام الرحيل أمام المجلس الوطني التأسيسي بباردو إلى غاية الإستجابة إلى مطالبهم والمتمثلة في اسقاط الحكومة وحل المجلس الوطني التأسيسي.الوضع صعب في ظل استماتة النظام في التمسك بشرعيته الإنتخابية ولا نعرف كيف نخرج من عنق الزجاجة. ومع ذلك لا بد من حلّ. لا بد أن يكون هناك حلّ صحيح لقد تبين أن هناك من يريد استدراجنا إلى منطق جديد. صحيح دخل الإرهاب على الخط وتبيّن أن العصابات الإرهابية والمجموعات المتشددة التكفيرية وأعداء السلم في البلاد وأعداء الدولة المدنيّة والمنقلبين على مكاسب الحداثة في البلاد جادّون في مخططاتهم ومع ذلك لابد لنا ورغم قتامة المشهد أن نبحث عن أي بقعة ضوء وأن نتشبث بأيّ بادرة وطنية جادة وبأي أمل يلوح لتجاوز مرحلة الخطر. ولعلّ حزب حركة النهضة الذي يضطلع بمسؤولية كبيرة في ما تعيشه تونس من اضطرابات بحكم تصدّره لقدر هذا البلد ولأن الشعب أمّنه على عملية الإنتقال الديمقراطي, لعله أمام أصعب الإمتحانات,امتحان يثبت هذا الحزب من خلاله وفي مرحلة خطيرة كالتي تعيشها بلادنا أنه يحسن تغليب مصلحة الوطن. مطلوب منه على الأقل أن يكف عن تحميل المسؤولية للغير فالإخفاق في قيادة المرحلة في اتجاه تحقيق أهداف الثورة والمتمثلة بالخصوص في تغيير واقع التونسيين الإجتماعي تغييرا ايجابيا وضمان الحريات وبناء أسس الديمقراطية وعودة الأمن يتحمل فيه المسؤولية بدرجة عالية. مطلوب منه أن يقتنع أخيرا أنه إن حدث وسقط حكمه فإن المسؤولية تتحملها "الترويكا" بقيادة حركة النهضة لأنها لم تنجح في اجتياز امتحان الحكم. مطلوب منه أن يدرك أن الشرعية ليست صكا على بياض تماما مثلما هو مطلوب من بقية الأطراف السياسية والإجتماعية والنخب الثقافية أن تدرك جيدا أن بلادنا لن تتحمل من هم بلا برنامج حقيقي. بلادنا لن تتحمل مغامرين سياسيين جددا